عندما تتمحص مسيرة كرة القدم الهولندية لن تندهش من التميز الصارخ ..سواء في اللاعبين أو في طريقة تفكيرهم داخل الملعب و لم يكن ذلك لينعكس على أن نجومهم العمالقة مثل كرويف وريزنبربغ أو نيسكنس يصلون التوازي مع كبار اللاتنيين كالبرازيليين أو الأرجنتينيين..ولكن سيكبر الاندهاش ..لأن الفكر في كرة القدم له علاقة تؤثر في كل المحيط ..والفكر هو بالتأكيد للمدربين العباقرة الذين حولوا اللعبة إلى فلسفة لعب تدرس و تخضع للقاربة مع علوم المسطرة والبيكار .. وترك المدرب رينيس ميشلز..ما يمكن أن نسميه فكرا كرويا ..أحدث وقتها انقلابا في الرؤية و مازال حتى الآن يمارس و ضمن أعلى مستوى .. رينيس ميشلز مبتكر الكرة الشاملة جاء ترتيبه الأول في أوروبا و العالم من بين خمسين مدربا عبر كل وأكرر كل تاريخ كرة القدم ..وقد أكمل تنفيذ فلسفته تلميذه جوهان كرويف في نادي برشلونة الاسباني ثم أكمل المسيرة تلميذ كرويف بيب غوارديولا و مع نفس الفريق..و قد أطلق على هذه الفلسفة – التيكي تاكي – وأؤكد مازالت كل أندية و منتخبات العالم تنهل منها ..إن لم تكن بعينها فنصفها أو كلها إلا قليلا.. الفلسفة بسيطة نظريا و في غاية الصعوبة تنفيذا وهي .. الاستحواذ على الكرة – الضغط عند افتقادها – الجري بذكاء – الخوج الجيد بالكرة من الخلف – البقاء حاضرا من دون مفاوضة في اللعب . وأرجو من المدربين و المحللين الذين يتحول بعضهم على الشاشات أن يشرحوا بعض أساسيات هذه العبقرية . وقد نترك هذا الملف الشائك لأنه يحتاج تناولات عدة و نسأل ..كم مرة اعتمدت فيها الكرة الهولندية سواء في منتخبها أو أنديتها على قلب هجوم ..لن تجد إلا لماما و من دون تميز ..بل كم هي المنتخبات الأوروبية التي اعتمدت بشريا و تكتيكيا على قلب الهجوم القار أو حاليا المتحرك ..في ألمانيا كان جيرد ميلر و بعده روباش و في إيطاليا كان باولو روسي ..و الباقي قامات وقوة متعاركة يحركه المدربون لالهاء المدافعين أو يلعبون من دون كرة و طبعا يسجلون أحيانا ..أي أن قلب الهجوم لم يعد له تلك الأهمية السابقة التي عاشتها بعض الحقب في كرة القدم ..لأن مثل الألماني مولر من الصعب جدا أن تجد له مثيلا ..حتى أن مدربه هيلموت شون قال ..من الغباء أن يكون لديك موهبة تهديف نادرة و لا تبني أساسيات تكتيكك عليها ..أما مدرب المنتخب الايطالي فلانه يعرف القدرات المستحيلة لباولوروسي وكان على بعد زمن قصير من كأس العالم باسبانيا 1982..فقد بحث جادا عن الاستثناء و أخرج باولو روسي من السجن و ذهب به لمونديال اسبانيا ..حيث تعرض لهجوم لم يتعرض له أي مدرب من قبل و ربما من بعد من كل وسائل الاعلامي في ايطاليا ..الرياضية و غير الرياضية ..لكن المدرب بيرزوت كان واثقا فأحرز كأس العالم و…أحرز باولو روسي لقب أول هداف لبطولة شارك فيها البرازيليون بفريق من السحرة أو هكذا لقبوهم .. ..و لو سلنا عن هم و أقوى قلب هجوم مر في كرة القدم المغربية ..هل فرس هل حميدوش هل كريمو هل الشماخ أو العرابي و أتمنى أن لا أكون قد سهوت عن إسم له وزنه ..والآن نجد وحيد مدرب المنتخب المغربي يبحث عن قلب هجوم و يلح في ذلك حتى أنه همش انضباطيته القاتمة و استدعى اللاعب عبد الرزاق حمد الله الذي غادر تجمع النخبة سابقا من دون إذن ولا أحد يعرف الأسباب الحقيقية بالضبط.. والذي يعرفه الجميع أن حمد الله لاعب مبدع يستحق حمل قميص بلده بكل استحقاق ..إضافة إلى أخلاقه وسلوكياته الانسانية الرائعة ..وفقط نرغب أن نمرر رسالة إلى المدرب وحيد أن شجرة واحدة لا تصنع الغابة و أن حمد الله من دون تدفق هجومي ضاغط و فعال و من دون وصول ذكي للكرات متاحة في مساحته ..سيجد وحيد نفسه ضمن مأزق أخر..ولن يحدث ذلك أمام موريطانيا أو ما بعدها و لكن ..للبقية أحاديث .. فالكرة الافريقية مليئة بالأعاجيب ..