لا يجادل اثنان على أن المغرب من البلدان التي تعج بطاقات ابداعية شابة هامة، هذه الطاقات التي حاولت التأقلم بشكل أو بآخر مع بنية القطاع الثقافي والابداعي المغربي، واحداث ثقب ولو ضيق بهذه البنية حتى تتمكن من إخراج عصارتها للعلن، رغبة منها لانتزاع اعتراف الآخر بمؤهلاتها وسعيا منها لتعزيز مكانتها، كجيل له حقوق وعليه واجبات ابداعية تستلزم الاعتراف والتكريس. المخرج والناقد السينمائي الدكتور عزالعرب العلوي لمحرزي طاقة شبابية ابداعية مركبة حقق ذاته بين تجليات الواقع بمرارته وطموح المستقبل بخياله وحلمه، بدايته الأولى كانت مع نادي النخيل السينمائي، لتتوج سنة 1985 بانجاز أول فيلم قصير هاو (أنقذوني) وهي أول تجربة له في الاخراج، إلا أنها رغم تواضعها تعتبر أول خطوة أكيدة على درب تحقيق الممارسة الفعلية للاخراج السينمائي والإحتكاك المباشر به، في سنة 1989 أتيحت له فرصة حضور تصوير فيلم (البحث عن زوج امرأتي) لعبد الرحمن التازي، والاحتكاك بطاقمه داخل البلاتو مما أكسبه القدرة على بناء جسر بين العمل الهاوي كبداية والعمل الاحترافي كمستقبل يلزم الاطلاع والتكوين لتوفير مناخ صحي للممارسة الفعلية الشيء الذي ساعده على خوض أول تجربة احترافية سنة 1992 بصفته مساعد مخرج مع الجيلالي فرحاتي في فيلم(خيول الحظ) ليصقلها بعد ذلك من سنة 1994 الى 1996 بعدة ورشات تكوينية مؤطرة من خبراء سينمائيين عالميين، وكانت هذه الورشات تحت اشراف(جمعيات الفيلم المتوسطي بفاس). كان أول دبلوم للدراسات العليا يهتم بالنقد السينمائي في المغرب من توقيعه سنة 1996 وكان تحت اشراف المرحوم محمد الكغاط، في سنة 1998 كانت بدايته مع التلفزة المغربية وبالضبط مع القناة الأولى حيث أنجز لها العديد من البرامج التلفزية من بينها(الثانويات العتيقة، هؤلاء التلاميذ...)، في سنة 2001 أنهى مشواره الدراسي بمناقشة رسالة الدكتوراه في الخطاب السينمائي، ليتفرغ بعد ذلك للعمل الأكاديمي والسينمائي ، فكانت أولى ثمارته سلسلة من الأفلام الوثائقية لصالح القناة الأولى. نذكر على سبيل المثال منها (أعلام سياح، زحف الاسفلت، الخيط والابرة...). التحاقه بالعمل الأكاديمي لم يمنعه من التحصيل السينمائي حيث حصل على شهادة الاخراج السينمائي والتلفزي بكندا الشيء الذي منحه القدرة أكثر على استيعاب خصوصية السينما والتعمق في جذورها، وجعله يخوض تجارب متعددة اكثر احترافية من سابقاتها فتكون لديه ربرتوارا سينمائيا لابأس به فكان الشريط السينمائي القصير(بيدوزا) 2005 في مقدمة لائحته لتتلاحق بعده أعمال أخرى لامست التطور الذي عرفه عز العرب بصفته مخرجا، ليبدأ بعد ذلك في تثبيت خطواته في هذا المجال و قد ضمت هذه اللائحة كلا من الأفلام التالية (فيلم جزيرة يوم ما، فيلم موعد في وليلي الذي حصل على العديد من الجوائز، فيلم حطة الأرز وهو فيلم انجز بمناسبة الحرب على لبنان، فيلم إزوران سنة 2008 و قد كان هذا الفيلم تجربة ممتازة نالت استحسان الجمهور داخل وخارج المغرب لكونها اهتمت بالكتابة البصرية بشكل ابداعي اكسبها القدرة على الفصل بين فترتين من مسيرة عزالعرب السينمائية، وقد حصل هذا الفيلم على عدة جوائز مغربية وعالمية. اتخذت أشرطته التلفزية الأخيرة مسارا أكثر عمقا ونضجا واختلفت فيما بينها شكلا ومضمونا وارتكزت على وسائل تقنية وابداعية أكثر اقناعا واحتوت مواضيع ذات حمولات اجتماعية تنوعت بين دراما (فيلم مسحوق الشيطان، فيلم بيت من زجاج...) وكوميديا سوداء(فيلم الرقاص). يعتبر فيلم (اندرومان) أول فيلم سينمائي طويل له، وقد تطرق فيه لموضوع المرأة ومعاناتها في القرى الهامشية لكن بقالب مختلف تماما عن الأفلام المغربية الأخرى التي تناولت نفس الموضوع. يبقى أن نشير الى أن عزالعرب العلوي من بين المخرجين السينمائيين المغاربة القلائل الذين جمعوا بين النقد والاخراج وكونوا في فترة وجيزة تراكما ابداعيا مهما، و يعتبر كتابه(المقاربة النقدية للخطاب السينمائي بالمغرب) مرجعا مهما ينهل منه الطلبة والمهتمون بالسينما المغربية، ولايفوتنا هنا أن نذكر أن عزالعرب يحضر لمشروع سينمائي سيكون اضافة مهمة للسينما الوثائقية العربية وسيتناول فيه أسد الريف عبد الكريم الخطابي. فؤاد زويريق خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة