يعيش النظام العسكري الجزائري عزلة دولية لا تخطئها العين؛ مع تراجع أسعار النفط على الصعيد العالمي، و انفجار أزمة النيجر؛ وهو ما يهدد شراكات الجارة الشرقية مع بلدان العالم. ويحمل تراجع أسعار الغاز و البترول، مخاوف جزائرية من أن يشمل هذا التراجع، صادرات الجزائر الغازية نحو القارة الأوربية، حيث أن قرار وزراء الطاقة بالاتحاد الأوروبي تسقيف أسعار الغاز بالأسواق العالمية، المتخذ في يناير الماضي، لا يلتزم بقواعد السوق المرتبطة بالعرض والطلب، كما أن الأوروبيين بقرارهم يعرقلون سوق المحروقات، وهذا ما يؤدي إلى خفض الأسعار ويثير مخاوف الجزائر، باعتبار النفط المصدر الأساسي لمداخيلها. من جهة أخرى، أظهرت أزمة النيجر، ضبابية المواقف الجزائرية، حيث ما زال الموقف السياسي للجزائر من التطورات الراهنة في النيجر، متجمداً عند نقطتين أساسيتين: رفض الانقلاب والدعوة للعودة إلى المسار الدستوري من جهة، ورفض أي تدخّل عسكري في النيجر، دون ظهور أية بوادر من الجانب الجزائري لإمكانية القيام بمبادرة وساطة، أو خطوات للمساعدة في حل الأزمة وتجاوزها. الموقف الجزائري يعزى إلى أن جنرالات قصر المرادية وضعوا لنفسهم حاجزاً هو عدم الاعتراف بالانقلاب في النيجر، ما يجعل الجزائر تُحجم عن الذهاب إلى نيامي، ومن جهة أخرى لا تريد فتح جبهة مواجهة سياسية مع دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وحليفتها فرنسا، ما يجعلها تأخذ الوقت حتى تتحصن بالمواقف الدولية. كما يلجأ النظام العسكري الجزائري في الغالب إلى عدم اتخاذ مواقف حاسمة، عكس دول إيكواس، نظراً لتعقد الوضع الداخلي في النيجر وتأثيراته خارجياً، حفاظاً على مصالحه الحيوية التي تبرز أساساً في سياسة حسن الجوار والدفاع عن المصالح القومية الاقتصادية ضمن فضاء إقليمي شديد التوتر والهشاشة وعرضة لكل أشكال التهديدات الأمنية. و تظل الجزائر مرشحة لأن تتحمل جزءاً من التبعات الإنسانية بسبب النزوح والهجرة الجماعية المرتقبة، في حال دخول المنطقة في أتون أزمة إنسانية وأمنية خطيرة في حالة الدخول في حرب ضد الانقلابين في النيجر، إضافة إلى التبعات الأمنية المتصلة بالمخاطر البارزة والعودة اللافتة للتنظيمات وللجماعات المسلحة للنشاط في كامل المنطقة. علاوة على ذلك، من المرجح أن تؤدي أزمة النيجر، إلى تعطل مصالح اقتصادية ومشاريع حيوية، توجد في مرحلة التشكل مع النيجر وعموم دول الساحل، على غرار تنقيب شركة "سوناطراك" الجزائرية عن النفط شمال النيجر، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-الجزائر، مروراً بالنيجر، ومشروعي الطريق وخط الألياف البصرية العابرين للصحراء، والتعويل على إنشاء منطقة تجارة حرة في شمال النيجر.