أجمعت مكونات مجلس النواب من الأغلبية والمعارضة على الإشادة بالإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في مونديال كأس العالم 2022، الذي أقيمت فعالياته في دولة قطر خلال الفترة الممتدة من 20 نونبر وحتى 18 من شهر دجنبر الجاري. وجاءت الإشادة البرلمانية على لسان رؤساء الفرق والمجموعة النيابية، في جلسة خاصة عقدها مجلس النواب اليوم الاثنين، برئاسة راشيد الطالبي العلمي، رئيس المجلس. وفي كلمة له بالمناسبة، قدم محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، باسم هذا الأخير "أسمى عبارات الشكر والتقدير للمنتخب الوطني والطاقة التقني و الإداري بتحقيقه إنجازا تاريخيا لن ينسى". وقال غيات، إنه "إذا كانت الشقيقة قطر قد نجحت في تنظيم هذا اللقاء الدولي الكبير، فإن المغرب تكفل باستماتة بالدفاع عن صورة المغرب والعرب والأفارقة على الميدان"، مضيفا أن أن آثار هذا المونديال "تجاوز رقعة ملعب كرة القدم". وتابع "هذه النتيجة لم تأت من فراغ وليست حصيلة مقابلات رياضية بل هي نتيجة تراكم امتد لأزيد من 20 سنة من العمل الجبار الذي قام به جلالة الملك على كل الواجهات". وزاد مخاطبا زملاءه بالمجلس "أتكلم أمامكم بقناعة، فهذا التراكم يتجلى على المستوى الحقوقي في المصالحة مع الماضي، ودستوريا في سن دستور غير مسبوق، أما على المستوى الدبلوماسي، فيبرز هذا العمل الجبار في التموقع الإفريقي والدولي المتميز، فيما يتمظهر هذا العمل اقتصاديا في الأوراش الصناعية الكبرى والمخططات الفلاحية والمائية المهيكلة". أما على المستوى الاجتماعي، يضيف غيات، فإن المغرب يسابق الزمن من أجل تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية. وبحسب غيات، فإن "مونديال قطر هو فرصة للوقوف مع الذات لإبراز مجموعة من القيم المغربية، ومكانة الأسرة والأم في الأسرة المغربية"، وزاد "كما أنه فرصة لإعادة النظر في مدونة الأسرة". ولم يفوت غيات الفرصة دون أن يوصي باستلهام خطاب "النية" في الممارسة السياسية، ليضيف "اليوم لنية ماشي ضعف، أظن أنها كفاءة وطريقة أخرى في ممارسة السياسة". ومن جهته هنأ فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب منتخب أسود الأطلس وأطقمه الإدارية والتقنية والفنية والطبية، ومن خلاله إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والقطاع الحكومي للرياضة. ونوه الفريق، على لسان عضوه خليفة مجيدي، بالالتفاف الجماهيري المغربي والعربي والإفريقي كمصدر حماسة للارتقاء في مَدارج التألق بكأس العالم، موضحا أن مشاركة المغرب في مونديال قطر كانت ناجحة بأبعاد ثقافية وحضارية وفنية وسياسية، ومقدمةً لصورة مشرقة ومشرفة للمغاربة، وحظيت إنجازاته بإشادة واسعة من الرؤساء والحكومات والشعوب، لما تسلح به من عزيمة وإصرار وروح جماعية، ورفع سقف التحدي عاليا، وتطلع إلى التتويج وترجمة طريق الإصلاح والإقلاع". ودعا فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، إلى المضي قدما في اتجاه المستقبل، وفي كافة الميادين، بنفس الروح المنبعثة من الثقة في الذات والانصهار في الجماعة، عبر صفاء السريرة من المشوشات والمكدرات. وبدوره أكد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، على ضرورة التوقف عند الإشارات التي ينبغي التقاطها من خلال نجاح المنتخب الوطني ووصوله إلى المربع الذهبي، ومنها أن التخطيط والعمل الجماعي الجاد والهادئ يحقق المبتغى، موضحا أنه تم جني ثمار خارطة الطريق التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس في رسالته السامية التي وجهها سنة 2008 للمناظرة الوطنية حول الرياضة، وما تلاها من إنشاء بنيات تحتية رياضية من مستوى عالمي والاهتمام بالتكوين، وعلى رأسه تأسيس أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وهيكلة الجامعة والعصب. أما الإشارة الثانية، حسب شهيد، فتتجلى في أن التحولات العميقة تكون أقوى بقيادة الكفاءات الوطنية، كون المدرب الوطني استطاع، في وقت وجيز، بناء منتخب متماسك ومنسجم ينبض عشقا مطلقا للوطن، ويحارب بجسده وكل جوارحه من أجل إعلاء راية الوطن، في حين تتمثل الإشارة الثالثة في كون الانتصارات الوطنية تكون بمشاركة كاملة من المرأة، وهو ما كشف عنه "الحضور الوازن واللافت للنساء في أوساط الجماهير المغربية التي أعطت صورة مشرفة عن بلادنا والدعم المعنوي اللامشروط لأمهات وزوجات وبنات لاعبي المنتخب الوطني"، يضيف شهيد. ومن بين الإشارات التي قدمها رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب "أن الشباب في قلب القوة المحركة للديناميات الوطنية"، فضلا عن دور مغاربة العالم سواء تعلق الأمر بالجاليات المغربية التي احتفلت بانتصار بلدها في قطر الشقيقة، أو اللاعبون الذين لم يتنكروا لوطنهم. ومن جهته قال رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بوانو، "لقد رفع أسود الأطلس رأس المغرب عاليا، وأثبتوا للعالم أجمع، أن المستحيل ليس مغربيا، وأن الرياضة أخلاق ومعان وقيم قبل أن تكون لعبة، لقد كان حضور أسودنا متميزا، وأداؤهم رائعا على المستوى الرياضي والأخلاقي والقيمي". وأشار إلى أنه يتعين استخلاص الدروس من أما هذا الإنجاز التاريخي لمنتخبنا، والتي أجملها في أن مفتاح النجاح يكمن في "التوكل على الله ورضى الوالدين والأخذ بالأسباب والتمسك بالثوابت الجامعة لوطننا "الله، الوطن، الملك، الاختيار الديمقراطي"، وفي " استحضار الحس الوطني العالي والاعتزاز بالانتماء إلى الوطن والتفاني في الدفاع عن العلم والقميص الوطني". كما يكمن النجاح، حسب بوانو، في "التعاون والتآزر وسيادة روح الفريق لتحقيق الربح الجماعي عوض الانانيات الفردية وفي "تحمل المسؤولية على أساس الكفاءة والاستحقاق والثقة في الكفاءات الوطنية الحقيقية" وفي "ربط المسؤولية بالمحاسبة القائمة على التفويض الكامل لأهل الاختصاص وفسح المجال لهم للمبادرة والعمل والاجتهاد دون تدخل أو عرقلة أو محاباة".