في سياق التطورات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، قامت الدبلوماسية الإسبانية، خلال الأسابيع الأخيرة، بإجراء اتصالات بعواصم كبرى مثل باريس ولندن وموسكو وبكين وواشنطن، لبلورة تصور حول المبعوث المقبل الذي سيتولى الوساطة في ملف الصحراء، وهناك تحفظ روسي على بعض الأسماء لا سيما بعدما بدأ هذا البلد يتبنى مواقف لا تصب في مصلحة المغرب، حسب ما أوردته "القدس العربي". وما زال موضوع خلافة المبعوث الأممي هورست كوهلر، الذي استقال من منصبه لأسباب صحية قبل حوالي ثلاثة أشهر، يطرح جدلا متواصلا داخل الكواليس الأممية، مع اقتراب نهاية ولاية البعثة الأممية إلى الصحراء المغربية (المينورسو) في أكتوبر القادم، ما دفع بالأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، إلى الدخول في مشاورات سرية مكثفة مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين، بخصوص الأسماء المرشحة لخلافة كوهلر. وأضافت "القدس العربي"، فإن الأممالمتحدة تجد دائما صعوبة كبيرة في اختيار المبعوث الخاص لنزاع الصحراء، وتتولى إسبانيا تقديم مقترحات. وتعود هذه الصعوبة إلى محاولة الأممالمتحدة إقناع شخصية دولية معروفة قادرة على فرض الحد الأدنى لإنجاح المفاوضات. وكانت مدريد قد اقترحت في الماضي مثلاً وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، لكنه رفض وجرى اختيار الهولندي فان والسوم. وأعتبرت ذات الصحيفة، أنه من المعطيات الجديدة التي برزت في هذا الملف الموقف الروسي الذي لا يصب نهائياً في مصلحة المغرب، وهو تطور مقلق للرباط، حيث تتحفظ موسكو على القرارات الأخيرة لمجلس الأمن حول تمديد ومهام قوات المينورسو. واستطاعت خلال المرة ما قبل الأخيرة إقناع الصين بالتصويت بالامتناع عن الشكل الجديد الذي اتخذه القرار الأممي الخاص بهذا النزاع الذي يعود إلى السبعينيات ولم يجد الحل حتى الآن. وزعمت ذات الصحيفة، أن الرباط كانت تعتقد في حياد روسيا، بل ولجأت إليها سنة 2013 عندما حاولت إدارة الرئيس باراك أوباما تكليف قوات المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان، ما تسبب في نزاع بين واشنطنوالرباط، حيث تراجعت العلاقات ولم تتحسن مع الإدارة الجديدة في ظل دونالد ترامب، بل ساء ملف الصحراء بسبب وجود مستشار الأمن القومي جون بولتون، أحد أهم الداعمين لجبهة البوليساريو في تاريخ البيت الأبيض. وجرى الاعتقاد في موقف متفهم لروسيا بعد زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو خلال شهر مارس من سنة 2016 وتوقيع اتفاقيات مع الرئيس فلادمير بوتين. لكن ما حدث هو بدء روسيا باتخاذ مواقف غير معتادة، ومنها التحفظ على قرارات مجلس الأمن الخاصة بالمينورسو، وأحياناً التدخل لتعديل كثير من مضمونها رغم أنها لم تصوت عليها، وحالياً تفرض شروطاً دقيقة في اختيار المبعوث الأممي للصحراء. ومن ضمن تفسيرات حول الموقف الروسي هو عدم التزام المغرب بالتعهدات التي جرى التوقيع عليها، ومنها التعاون في المجال العسكري، ما جعل موسكو تتخذ هذه المواقف في الصحراء، بل ولم تسمح برفع الصادرات الزراعية المغربية إلى السوق الروسية، علماً أنها كانت مرشحة للارتفاع بعدما أقدمت موسكو على التقليص من الصادرات الزراعية الأوروبية كرد على العقوبات. وتتبنى موسكو سياسة التشدد مع الدول التي لا تتعهد بالتزاماتها في العلاقات الثنائية. وتخلى الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر عن دوره كمبعوث أممي للصحراء المغربية. وأفادت متحدثة باسم الأممالمتحدة في نيويورك في بيان الأربعاء (22 ماي 2019) بأن كولر أبلغ الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش أنه سيتنحى لأسباب صحية. وأضاف البيان أن غوتيريش "أعرب عن امتنانه العميق لكوهلر لجهوده الحثيثة والمكثفة التي أرست لزخم جديد في العملية السياسية حول قضية الصحراء". وكان كوهلر البالغ من العمر 76 عاما قد تولى منصب الرئيس الألماني، وهو منصب شرفي إلى حد كبير، وذلك بين عامي 2004 و 2010، ثم تولى منصبه كمبعوث للأمم المتحدة في غشت 2017.