قوة المغرب داخل الإتحاد الإفريقي .. رؤية ملكية مبتكرة    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن أفضل 5 هدافين في الدوريات العالمية الكبرى    عملية أمنية تنتهي بإتلاف كمية مخدرات بوزان    الريسوني ل"اليوم 24": تعديلات مدونة الأسرة خالفت الشريعة الإسلامية في مسألة واحدة (حوار)    قوات إسرائيلية تقتحم مستشفى بشمال غزة وفقدان الاتصال مع الطاقم الطبي    مرتيل: تجديد المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة    زياش يضع شرطا للموافقة على رحيله عن غلطة سراي التركي    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    بوتين يعتذر لرئيس أذربيجان عن حادث تحطم الطائرة    تشديد المراقبة بمحيط سبتة ينقل المهاجرين إلى طنجة    الاحتفاء بالراحل العلامة محمد الفاسي في يوم اللغة العربية: إرث لغوي يتجدد    وفاة بامبا بعد أسبوع من نيل لقب رابطة الملاكمة العالمية    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    غزة تحصي 48 قتيلا في 24 ساعة    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    هذا ما قضت به محكمة عين السبع في حق محمد أوزال    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    مدرب الوداد: بالنسبة للمغرب الفاسي كل مباراة ضدنا بمثابة نهائي الكأس    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    فئات هشة تتسلم مساعدات بالرحامنة    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    سطاد المغربي يهدد صدارة رجاء بني ملال    مونديال الأندية.. الوداد الرياضي يشارك في ورشة عمل تنظمها "الفيفا" بأمريكا    مباحثات مغربية موريتانية حول تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منازلٌ مؤثثةٌ بالمصاريع
نشر في البوصلة يوم 22 - 05 - 2010

مُصَاغون، نتاج العميان لائكي العتمات بكلمات هواجسهم. أهذا هو أبدهم أن يلوكوا أعمارهم بقواديم عتماتهم مزهوةً بكلمات حيرى إلى ما لانهاية للألم، وهواجس الرغبة مخلدة في تيهها؟!

دون كيخوته أعلى الصياغات فتنة ودلالة؛ فهو نتاج قراءاته.

بهذا المعنى تكون الإرادة ضعيفة، ومسخرة للتمثل، تمثل الرمزية الشائعة لسطوة نماذج المعاني.

الرغبة في مرايا المحكمة: في فترة من التاريخ كان رجال دين مسيحيين يتساءلون : هل المرأة مثلنا؟ هل تملك روحا مثلنا، أم أنها مخلوقة من شيء آخر شيطاني؟!!.

وعبر ممارسات القوة للمعنى لازالت المرأة تُعامل على أنها هكذا: سر، شيطانة، أو حاجة جميلة!.

يقول كافكا:(الخروج من المنزل مغامرة غير مأمونة العواقب)...وحين تخرج فأول مغامرة تضربك هي سقوط أفكارهم عليك، وإذا تنبهتَ لكَ ستحشد همة عقلك، ورغباتك؛ لتزيل هذا الركام المتناسخ عليك؛ لترى نفسك، بل لترى الحياة في نقاء كونها هي!.

شَكْلُ الشاعر تاريخ من الموضات، تأكد من صناعة العصيان له؛ فكان الشاعر به يحدد هوية عصيانه. به أقفل الشاعر نمو الشكل، وعششت نماذج في المخيال تعيد رسم الشاعر!.

يموتون، ويتحكمون بوطأة ذكراهم!!.

المعلم. القاضي. الحاكم. الموجه. المرشد. كبيرالقوم. المفسر. رب البيت. الفقيه المرجع. الناقد. المشرع. البابا الحبر الأعظم. شيخ القبيلة. القائد.المفكر.الحكيم.الشاعر حين يُسأل: ما هو الشعر في مفهومكم، وكيف تنظرون إلى مأزق الشعر الآن؟!!. يتحرش بقلبي هسيس ضحكة سوداء كلما مرت هذه الكلمات برأسي من شدة اعتدائها على الإنسان_ على فضاء مفتوح للإنسان باستمراره مستوحشا قلقا_ بيقين المعاني المتدربة على صلاحها. بمفاهيم الكلمات هذه يؤزِّم الإنسان علاقته بنفسه طوال رغبته في العيش مع العالم. أزمته الدائمة هي في تنصيبه قاضيا يحاكم نظرته، ورغبته في العيش كما يشعر، ويرغب، وهي ورطته في إمعان القاضي، ومحاكمته لمغامرة رغباته غير المحدودة في زمن طائشٌ غده.

...ومن ثم يدبر لنفسه عصيانا عليها!!.

(في البدء كانت الكلمة)، وكانت الكلمة في يد الإنسان، وكان الإنسان خائفا. وكان الخوف يحتاج قويا يقوده؛ فصار الخيال مرشدا؛ فازدهرت الكلمات، وفرح الإنسان، وتألم. والعالم ينمو، والكلمات تنشد مع النمو: انتبهوا، حذار طريق الشر،من هنا..من هنا العبور!!. وكانت طرق تتعبد بالنقائض، والإنسان يجرجر جسد كوابيسه، يريد طريقا سالكا؛ فنشأت الحرب، وهي تمعن في المسير بكلمات فاتنة؛ لكنها دوما تعلن الحرب!!!.

كان أحد التربويين تصرخ نظريته على لسانه حماسة: أعطني طفلا، أعطيك ما تريد!.

حرق التوحيدي كتبه.عاش نكبة المقتدر في الأدب؛ حتى تنامت غربته. في كتابه الإشارات الإلهية يتصاعد اغترابه في صداقة تسام مع المطلق؛ ليدل حنو المطلق إلى محنته؛ فيستأنس!. يكتب في إحدى تراتيل إشاراته:(أيها الغريب أنت الغريب في معناك). إلا أن اليأس الذي كاسر أمله؛ فانهار، هو نكاية بالأمل الذي انتظره لنفسه من تحصيله للأدب، والمعرفة: أملٌ بغيةُ الحظوةِ. أن ينتظر الشخص مكرمة، وتقديرا، ونزهةَ مكانة من علية القوم، وسافليهم هي نكبته في نفسه، امحاؤه في الزمن؛ لكونه رهن تصورات الآخرين له؛ فيعيش بحسرة المنتظر ينفخ نكبته!!.

المتسول بالقيم: تُولِّد المعاني الجالسة على صفائها أشخاصا يتسولون بقيمها؛ لينالوا: رفعة الشأن، وخبزة البطن!.

إحدى القبائل (البدائية) تهيئ الولد الذي بلغ الخامسة عشرة إلى الدخول عالم الرجولة، والحياة وفق طقس مقدس: ترسم دائرة وسط القبيلة. يؤتى بالولد، ويوضع فيها. ينهالون عليه بالضرب، والحرق، ولا يخرج من الدائرة، لا يتأوه، أو يشتكي، أو يطلب حماية، وإلا فشل، ونُكِب معناه!!. هذه التهيئة، تُهيئ لنموذج. إعادة تمثيل. إعادة استمرار للنموذج. إعادة وقف لخصوصية الشخص؛ بل وأد للحلم!!.

بعد انتهاء الطقس سيخرج الولد من الدائرة: بحثا عن القسوة إثباتا لرجولته؛ لقدرته الفذة في الشجاعة، والبأس. بل سيثير العالم من حوله بحثا عن هذه المتعة: نشوة كونه رجلا شامخا في أرواح الجماعة!. بهذه المتعة خرج السيد دون كيخوته: بحثا عما يثبت له فروسيته إصلاحا للعالم!.

يُبرمَج الحساب الآلي وفق نظام يعطي نتائج حسب الطلب. هل يمكن جعل الإنسان بذات الطريقة؟! هذا السؤال مخابراتي. والجواب: رهن الاشارات!!.

(يولد الإنسان على الفطرة؛ فأبواه يهودانه، أو يمجسانه) حديث شريف!. أول تهيئة يتعرض لها الإنسان في نظر الرسول: التهويد، والتمجيس، بل هي أول تهيئة استعباد، وقتل؛ لكنه يستبعد الإسلام من حكمته هذه، باعتبار الطهارة مفطورةً في الإسلام الجليل!!.

باكتشاف، وتعبيد فرويد لغابة خطيرة في كون الكائن غابة: (اللاوعي)، وتوسيع فهمها بغزوات يونغ الفريدة للغابة الإنسانية؛ لتصبح مدافن تاريخية مأهولة برمال التصورات الجماعية البدائية. كان فرويد بنية المغامر الساعي لفهم عالم الإنسان يعبد الطريق للمخابرات ذات النيات الاستحواذية التسلطية؛ لتنشئ نظام برمجتها للبشري: (البرمجة العصبية اللغويةnlb)، وبخروج هذه التقنية البرمجية من مصانع المخابرات صارت نعمة في يد الإيديولوجيات الدينية، والاقتصادية. نعمة في ذات اللعبة: وضع الكائن سلعة تستهلكها سياسة الأفكار!!.

انتفض سارتر. أصيبت نظرته الوجودية لحرية الإرادة بالقشعريرة جراء نظرية فرويد في تحكم جزء كبير من حياة الإنسان من اللاإرادي، أو اللاشعور. أين مسؤولية الفعل، وإرادة الاختيار إذن؟. هنا تنتفض وجودية سارتر؛ فسعى لنظرية في الانفعالات ظاهراتية، وجوديةً، ضد فرويدوية الانفعالات الهاربة في سلوك الكائن، يكون الانفعال فيها نتيجة اختيار!.

قشعريرة وجودية سارتر هنا: هي الكائن مدافعا عن كونه ما يريد. كرامة الإرادة وقد تعرضت للسلب من ترسبات المعنى في التاريخ، أو كما عُمِل على ترسيبه فيه مستمرا في الأرواح!!.

إحدى مزاريب الوجودية، وعلم النفس: علم النفس الوجودي. لم يعد العصاب ظاهرة مرضية هنا، بل ذروة إحساس الكائن بهتك العالم لمعناه؛ فيدافع بما يشبه الهوس. الفعل وقد انزلق بقشرة الأيام التالفة!!.
***
الولع باصطياد أفكار لها معنى تام: حمى مخازن المرهقين من أنفسهم، والحياة!!.

مهمة سادية متنزِّهَة بأناقة المختوم بالثقة- محملة على المدى البعيد بانتهاك روح المغامرة المدعوكة في الإنسان الحالمةِ رغباتُه- أن يكون تقطير الإنسان لعمره في الحياة بحثه عن المعنى التام، والطريق المستقيم. لكن الصواب والتام بأي معنى؟؟! هذه جملة لترميم المغامرة في لحظة سهو!.

(أنت نفسك مشارك في الشر، وإلا فإنك لست حيا. أي شيء تفعله هو شر لأحد ما، هذه هي إحدى سخريات الخلق كله) جوزيف كامبل. هذه إحدى سخريات الخلق بالتالي: بتصنيف الفعل في الحياة إلى خير، وشر ابتكر الإنسان قنابل موقوتة في دروبه؛ فأحكم الإعاقة. أحكم امتهان نفسه؛ لخوفه من كونه بلا حدود في كون رغباته. في البدء كانت الرغبة أيضا؛ وخاف من مداها عليه؛ فزرع كاهنا في الداخل يرتب، ويشذب. هذا العرَّاب لازال عبدا لابتكارات طرق سطوته عليه، والغريب أنه يشكو من الألم!. يالنزيه في تورطه!!!.

يستخدم الإنسان _في المكان الذي لاهرج لكلمات فيه إلا كلمات الله _ الله سوطا يجلد به المغامرة؛ فأصبح، وأضحى، وأمسى، وأعتم، وأبكر المكان بإنسانه منهوبَ الذات، منسوخ الفعل؛ فعُدت المغامرةُ من مزالق شر الشيطان الرجيم؛ بوصفها غير مأمونة العواقب، في حين هيأت كلمات الله التامات الأمن من المزالق!!.

الموت يحتفي بالإنسان أكثر من الحياة، هكذا عبد الإنسان تأكيده على البقاء: احتفاؤه بنفسه بجلال بعد الموت!!.

الطفل في الداخل: ضد المعنى التام. ضد كل يقين. حركشة دائمة يلغيها الرجل بمباني الفروسية، وعنجهات التقاسيم الملوَّحة في الوجه، والكاهن بنزاهة المعاني!!.

عليك أن تنتبه لما أنت له، وستنتبه إلى ضرورة التحطيم!!.

شمعة الحيرة تضيء دوخة الإنسان حيرةً: العلم الحديث مبهورا باكتشافاته!!.

الكل على حاله: نهبا للحرب. حرب ليس مسؤولا عن نشوء نعال أفكارها.كائن منهوبة طرقه!!.

كانت ممثلة عميقة هذه الأم. في جلساتها العائلية لا تكف عن تقليد شخصيات أقربائها، وقريباتها سخريةً من سلوكهم الممثل بلجاجة من اعتاد أداء الطقوس مجبرا، حتى أولادها نكّتت على حركاتهم المتلعثمة. بعد مد في العمر ماتت والدتها، صديقتها الوحيدة. انهارت ضحكاتها. أكل الموت حيوية السخرية في وجهها. حزن جلجامش وزفر قلبه اللوعةَ من سرقة الموت لصديقه، انسلخت روحه هجساً: لم الموت هنا يحرث الأعزاء؟!. جرجر الهاجس جسده؛ ليجد لقمة لجوع المعنى في سؤاله!، لكن الأم جهز المكان لها المعاني كلها في الحضرة:(المعاني في الطريق) كان يقول الجاحظ، أحد فاقئي عماء المغامرة في الأدب العربي. لم تسترشد بنفسها الأمُ: حزمت أدوات وجهها، لملمت فكاهات قلبها، وذهبت في الدمع إلى مراصد الله، تفرك الغيب بأحزانها، ربما خفف من وطأة النوازل!!.

عماء المغامرة: كأني أتشمس ههنا!.

ماذا بعد قراءة أربع مئة صفحة لمحمد الماغوط؟. ستصاب بهوس أنك إذا صرت حزينا مترف اليأس؛ ستكون مستحقا لفرق إنقاذ خارقة للعادة البشرية في انتظارها منقذا: مذبحة المعطوف عليه، مذبحة الميؤوس من نفسه في الداخل!!.

ثمة رؤوس تنتظر أن يرفع الشاعر وقاحة فقحته في وجهها؛ لتتأكد من أنه كذلك شاعر لا ريب!. رؤوس تريد تأكيد ما فيها من نماذج لا أكثر!!.

في الذروة الكتب المقدسة: قسوة المعاني في اعتلائها منصة الحكم!. كان الإنسان بها يبحث عن أقسى حاكم ضده!.

المتأمِّل ينتظر، يحك بانتظاره لوعته على ملل!!.

الكلمات تتكاثر وتنهال بثقل معانيها على الطائر، وسيلزمه متسع من المرح لردمها ذات هدوء على شجر قلبه.

يرجع الآدمي لأثر معانيه القديمة في وقت تتشقق ثقته بمعانيه تجاه وقائعه الحاضرة. لحظة تكشف عدم نضج الإنسان في فهمه لتجاربه عليه، وعدم ثقته بمصداقية رغباته. فهذا المدمر، والباني لازال يتهيب من بقاء المعنى وحيدا خارج تكرارات التاريخ له!.

أراد معاوية بن أبي سفيان السيطرة على الأمة فقرر: شتم علي بن أبي طالب أربعين سنة على المنابر؛ فهيأ الكلمات لتنمو حول علي متبلة بالحب، والجفاء؛ فصارت، ولازالت الناس عبيدا لأفكاره تستعبدهم باستهلاكها لهم طوال الآن!!.

قال الإعجاب الغربي بألف ليلة: ساحر خيال لياليها، وعظيم الهمة فنها. استأنس العربي بثقة هذا الإعجاب بخياله!؛ فدبج الكلمات تهليلا لعطايا الإبداع العربي على الغربي. تبارز المصري بالأدلة؛ لإثبات مصرية الخيال الممدوح هذا، والعراقي باستئناس المدائح أنها نتاج أرض الحضارات!. أرهقوا الكلمات بجعلها تدل الضعيف على ثقته الضائعة حين شم رائحة الإعجاب هذه؛ فتورط بتكديس الهمة للبحث عن منتج الخيال الممدوح لا أبعد!!.

كانت شهرزاد تحكي؛ فنسي الحاكم صولجان سطوته على الرقاب.أسمعها عبر الحكي كأنها تقول: لا تقفوا ضد السلطان؛ فتفقدوا أرواحكم، وحتى تأمنوه سلوه، احكوا له الحكايات. كونوا مسلين، وحكائين في حضرته؛ لتعيشوا بسلام!!.

في ألف ليلة الحاكم ليس جائرا، ولا ظالما. هو كريم، ومحب للخير، والعطاء والعلم. وإذا وقعت مظلمة منه؛ فهي زلة ارتكبها بسبب وشاية المقربين منه، أو عجوز شمطاء في القصر تدبر المكائد الشيطانية!. هذا الحكي الممتع يريد إفراغ المسؤولية عن ظهر الحاكم!.

لم علي احتمال مسؤولية معاني العالم المنهارة علي، وأنا أمشي في الطريق؟!. لم يسدد العالم ديون خوفه من ملل الوحدة، والغد في خزانات رغباتي الهائمات؟! يا للمستجير!. يا للواهب القضايا بلا خفة؛ فيعتكر صفاؤه!!.
هكذا يصرخ الإنسان؛ لانتباهه لما تفعله معانيه في التاريخ ضده!!.

(اكتب. وسنمتدح صنيعك؛ سنحاول الاعتدال في ذلك ربما. سنكتشف فيك ما نريده؛ فنصنع تمثالا لك، نرث منه المعاني في كل نكبة، أو مماثلة لخلل، هكذا سنستعيدك في الخيبة، وربما انقضضنا عليك أيضا بوصفك خللنا الكبير، وحومتنا التي لم نستطع مواجهتها. اكتب. ولا عليك؛ سنعينك_ وأنت في الهاوية تختنق_ بأكسوجين تعاطفنا معك بالمدائح، أو بإقامتنا جائزة نهديكها؛ لتفرح!. لا عليك. سنجلب لك الفرح أيها التعس في مكانه؛ سنسليك على أنك سليتنا بهذياناتك هذه، وإذا لم تجد قولها بالشكل الذي يفترض بك؛ كوريث لكلام الرغبات التامة المأساة، أو بالشكل الذي نتطلع إليه فيك؛ سنبعث لك بوصايا خفيفة لتتم العمل على أكمل لعبة في الصناعة هذه!. وهيك لك، ولنا هيك من ثم .) قول في تاريخ الصناعة الأدبية على لسان العبث الفارغ من موازين الإعمال!!.

طور الكهنة اللغة. كانوا في المحك: المحافظة على المعنى المقدس، وإحاطته بالسر، والهيبة. كانت المعرفة أمرا خاصا!. هنا مع مرور تراكم المعنى، وتقديسه وتلغيزه نشأ المفسر الذي يقطر الإيضاح كمعجزة في أذهان المذهولين من هيبة المعنى المقدس. كان غموض المعنى في سديميات الغيب دليل معجزته، أناقةُ الحقائق في هوسها بنفسها. وهاهو المعبد، والكنيسة، والحوزة مستمرة مكانا لحفظ المعاني المقدسة كأسرار خاصة بالمتمكنين من الغيب.

المحافظة على المعنى مقدسا، محافظة على بقاء العقول في الأسر!.
***
كان الملك إلها. لم يقل فرعون: (أنا ربكم الأعلى) قياما بالعصيان على معنى سابق، ومكرَّس. كان يحدد معناه، يكرس صورته في الأذهان، متغنيا برغبته المتعالية في الزمن.

حين رفع الكاهن المعنى إلى تعالي السماء فقد الملك ألوهيته؛ لكنه طور رمزيته مع الكاهن كحافظ للمعنى المقدس بالسيف. هذه اللعبة بين الجليلين استخدمت الإنسان كنرد يؤدي طقوس اللعبة، ويكون نهبا لبقاء المعنى الحاكم!!.

استبدلت الدولة الحديثة الكاهن برجل المخابرات. لم تعد المعاني مقدسة مع المخابرات، صارت مجرد أسلحة تستخدم لتعطي نتائج تتطلبها سياسة الاقتصاد. هكذا يمكن العمل على نسيان معنى، وتحريك معنى غير مرغوب فيه؛ لكنه يحرك اللعبة على أتم مطلب؛ لكن ضد من؟!.

كان الشريعة؛ فصار حامي الشريعة، والقيم، والعادات؛ فتقلبت المعاني على القتل حتى جلس على حماية القيم الديمقراطية، ونشر الحريات للعالم بالقتل.والحاكم هو المعاني!!.

الشيطان بوصفه الرغبة المتمردة بالقوة في الذات هي التي عملت الثقافة على تمييزها ضد معانيها النبيلة. بهذه الشاكلة كونت الثقافة القسمة في الداخل، عبر تمرينات الإنسان في التجربة طوال التاريخ في تصنيف رغباته التي أضحت بعبعية قياسا بنبالة معانيه الأخلاقية المنهارة على درج الخوف!!.

كانت الرغبة، وكان الكاهن عدوين. التبس الإنسان في نفسه بفعل الكاهن الوجل الرابض في مرايا الثقافة أيضا!!.

حديث الحاكم عن ضرورة احترام العادات، والتقاليد، وخصوصية المجتمع، حديث من يريد للاستعباد أن يستمر!.

الذي لا نحتمله نلغزه في الحكايات!.

لا تشتكي، لا تغتم، ولا تهتم: قال الضحك!.
==========================
محمد الضامن
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.