أعادت وقائع المواجهة الدائرة حاليا بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، الى واجهة النقاش نظرة وسائل الإعلام الغربية للحركة، و الصورة التي كونتها عن حماس؛ خاصة في خضم توالي الواجهة مع إسرائيل. في المجمل تنظر وسائل الإعلام الغربية إلى حماس ك"حركة إرهابية"؛ خاصة بعد تداول خبر تناقلته كبريات الصحف و المحطات و الشبكات الإخبارية الدولية، مفاده تنفيذ أفراد كتائب القسام "عمليات ذبح لأطفال ورضع إسرائيليين خلال الهجوم على مستوطنات غلاف غزة". و سارعت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إلى عنونة غلافها: "أطفال بُترت رؤوسهم: 40 طفلًا قتلوا رميًا بالرصاص"، حسب ادعاءاتها، فيما كتبت "ذا تايمز البريطانية، على صفحتها الأولى، "حماس تذبح حناجر الرضع". بالعودة إلى مصدر هذا الخبر، سنجد أن الصحافية مراسلة قناة I24 الإسرائيلية، نيكول زيديك، عمدت إلى نقل تصريحات عن مسؤولين إسرائيليين جاء فيها أنّهم عثروا على جثث لأربعين رضيعًا برؤوس مقطوعة في مستوطنة كفار عزا؛ وذلك بعد تنفيذ حركة حماس لعملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الجاري؛ تخللتها عمليات قتل وأسر نفذتها عناصر حماس ضد جنود إسرائيليين. حركة حماس ردت على هذه الدعاية الإعلامية الغربية المغرضة، نافية ما وصفتها ب"ادعاءات نشرتها وسائل إعلام غربية وتتهم الحركة ب"قتل أطفال وقطع رؤوسهم واستهداف مدنيين" في إسرائيل، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام الغربية تتبنى بشكل غير مهني الرواية الصهيونية المليئة بالأكاذيب والافتراءات على شعبنا الفلسطيني ومقاومته". أما صحيفة "تايمز" البريطانية فقد اعتبرت بقلم الكاتبة البريطانية ميلينا فيليبس، أن "وحشية حماس هي الأسوأ منذ المحرقة"، بل ذهبت أبعد من ذلك حينما زعمت أن " نحو 1000 من إرهابيي حماس اقتحموا السياج الحدودي، وهاجموا المجتمعات في البلدات والقرى والكيبوتسات في جميع أنحاء جنوب البلاد. وكان هدفهم القتل الجماعي للمدنيين الإسرائيليين". أما هيئة البث البريطانية "بي بي سي"، فيلاحظ توظيفها لمصطلحين بدلالتين مختلفتين؛ حيث تستخدم في وصف شهداء غزة فعل "ماتوا"، وفي وصف القتلى الإسرائيليين فعل "قتلوا"، في إشارة إلى أن الإسرائيليين قتلتهم حركة حماس، وضحايا غزة قُتلوا بالخطأ، أو أن الاحتلال لم يستهدفهم. بدورها لم تخرج صحيفة "إيكونومست" عن خط ما يعتبره خبراء الإعلام تحيزا اعلاميا"، حيث نشرت مقالا بعنوان، "الرهائن الإسرائيليون يواجهون محنة مرعبة"، و وصفت الصحيفة يوم انطلاق "طوفان الأقصى" بيوم الرعب وأن حماس "اختطفت عددا لا يحصى من الإسرائيليين، من مدنيين وجنود. صحيفة "نيويورك تايمز"، كتبت في افتتاحيتها : "الهجوم على إسرائيل يتطلب الوحدة والعزيمة"، مؤكدة أن "الهجوم الإرهابي الوحشي الذي شنته حماس على إسرائيل، هو مأساة قد تغير مسار الأمة والمنطقة بأكملها". في واقع الأمر نظرة الإعلام الغربي لحركة حماس ك"منظمة إرهابية"، مرده إلى تصنيف عدد من المنظمات الدولية للحركة ضمن "التنظيمات الإرهابية"؛ من قبيل الاتحاد الأوروبي، الذي قرر في مارس 2015، إبقاء حركة حماس على قائمتها السوداء المتعلقة بالإرهاب. الإعلام الغربي يرى أيضا في قرار ألمانيا عبر مستشارها الألماني شولتس، حظر أنشطة حماس والمنظمات المرتبطة بها في ألمانيا، بعد هجماتها الأخيرة ضد إسرائيل؛ مسوغا لاعتبار حركة حماس "تنظيما إرهابيا". حماس "حركة إرهابية" وصف لازال مهيمنا على غالبية وسائل الإعلام الغربية، إن لم نقل جلها؛ و الذي تبرره هذه الوسائل بتصنيفات التقارير الدولية و بعض المنظمات و الدول التي تضع "حماس" ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية؛ غير أن عملية طوفان الأقصى، و الرواية السائدة دفعت الإعلام الغربي إلى التمسك باوصافه و اعتبار "حماس" حركة إرهابية.