قصص قصيرة جدا احتلام كلما سَدَر في نومه إلا ويفيق محتلما مغتلما. الفعل ذاته يتكرر. التفاصيل نفسها. الارتواء عيْنه، حتى مله الفراش. شيء شاذ يكدر صفوه، يحفر ويطن داخله كصرار ليل، لم يجد له تفسيرا. أيعقل كل هذا!! أيعقل أن يكون حلمه هو الآخر (... Etrange et pénétrant)! ؟ استعان بتفاسير الأحلام.. بفتوحات فرويد.. تهجّد بتعاويذ.. علق تمائم.. لكن زائرته الوفية تأتي في ميقاتها وتأبى إلا أن تبيت في نبضاته. نهارا، يراقبها "مراقبة المشوق المستهام". تمر من أمامه بحياد، بجفاء، بقلب من حديد. أحيانا، حين تركنُ جانبا كسفح جرف، يغتلي ارتيابه ويتقرّاها بلمس أو همس. تنأى به ظنونه، يزداد جنونه، ويقول في أسى: - أيكون احتلامي بهذه الطريقة.. وأنا الذي مَارت غيد وحسان عديدة من تحتي، وتبطّنتُ ونططتُ.. في نهاية المطاف أحلم كل ليلة أني أضاجع سيارة ( ليردوز)..!! من مُشاهدات الرائي اللامرئي (مَشاهد قد تكون شهادة ومُشاهدة، لم أُشافه بها أحدا من قبل، لا تبرح بصري وتمر علي لُمَعَ وبوارقَ. فإن أفلتتْ مني بعض التفاصيل، جاز لكم أن تتصوروها حسب هواكم) المشهد الأول: أراهم في الميترو، في حمام السباحة، في كوكب ما، في اللامكان،... يدفنون رؤوسهم بين الصفحات، يتغاضون عن كل شيء عداها. لا هنيهة لهم لإبعاد خصلاتهم الشقراء عن عيونهم التي ترتحل في طيات الأسفار. كنت كمن يقبع تحت طاقية إخفاء، لا لمحة واحدة تحصدني، تصدحني من تلك اللمحات. المشهد الثاني: أرى البيداء ترعفني،لا ترفعني،لا تعرفني من غير قرطاس ولا قلم. أراها تسربلت عارية عاوية، تحبل بالقفار والآبار، تقتلعني، تبتلعني. في كل ثقب باب، أو خرمة خيمة تلتقي العيون بالعيون تتسّقط الثنايا والزوايا. لا هسيس، ولا جليس... المشهد الثالث: أرى الميترو نفسه يشق البيداء. تمتد "البركة الحسناء". كالفسائل تُسْتورد بنادلاتها ومرتاديها الأسواق. ثمة أناس يلحسون ... يقتنصون شتى الغلمات. يدفنون ... يحاكون النعامات. على مرمى بلحة تُخسف، تُنسف- بمن فيها- الأنفاق. (كم كنت هاجعا في فلوات ذاتي تطوقني طاقية إخفاء، يتخطاني مراقب التذاكر، وأنا أمتطي ميترو الأنفاق!!) السلطة الرابعة عشق سحر السلطة الرابعة. عندما أراد أن يقتحمها تزوج إحدى المشتغلات فيها فأضافها زوجة رابعة. ================ جمال الدين الخضيري