واكي: الرقمنة تدعم تنمية المغرب .. و"جيتيكس إفريقيا" يخدم الشراكات    البندقية تنفتح على السينما المغربية    دوائر أمنية بالجديدة في وضع مقلق... مطلب استعجالي لإعادة الإعتبار لهذا المرفق الحيوي    ناقوس الخطر يدوي في تونس    نقابة تدين تهجم شخص على مدير مؤسسة تعليمية بالحسيمة    الركراكي: أسود الأطلس عازمون على الفوز بكأس إفريقيا 2025 على أرضنا    ميناء العرائش يسجل تراجعًا في مفرغات الصيد البحري بنسبة 20% خلال الفصل الأول من 2025    رئيس CGEM الشمال "عمر القضاوي" يطلق قافلة اللقاءات حول التدابير الضريبية في قانون المالية 2025 من طنجة وتطوان    المغاربة يتصدرون قائمة المسجلين في الضمان الاجتماعي الإسباني    المركز الاستشفائي الجهوي بطنجة يوضح حقيقة صفقة اقتناء أدوية ويؤكد إلغاء الطلب    ابن كيران يدعو وزارة الداخلية لصرف الدعم المالي المخصص للبيجيدي    "كاف" يغير توقيت نهائي "كان U17"    الصحراء المغربية .. دعم أمريكي-لاتيني متجدد للحكم الذاتي    "تمغرابيت" تزين معرض الكتاب في باريس .. إبداع وذاكرة وشراكة متجددة    الجيش الإسرائيلي يعلن تحويل 30% من أراضي قطاع غزة إلى منطقة عازلة    بنك المغرب يعتزم إحداث صندوق دعم لتشجيع التجار على الأداء الإلكتروني    دوري أبطال أوروبا.. إنتر ميلان يُقصي بايرن ميونخ ويتأهل لمواجهة برشلونة في النصف النهائي    شغيلة التعليم تنتفض ضد العنف.. و"إضراب الكرامة" يحصد نجاحا كبيرا    "جيتكس" يشد انتباه آلاف الزوار    المغرب يجلي 369 شخصا من غزة    اتفاقيات جديدة ل"الانتقال الرقمي"    برلمان أمريكا الوسطى في زيارة تاريخية لمدينة العيون.. دعم كامل لمغربية الصحراء    شهيد: حجج الحكومة للدفاع عن خياراتها السياسية ضعيفة ويطغى عليها التسويف والتبرير    الاتحاد الأوروبي يُنشئ قائمة "الدول الآمنة" تضم المغرب لتسريع ترحيل طالبي اللجوء    حالة الطقس .. اجواء غير مستقرة وزخات متفرقة بعدة مناطق    تقرير: مجموع المنشورات في المغرب خلال سنتين بلغ 3725.. 80% بالعربية والأدب في المقدمة    دي ميستورا تحت المجهر.. إحاطة مثيرة للجدل تعيد بعثة الصحراء إلى دوامة الانحياز والمراوغة    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    هل هي عزلة أم إقامة إجبارية دولية: هكذا تخلت القوى الكبرى ‮ والدول الصغرى أيضا عن دولة العسكر في الجزائر!    شرطي يُطلق رصاصة تحذيرية لإحباط محاولة فرار سجين من داخل مستشفى    أسعار الذهب تبلغ أعلى مستوى لها على الإطلاق    المكتب الوطني للمطارات: منطقة مغادرة جديدة بمطاري مراكش- المنارة وأكادير- المسيرة    بلقشور: إصلاحات "دونور" غير مسبوقة والمركب في أفضل حالاته    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    ملاحظات عامة عن المهرجانات السينمائية المستفيدة من دعم الدورة الأولى لسنة 2025    أنشطة سينمائية بعدد من المدن المغربية خلال ما تبقى من شهر أبريل    «أجساد في ملكوت الفن».. عبد العزيز عبدوس يفتح نوافذ الذاكرة والحلم بطنجة    كلمة : البرلمان.. القضايا الحارقة    عمال الجماعات المحلية يعلنون إضرابا واحتجاجا أمام البرلمان بسبب تجاهل مطالبهم    المغرب يتسلح ب600 صاروخ أمريكي لمواجهة التحديات الجوية    هل ما زال للقصائد صوت بيننا؟    حادثة سير خطيرة تودي بحياة شاب بأكادير    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز الطلب المحلي في مواجهة التوترات التجارية مع واشنطن    بيلينغهام : واثقون من تحقيق ريمونتادا تاريخية أمام أرسنال    حكيمي: "الحقيقة أننا لا نهتم بهوية منافسنا.. لأنه للفوز بدوري أبطال أوروبا عليك أن تواجه الأفضل"    المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يشارك ضمن فعاليات البطولة الإفريقية بطرابلس    إسرائيل: "لن تدخل غزة أي مساعدات"    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    بطولة إسبانيا: توقيف مبابي لمباراة واحدة    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منازلٌ مؤثثةٌ بالمصاريع
نشر في البوصلة يوم 22 - 05 - 2010

مُصَاغون، نتاج العميان لائكي العتمات بكلمات هواجسهم. أهذا هو أبدهم أن يلوكوا أعمارهم بقواديم عتماتهم مزهوةً بكلمات حيرى إلى ما لانهاية للألم، وهواجس الرغبة مخلدة في تيهها؟!

دون كيخوته أعلى الصياغات فتنة ودلالة؛ فهو نتاج قراءاته.

بهذا المعنى تكون الإرادة ضعيفة، ومسخرة للتمثل، تمثل الرمزية الشائعة لسطوة نماذج المعاني.

الرغبة في مرايا المحكمة: في فترة من التاريخ كان رجال دين مسيحيين يتساءلون : هل المرأة مثلنا؟ هل تملك روحا مثلنا، أم أنها مخلوقة من شيء آخر شيطاني؟!!.

وعبر ممارسات القوة للمعنى لازالت المرأة تُعامل على أنها هكذا: سر، شيطانة، أو حاجة جميلة!.

يقول كافكا:(الخروج من المنزل مغامرة غير مأمونة العواقب)...وحين تخرج فأول مغامرة تضربك هي سقوط أفكارهم عليك، وإذا تنبهتَ لكَ ستحشد همة عقلك، ورغباتك؛ لتزيل هذا الركام المتناسخ عليك؛ لترى نفسك، بل لترى الحياة في نقاء كونها هي!.

شَكْلُ الشاعر تاريخ من الموضات، تأكد من صناعة العصيان له؛ فكان الشاعر به يحدد هوية عصيانه. به أقفل الشاعر نمو الشكل، وعششت نماذج في المخيال تعيد رسم الشاعر!.

يموتون، ويتحكمون بوطأة ذكراهم!!.

المعلم. القاضي. الحاكم. الموجه. المرشد. كبيرالقوم. المفسر. رب البيت. الفقيه المرجع. الناقد. المشرع. البابا الحبر الأعظم. شيخ القبيلة. القائد.المفكر.الحكيم.الشاعر حين يُسأل: ما هو الشعر في مفهومكم، وكيف تنظرون إلى مأزق الشعر الآن؟!!. يتحرش بقلبي هسيس ضحكة سوداء كلما مرت هذه الكلمات برأسي من شدة اعتدائها على الإنسان_ على فضاء مفتوح للإنسان باستمراره مستوحشا قلقا_ بيقين المعاني المتدربة على صلاحها. بمفاهيم الكلمات هذه يؤزِّم الإنسان علاقته بنفسه طوال رغبته في العيش مع العالم. أزمته الدائمة هي في تنصيبه قاضيا يحاكم نظرته، ورغبته في العيش كما يشعر، ويرغب، وهي ورطته في إمعان القاضي، ومحاكمته لمغامرة رغباته غير المحدودة في زمن طائشٌ غده.

...ومن ثم يدبر لنفسه عصيانا عليها!!.

(في البدء كانت الكلمة)، وكانت الكلمة في يد الإنسان، وكان الإنسان خائفا. وكان الخوف يحتاج قويا يقوده؛ فصار الخيال مرشدا؛ فازدهرت الكلمات، وفرح الإنسان، وتألم. والعالم ينمو، والكلمات تنشد مع النمو: انتبهوا، حذار طريق الشر،من هنا..من هنا العبور!!. وكانت طرق تتعبد بالنقائض، والإنسان يجرجر جسد كوابيسه، يريد طريقا سالكا؛ فنشأت الحرب، وهي تمعن في المسير بكلمات فاتنة؛ لكنها دوما تعلن الحرب!!!.

كان أحد التربويين تصرخ نظريته على لسانه حماسة: أعطني طفلا، أعطيك ما تريد!.

حرق التوحيدي كتبه.عاش نكبة المقتدر في الأدب؛ حتى تنامت غربته. في كتابه الإشارات الإلهية يتصاعد اغترابه في صداقة تسام مع المطلق؛ ليدل حنو المطلق إلى محنته؛ فيستأنس!. يكتب في إحدى تراتيل إشاراته:(أيها الغريب أنت الغريب في معناك). إلا أن اليأس الذي كاسر أمله؛ فانهار، هو نكاية بالأمل الذي انتظره لنفسه من تحصيله للأدب، والمعرفة: أملٌ بغيةُ الحظوةِ. أن ينتظر الشخص مكرمة، وتقديرا، ونزهةَ مكانة من علية القوم، وسافليهم هي نكبته في نفسه، امحاؤه في الزمن؛ لكونه رهن تصورات الآخرين له؛ فيعيش بحسرة المنتظر ينفخ نكبته!!.

المتسول بالقيم: تُولِّد المعاني الجالسة على صفائها أشخاصا يتسولون بقيمها؛ لينالوا: رفعة الشأن، وخبزة البطن!.

إحدى القبائل (البدائية) تهيئ الولد الذي بلغ الخامسة عشرة إلى الدخول عالم الرجولة، والحياة وفق طقس مقدس: ترسم دائرة وسط القبيلة. يؤتى بالولد، ويوضع فيها. ينهالون عليه بالضرب، والحرق، ولا يخرج من الدائرة، لا يتأوه، أو يشتكي، أو يطلب حماية، وإلا فشل، ونُكِب معناه!!. هذه التهيئة، تُهيئ لنموذج. إعادة تمثيل. إعادة استمرار للنموذج. إعادة وقف لخصوصية الشخص؛ بل وأد للحلم!!.

بعد انتهاء الطقس سيخرج الولد من الدائرة: بحثا عن القسوة إثباتا لرجولته؛ لقدرته الفذة في الشجاعة، والبأس. بل سيثير العالم من حوله بحثا عن هذه المتعة: نشوة كونه رجلا شامخا في أرواح الجماعة!. بهذه المتعة خرج السيد دون كيخوته: بحثا عما يثبت له فروسيته إصلاحا للعالم!.

يُبرمَج الحساب الآلي وفق نظام يعطي نتائج حسب الطلب. هل يمكن جعل الإنسان بذات الطريقة؟! هذا السؤال مخابراتي. والجواب: رهن الاشارات!!.

(يولد الإنسان على الفطرة؛ فأبواه يهودانه، أو يمجسانه) حديث شريف!. أول تهيئة يتعرض لها الإنسان في نظر الرسول: التهويد، والتمجيس، بل هي أول تهيئة استعباد، وقتل؛ لكنه يستبعد الإسلام من حكمته هذه، باعتبار الطهارة مفطورةً في الإسلام الجليل!!.

باكتشاف، وتعبيد فرويد لغابة خطيرة في كون الكائن غابة: (اللاوعي)، وتوسيع فهمها بغزوات يونغ الفريدة للغابة الإنسانية؛ لتصبح مدافن تاريخية مأهولة برمال التصورات الجماعية البدائية. كان فرويد بنية المغامر الساعي لفهم عالم الإنسان يعبد الطريق للمخابرات ذات النيات الاستحواذية التسلطية؛ لتنشئ نظام برمجتها للبشري: (البرمجة العصبية اللغويةnlb)، وبخروج هذه التقنية البرمجية من مصانع المخابرات صارت نعمة في يد الإيديولوجيات الدينية، والاقتصادية. نعمة في ذات اللعبة: وضع الكائن سلعة تستهلكها سياسة الأفكار!!.

انتفض سارتر. أصيبت نظرته الوجودية لحرية الإرادة بالقشعريرة جراء نظرية فرويد في تحكم جزء كبير من حياة الإنسان من اللاإرادي، أو اللاشعور. أين مسؤولية الفعل، وإرادة الاختيار إذن؟. هنا تنتفض وجودية سارتر؛ فسعى لنظرية في الانفعالات ظاهراتية، وجوديةً، ضد فرويدوية الانفعالات الهاربة في سلوك الكائن، يكون الانفعال فيها نتيجة اختيار!.

قشعريرة وجودية سارتر هنا: هي الكائن مدافعا عن كونه ما يريد. كرامة الإرادة وقد تعرضت للسلب من ترسبات المعنى في التاريخ، أو كما عُمِل على ترسيبه فيه مستمرا في الأرواح!!.

إحدى مزاريب الوجودية، وعلم النفس: علم النفس الوجودي. لم يعد العصاب ظاهرة مرضية هنا، بل ذروة إحساس الكائن بهتك العالم لمعناه؛ فيدافع بما يشبه الهوس. الفعل وقد انزلق بقشرة الأيام التالفة!!.
***
الولع باصطياد أفكار لها معنى تام: حمى مخازن المرهقين من أنفسهم، والحياة!!.

مهمة سادية متنزِّهَة بأناقة المختوم بالثقة- محملة على المدى البعيد بانتهاك روح المغامرة المدعوكة في الإنسان الحالمةِ رغباتُه- أن يكون تقطير الإنسان لعمره في الحياة بحثه عن المعنى التام، والطريق المستقيم. لكن الصواب والتام بأي معنى؟؟! هذه جملة لترميم المغامرة في لحظة سهو!.

(أنت نفسك مشارك في الشر، وإلا فإنك لست حيا. أي شيء تفعله هو شر لأحد ما، هذه هي إحدى سخريات الخلق كله) جوزيف كامبل. هذه إحدى سخريات الخلق بالتالي: بتصنيف الفعل في الحياة إلى خير، وشر ابتكر الإنسان قنابل موقوتة في دروبه؛ فأحكم الإعاقة. أحكم امتهان نفسه؛ لخوفه من كونه بلا حدود في كون رغباته. في البدء كانت الرغبة أيضا؛ وخاف من مداها عليه؛ فزرع كاهنا في الداخل يرتب، ويشذب. هذا العرَّاب لازال عبدا لابتكارات طرق سطوته عليه، والغريب أنه يشكو من الألم!. يالنزيه في تورطه!!!.

يستخدم الإنسان _في المكان الذي لاهرج لكلمات فيه إلا كلمات الله _ الله سوطا يجلد به المغامرة؛ فأصبح، وأضحى، وأمسى، وأعتم، وأبكر المكان بإنسانه منهوبَ الذات، منسوخ الفعل؛ فعُدت المغامرةُ من مزالق شر الشيطان الرجيم؛ بوصفها غير مأمونة العواقب، في حين هيأت كلمات الله التامات الأمن من المزالق!!.

الموت يحتفي بالإنسان أكثر من الحياة، هكذا عبد الإنسان تأكيده على البقاء: احتفاؤه بنفسه بجلال بعد الموت!!.

الطفل في الداخل: ضد المعنى التام. ضد كل يقين. حركشة دائمة يلغيها الرجل بمباني الفروسية، وعنجهات التقاسيم الملوَّحة في الوجه، والكاهن بنزاهة المعاني!!.

عليك أن تنتبه لما أنت له، وستنتبه إلى ضرورة التحطيم!!.

شمعة الحيرة تضيء دوخة الإنسان حيرةً: العلم الحديث مبهورا باكتشافاته!!.

الكل على حاله: نهبا للحرب. حرب ليس مسؤولا عن نشوء نعال أفكارها.كائن منهوبة طرقه!!.

كانت ممثلة عميقة هذه الأم. في جلساتها العائلية لا تكف عن تقليد شخصيات أقربائها، وقريباتها سخريةً من سلوكهم الممثل بلجاجة من اعتاد أداء الطقوس مجبرا، حتى أولادها نكّتت على حركاتهم المتلعثمة. بعد مد في العمر ماتت والدتها، صديقتها الوحيدة. انهارت ضحكاتها. أكل الموت حيوية السخرية في وجهها. حزن جلجامش وزفر قلبه اللوعةَ من سرقة الموت لصديقه، انسلخت روحه هجساً: لم الموت هنا يحرث الأعزاء؟!. جرجر الهاجس جسده؛ ليجد لقمة لجوع المعنى في سؤاله!، لكن الأم جهز المكان لها المعاني كلها في الحضرة:(المعاني في الطريق) كان يقول الجاحظ، أحد فاقئي عماء المغامرة في الأدب العربي. لم تسترشد بنفسها الأمُ: حزمت أدوات وجهها، لملمت فكاهات قلبها، وذهبت في الدمع إلى مراصد الله، تفرك الغيب بأحزانها، ربما خفف من وطأة النوازل!!.

عماء المغامرة: كأني أتشمس ههنا!.

ماذا بعد قراءة أربع مئة صفحة لمحمد الماغوط؟. ستصاب بهوس أنك إذا صرت حزينا مترف اليأس؛ ستكون مستحقا لفرق إنقاذ خارقة للعادة البشرية في انتظارها منقذا: مذبحة المعطوف عليه، مذبحة الميؤوس من نفسه في الداخل!!.

ثمة رؤوس تنتظر أن يرفع الشاعر وقاحة فقحته في وجهها؛ لتتأكد من أنه كذلك شاعر لا ريب!. رؤوس تريد تأكيد ما فيها من نماذج لا أكثر!!.

في الذروة الكتب المقدسة: قسوة المعاني في اعتلائها منصة الحكم!. كان الإنسان بها يبحث عن أقسى حاكم ضده!.

المتأمِّل ينتظر، يحك بانتظاره لوعته على ملل!!.

الكلمات تتكاثر وتنهال بثقل معانيها على الطائر، وسيلزمه متسع من المرح لردمها ذات هدوء على شجر قلبه.

يرجع الآدمي لأثر معانيه القديمة في وقت تتشقق ثقته بمعانيه تجاه وقائعه الحاضرة. لحظة تكشف عدم نضج الإنسان في فهمه لتجاربه عليه، وعدم ثقته بمصداقية رغباته. فهذا المدمر، والباني لازال يتهيب من بقاء المعنى وحيدا خارج تكرارات التاريخ له!.

أراد معاوية بن أبي سفيان السيطرة على الأمة فقرر: شتم علي بن أبي طالب أربعين سنة على المنابر؛ فهيأ الكلمات لتنمو حول علي متبلة بالحب، والجفاء؛ فصارت، ولازالت الناس عبيدا لأفكاره تستعبدهم باستهلاكها لهم طوال الآن!!.

قال الإعجاب الغربي بألف ليلة: ساحر خيال لياليها، وعظيم الهمة فنها. استأنس العربي بثقة هذا الإعجاب بخياله!؛ فدبج الكلمات تهليلا لعطايا الإبداع العربي على الغربي. تبارز المصري بالأدلة؛ لإثبات مصرية الخيال الممدوح هذا، والعراقي باستئناس المدائح أنها نتاج أرض الحضارات!. أرهقوا الكلمات بجعلها تدل الضعيف على ثقته الضائعة حين شم رائحة الإعجاب هذه؛ فتورط بتكديس الهمة للبحث عن منتج الخيال الممدوح لا أبعد!!.

كانت شهرزاد تحكي؛ فنسي الحاكم صولجان سطوته على الرقاب.أسمعها عبر الحكي كأنها تقول: لا تقفوا ضد السلطان؛ فتفقدوا أرواحكم، وحتى تأمنوه سلوه، احكوا له الحكايات. كونوا مسلين، وحكائين في حضرته؛ لتعيشوا بسلام!!.

في ألف ليلة الحاكم ليس جائرا، ولا ظالما. هو كريم، ومحب للخير، والعطاء والعلم. وإذا وقعت مظلمة منه؛ فهي زلة ارتكبها بسبب وشاية المقربين منه، أو عجوز شمطاء في القصر تدبر المكائد الشيطانية!. هذا الحكي الممتع يريد إفراغ المسؤولية عن ظهر الحاكم!.

لم علي احتمال مسؤولية معاني العالم المنهارة علي، وأنا أمشي في الطريق؟!. لم يسدد العالم ديون خوفه من ملل الوحدة، والغد في خزانات رغباتي الهائمات؟! يا للمستجير!. يا للواهب القضايا بلا خفة؛ فيعتكر صفاؤه!!.
هكذا يصرخ الإنسان؛ لانتباهه لما تفعله معانيه في التاريخ ضده!!.

(اكتب. وسنمتدح صنيعك؛ سنحاول الاعتدال في ذلك ربما. سنكتشف فيك ما نريده؛ فنصنع تمثالا لك، نرث منه المعاني في كل نكبة، أو مماثلة لخلل، هكذا سنستعيدك في الخيبة، وربما انقضضنا عليك أيضا بوصفك خللنا الكبير، وحومتنا التي لم نستطع مواجهتها. اكتب. ولا عليك؛ سنعينك_ وأنت في الهاوية تختنق_ بأكسوجين تعاطفنا معك بالمدائح، أو بإقامتنا جائزة نهديكها؛ لتفرح!. لا عليك. سنجلب لك الفرح أيها التعس في مكانه؛ سنسليك على أنك سليتنا بهذياناتك هذه، وإذا لم تجد قولها بالشكل الذي يفترض بك؛ كوريث لكلام الرغبات التامة المأساة، أو بالشكل الذي نتطلع إليه فيك؛ سنبعث لك بوصايا خفيفة لتتم العمل على أكمل لعبة في الصناعة هذه!. وهيك لك، ولنا هيك من ثم .) قول في تاريخ الصناعة الأدبية على لسان العبث الفارغ من موازين الإعمال!!.

طور الكهنة اللغة. كانوا في المحك: المحافظة على المعنى المقدس، وإحاطته بالسر، والهيبة. كانت المعرفة أمرا خاصا!. هنا مع مرور تراكم المعنى، وتقديسه وتلغيزه نشأ المفسر الذي يقطر الإيضاح كمعجزة في أذهان المذهولين من هيبة المعنى المقدس. كان غموض المعنى في سديميات الغيب دليل معجزته، أناقةُ الحقائق في هوسها بنفسها. وهاهو المعبد، والكنيسة، والحوزة مستمرة مكانا لحفظ المعاني المقدسة كأسرار خاصة بالمتمكنين من الغيب.

المحافظة على المعنى مقدسا، محافظة على بقاء العقول في الأسر!.
***
كان الملك إلها. لم يقل فرعون: (أنا ربكم الأعلى) قياما بالعصيان على معنى سابق، ومكرَّس. كان يحدد معناه، يكرس صورته في الأذهان، متغنيا برغبته المتعالية في الزمن.

حين رفع الكاهن المعنى إلى تعالي السماء فقد الملك ألوهيته؛ لكنه طور رمزيته مع الكاهن كحافظ للمعنى المقدس بالسيف. هذه اللعبة بين الجليلين استخدمت الإنسان كنرد يؤدي طقوس اللعبة، ويكون نهبا لبقاء المعنى الحاكم!!.

استبدلت الدولة الحديثة الكاهن برجل المخابرات. لم تعد المعاني مقدسة مع المخابرات، صارت مجرد أسلحة تستخدم لتعطي نتائج تتطلبها سياسة الاقتصاد. هكذا يمكن العمل على نسيان معنى، وتحريك معنى غير مرغوب فيه؛ لكنه يحرك اللعبة على أتم مطلب؛ لكن ضد من؟!.

كان الشريعة؛ فصار حامي الشريعة، والقيم، والعادات؛ فتقلبت المعاني على القتل حتى جلس على حماية القيم الديمقراطية، ونشر الحريات للعالم بالقتل.والحاكم هو المعاني!!.

الشيطان بوصفه الرغبة المتمردة بالقوة في الذات هي التي عملت الثقافة على تمييزها ضد معانيها النبيلة. بهذه الشاكلة كونت الثقافة القسمة في الداخل، عبر تمرينات الإنسان في التجربة طوال التاريخ في تصنيف رغباته التي أضحت بعبعية قياسا بنبالة معانيه الأخلاقية المنهارة على درج الخوف!!.

كانت الرغبة، وكان الكاهن عدوين. التبس الإنسان في نفسه بفعل الكاهن الوجل الرابض في مرايا الثقافة أيضا!!.

حديث الحاكم عن ضرورة احترام العادات، والتقاليد، وخصوصية المجتمع، حديث من يريد للاستعباد أن يستمر!.

الذي لا نحتمله نلغزه في الحكايات!.

لا تشتكي، لا تغتم، ولا تهتم: قال الضحك!.
==========================
محمد الضامن
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.