إذا تمكن المغرب من توظيف خبراته العسكرية والأمنية، عبر قواته المسلحة الملكية (FAR)، لإنشاء إطار تعاون أمني وعسكري مع موريتانياومالي، فقد يكون أمامه فرصة استراتيجية غير مسبوقة لتعزيز دوره في منطقة الساحل والصحراء. منذ فترة طويلة، يعاني مالي من تهديدات إرهابية متكررة تنطلق من المناطق الحدودية، حيث يتسلل المسلحون عبر الأراضي الموريتانية إلى جنوب غرب البلاد، وهي المناطق التي تعتبر حيوية من الناحية الاقتصادية والأمنية. الفكرة المقترحة تتمثل في أن يتعاون كل من موريتانياومالي على تركيز الجهود في تأمين أراضيهما "الحيوية"، وهي المناطق التي تشكل قلب الاقتصاد والتطور في كل بلد، على حساب المناطق الصحراوية غير المأهولة والتي يصعب تأمينها. هذه الاستراتيجية تتطلب إعادة تقسيم المهام بين الدولتين لتوحيد جهودهما في حماية المناطق التي تعاني من التهديدات الأمنية. في هذا السياق، يمكن إقامة "خطوط دفاعية" تتألف من سلسلة من الحصون، الجدران الرملية أو الحجرية، والألغام لحرمان الجماعات المسلحة من الوصول إلى هذه الأراضي المهمة. من خلال هذه الاستراتيجية، يمكن أن يتم استثمار الأراضي المحمية بشكل أكبر في مشاريع تنموية، مثل السياحة الدولية الآمنة التي ستجذب الزوار الأجانب، إضافة إلى تطوير التجارة بين الدولتين. علاوة على ذلك، سيمكن هذا التعاون من تحسين التنسيق الاقتصادي، حيث أن كلا البلدين يواجهان تحديات مشتركة في سبيل تعزيز اقتصادهما، وهو ما سيعود بالنفع على المغرب بشكل غير مباشر عبر تعزيز استقرار المنطقة. إن الوضع الحالي يقدم فرصة فريدة للمغرب: العلاقات بين مالي والجزائر في تدهور مستمر، والجزائر نفسها تواجه تحديات داخلية وخارجية تجعلها أقل قدرة على التفاعل مع الأزمات في منطقة الساحل. وفي المقابل، تشير العديد من المؤشرات إلى أن موريتانيا بدأت تميل نحو تعزيز علاقاتها مع المغرب بشكل أكبر، ما يفتح المجال أمام تعاون أمني وعسكري قد يساهم في إعادة رسم ملامح النفوذ في المنطقة. إذا تم تنفيذ هذا التعاون بنجاح، فإن المغرب سيكون في موقع قوي لاستثمار هذه الفرصة الاستراتيجية ليس فقط لتعزيز أمنه، ولكن أيضًا لتعزيز نفوذه الإقليمي في غرب أفريقيا.