عقد حزب التجمع الوطني للأحرار، أشغال مجلسه الوطني، انسجاما مع مقتضيات نظامه الأساسي، يوم 11 فبراير 2023 بمقره المركزي بالرباط، في جو طبعته التعبئة والالتزام من أجل إنجاح هذه المحطة التنظيمية الهامة، التي شكلت من جهة، محطة للوقوف حول مساهمة الحزب داخل المؤسستين التنفيذية والتشريعية، ومن جهة أخرى فرصة لتقييم أداء الحزب على مستوى هياكله التنظيمية. وفي مستهل أشغال المجلس، قدم الأخ الرئيس عرضا سياسيا أمام أعضاء المجلس الوطني، تطرق فيه لجملة من القضايا السياسية وكل المستجدات التنظيمية وعمل الحكومة ونجاحها على مختلف المستويات والأصعدة في تنزيل عديد الإصلاحات، خاصة ما يتعلق بتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية وتقوية المنظومة الاقتصادية. وبعد الاستماع إلى العرض السياسي للأخ الرئيس، انتقل المجلس الوطني، للمناقشة والمصادقة على الحسابات السنوية لسنة 2022، ثم المناقشة والمصادقة على مشروع ميزانية الحزب لسنة 2023، ثم المصادقة على اعتماد هيئات موازية، تمثلت في منظمة الكشاف التجمعي المغربي. إن المجلس الوطني، إذ يحيي عاليا صانع دولة حقوق الانسان، جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، الذي دشن عهده بفتح ملفات حقوق الانسان بشجاعة عالية وارادة كبيرة عبر إقرار هيئة الانصاف والمصالحة ومدونة الأسرة، فإنه يستحضر ما راكمته بلادنا من تجربة حقوقية رائدة وسَّعت من مجال الحريات وحققت مصالحة تاريخية، وينوه في الآن ذاته بالموقف الشجاع للبرلمان المغربي، القاضي بإخضاع علاقاته مع البرلمان الأوروبي لتقييمٍ شاملٍ لاتخاذ القرارات المناسبة. مشددا على أن المغرب الذي ظل قويا وموحدا ومتماسكا، سيحافظ دائما وبشكل ارادي على ريادته في مجال حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، باعتبارها ثوابت دستورية توافق عليها جميع المغاربة برعاية جلالة الملك حفظه الله. وإيمانا من التجمع الوطني للأحرار بمركزية قضية الصحراء المغربية، ينوه المجلس الوطني للحزب بالمكاسب التي حققتها الدبلوماسية الوطنية، تحت قيادة جلالة الملك، محمد السادس نصره الله، في هذا الملف، وهو ما يعكسه توالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء وتواصل افتتاح قنصليات مجموعة من الدول الصديقة والشقيقة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، كتتويج لوجاهة المقاربة الملكية في تدبير هذا الملف، مشددا في ذات الوقت على ضرورة التحلي باليقظة وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية ومواصلة التعبئة الشاملة لكل المغاربة، للتصدي لمناورات أعداء الوحدة الترابية للمملكة. وانسجاما مع قناعاته بمركزية القضية الأمازيغية في تكريس الطابع التعددي والغني للثقافة والهوية الوطنية، فقد استحضر المجلس الوطني، بكل اعتزاز، ما قامت به الحكومة وفاء بالتزاماتها وتعهداتها في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، لتبويئها مكانتها المحورية في النسيج الهوياتي الوطني. وإذ يستحضر حزب التجمع الوطني للأحرار الإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني المغربي في مونديال قطر 2022، وكذا العمل الكبير الذي قام به اللاعبون والطاقم التقني والإداري والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فإنه يعتز بالعناية الكبيرة التي تحظى بها الرياضة الوطنية عموما لدى الرياضي الأول، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهو ما أكده تقاسم جلالته فرحة الانتصارات الباهرة للمنتخب الوطني لكرة القدم مع شعبه، إضافة إلى استقباله للاعبي النخبة الوطنية وأمهاتهم، ما يعكس العراقة المغربية وتلاحم العرش والشعب، ويخلد للحظة فخر جماعي بما تم تحقيقه، و يساهم في إشعاع صورة المملكة المغربية على كافة الأصعدة بقيادة جلالة الملك. وخلال أشغاله، ناقش المجلس الوطني بإسهاب كبير التقرير السياسي للأخ الرئيس الذي تناول السياق الدولي الصعب، الذي تحمل فيه الحزب مسؤولية قيادة الحكومة، في ظل استمرار انعكاسات الجائحة، التي أنتجت تحولات عميقة وما صاحبها من ضغوطات تضخمية وارتفاع أسعار المواد الأولية والغذائية عالميا، والتي أرخت بظلالها على وضعية الاقتصاد الوطني، وتسببت في تكاليف إضافية للأسر وللمحفظة المالية للدولة على حد سواء. وفي مقابل ذلك ثمن المجلس الوطني تعاطي الحكومة مع هذه الوضعية، من خلال مباشرتها سلسلة من التدابير الهادفة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، (عبر الرفع من اعتمادات صندوق المقاصة– دعم جملة من المواد الأساسية كالغاز والدقيق والسكر والكهرباء– تخصيص دعم لمهنيي النقل للتحكم في كلفته – مجانية التأمين الاجباري على المرض لحوالي 4 ملايين أسرة هشة مع تغطية 100 % من النفقات الصحية في المستشفيات– الرفع من الحد الأدنى للأجور مع زيادة التعويضات العائلية– تخفيض الضريبة على الدخل وتسويات الترقيات المجمدة سنتين– الغاء رسوم او تخفيض الحد الأدنى للأدوية – تشجيع الحصول على السكن – الرفع من ميزانيتي الصحة والتعليم لتصل الى 100 مليار درهم) إلى جانب استكمال دينامية الإصلاحات المهيكلة، وإطلاق جيل جديد من الأوراش والالتزامات التي تضمنها البرنامج الحكومي، وفق منهجية تأخذ بعين الاعتبار منسوب الانتظارات المعلقة، وتجاوز مختلف التحديات المستجدة وطنيا ودوليا. كما نوه المجلس الوطني بمختلف المبادرات الحكومية التي تم اتخاذها في ظرف زمني قياسي، والتي مكنت من تحقيق حصيلة مرحلية غنية خاصة في القطاعات ذات الأولوية كالحماية الاجتماعية والصحة والتعليم والماء والاستثمار وفتح حوار اجتماعي حقيقي مع النقابات لإرساء مناخ الثقة، وهو ما مكن الحزب مدعوما بأغلبية متماسكة ومتضامنة، من المساهمة بفعالية في بناء "مغرب التقدم والكرامة"، كما يريده جلالة الملك، وتعبيد مسار التنمية وطنيا ومحليا. كما أجمع المجلس الوطني، على أن الأداء الحكومي قد اتسم بالهدوء والرزانة وعدم الانزلاق وراء المزايدات التي لن تفيد الوطن والمواطن. معتزا بتكريس الحكومة والبرلمان لكل جهودهما لوضع الأسس والشروط اللازمة لمواجهة الأزمات من جهة، والإعداد الجيد لتفعيل الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي من جهة ثانية، منوها في ذات الصدد بالتوجهات الكبرى لقانون المالية للسنة الجارية بكل حمولاته الاجتماعية واصلاحاته الاقتصادية، وما تضمنه من تدابير وإجراءات عملية توطد أسس "الدولة الاجتماعية"، موازاة مع الشروع في تنزيل إجراءات عملية لتحقيق الانعاش الاقتصادي تفعيلا للتوجهات الملكية السامية، ووفاء لفلسفة البرنامج الحكومي. وفي ذات السياق، ينوه التجمع الوطني للأحرار بأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ويعتز بارتباطهم بوطنهم الأم، ويشيد بما تعتزم الحكومة القيام به من خلال سن سياسات عمومية تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم، واعتماد مساطر إدارية تتناسب مع ظروفهم، بغية إنجاح مشاريعهم الاستثمارية، ومنحهم المواكبة الضرورية، والظروف والإمكانات، ليعطوا أفضل ما لديهم، لصالح البلاد وتنميتها. وفي سياق متصل ينوه المجلس الوطني للتجمع الوطني للأحرار بالعمل الكبير الذي يقوم به الفريقين البرلمانيين للحزب، كما يشيد بالعمل الترافعي للسيدات والسادة نواب ومستشاري الحزب، المبني على القرب من المواطنات والمواطنين، ومساهمتهم في الرفع من مستوى النقاش السياسي، وكذلك التزامهم واحترامهم للتحالف الحكومي إبان كل الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها بلادنا. وعلى المستوى التنظيمي، أشاد المجلس الوطني بالأدوار الكبيرة التي يلعبها المنسقون الجهويون والمحليون للحزب، في التأطير الحزبي المتواصل، وبالدينامية التي يسير على إيقاعها الحزب، وخاصة تلك التي تخلقها المنظمات الموازية، منوها بالعمل الكبير الذي تقوم به، كما ثمن في ذات الإطار، وعي الحزب بأهمية التنظيمات الموازية، باعتبارها آليات لاستقطاب الكفاءات وتفعيل سياسة القرب والإنصات. وارتباطا بالدينامية التي تعرفها الفيدرالية الوطنية للمرأة التجمعية، والتي تستعد مطلع شهر مارس المقبل، لعقد "قمة المرأة التجمعية"، فإن المجلس الوطني يؤكد أن المجهودات التي تم بذلها ستمكن من بناء تصور واضح وموضوعي لمقاربة الحزب ومواقفه تجاه الجيل الجديد من مدونة الأسرة، مؤكدا أن الحزب يجدد تأكيده على محورية قضايا حقوق المرأة المرتبطة بالعدالة والتمكين الاقتصادي، في إطار الأسرة المغربية كنواة مجتمعية صلبة، مدخلين أساسيين لتثمين أدوارها الاجتماعية والاقتصادية والدفع بالتنمية. وإذ يثمن المجلس الوطني نجاح الحزب في تفعيل توصيات مؤتمره الوطني السابع، المنعقد في شهر مارس من السنة الماضية، من خلال خلق فيدرالية المنتخبين التجمعيين، فإنه ينوه بعزم الفيدرالية اطلاق نهاية الشهر الجاري، أنشطتها التواصلية عبر جولات جهوية، لصياغة عرض يهم تعزيز الأدوار المهمة للمنتخبين وتقوية قدراتهم التدبيرية ومواكبتهم في إنجاح المخططات التنموية للجماعات الترابية، نظرا لأهميتها في تكريس ديمقراطية القرب والتفاعل مع انشغالات المواطنين، إضافة إلى تجويد التدبير الجماعي على مختلف مستوياته لأزيد من 10.000 من المنتخبات والمنتخبين التجمعيين في جميع جهات المملكة. وفي الختام، وإذ ينوه المجلس الوطني بالحس الاستباقي للتجمع الوطني للأحرار في التفاعل مع مطالب المواطنين، من منطلق حرصه كهيئة سياسية تؤمن بمركزية الإنصات والقرب في أدائها السياسي، فإنه يجدد عزمه على مضاعفة الجهود لمساهمة أعضائه، قيادة وقواعد، كل من موقعه، في إنجاح وتنزيل تصورات جلالة الملك في جميع المجالات، مؤكدا ثقته في مسار الإصلاحات التي يبقى جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، مهندسها الأول.