يتزايد الحديث مؤخرا عن العنف ضد الرجال في المغرب، وهي ظاهرة يصفها البعض ب"المسكوت عنها"، في حين يرى آخرون أن الأمر يتعلق ب"حالات قليلة ومعزولة" لا ترقى إلى مستوى الظاهرة كما هو الحال بالنسبة للعنف ضد النساء. 150، هو عدد الحالات التي تستقبلها "الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي" شهريا، وذلك وفق ما يؤكده رئيسها فؤاد الهمزي الذي يشدد على أن الأمر يتعلق ب"ظاهرة منتشرة" ولكن "مسكوت عنها".
ويوضح المتحدث انطلاقا من الحالات التي يتابعونها في الجمعية أن "النساء يمارسن مختلف أنواع العنف"، مضيفا "أن العديد من الزوجات يعنفن أزواجهن لفظيا بالسب والشتم وجسديا بالضرب، ونفسيا بالسحر والشعوذة وقانونيا باتهام الزوج زورا بالعنف".
النساء قد يمارسن أيضا "عنفا جنسيا" في حق أزواجهن، بحسب ما يؤكده الهمزي ضمن تصريحه ل"أصوات مغاربية"، مشيرا إلى أن هناك "حالات لرجال يتعرضون للابتزاز الجنسي من طرف زوجاتهم اللائي يرفضن مشاركتهم الفراش قبل الحصول على مقابل قد يكون ماديا أو معنويا".
"ضحايا العنف النسوي" من الرجال بحسب المتحدث "ينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة وذوو مستويات تعليمية متفاوتة" إذ أن بينهم "المتعلمون والأميون، والعاطلون والأطر".
من جهة أخرى، يلفت المتحدث إلى أن "كثيرا من ضحايا هذه الظاهرة صاروا في الفترة الأخيرة لا يجدون حرجا في البوح بما يتعرضون له بعدما كانوا يرفضون الكشف عنه".
"يمكن أن تكون هناك حالات لرجال يعنفون من طرف النساء، لا ننكر ذلك"، تقول نائبة رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، سميرة موحيا، غير أنها ترى في الوقت نفسه أن الأمر يتعلق ب"حالات قليلة ومعزولة".
وبحسب موحيا فإن تلك الحالات لا تصل حد وصفها ب"الظاهرة" أو مقارنتها بالعنف الذي تتعرض له النساء والذي أحيانا "يتساهل ويتسامح معه المجتمع".
وتستدل المتحدثة في السياق بالمعطيات الرقمية التي أوردتها العديد من التقارير الصادرة عن مؤسسات حكومية وغير حكومية والتي تكشف عن مدى انتشار العنف ضد النساء.
فعلى سبيل المثال، وحسب معطيات تضمنها البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء بالمغرب، والتي تم الكشف عنها مايو الماضي، فاقت نسبة انتشار العنف في أوساط المغربيات 54%.
تبعا لذلك، ترى المتحدثة ضمن تصريحها ل"أصوات مغاربية" أن ما تعانيه النساء أبعد ما يكون عن مقارنته بما يمكن أن يعانيه الرجال، مبرزة أن ما تعانيه النساء لا يقتصر على العنف المادي فحسب، إنما أيضا "التمييز الذي يفرض عليها عراقيل في جميع الميادين" وذلك "في ظل منظومة ذكورية تجعل من كافة الظروف والوسائل لصالح الرجل".
من جانبه، يوضح المحامي والحقوقي، محمد الشمسي، أنه وخلافا للعنف ضد النساء فإن "العنف ضد الرجال كمفهوم غير موجود في القانون"، حيث "يقاس على هذا النوع من العنف ما يقاس على العنف الذي يتعرض باقي المواطنين".
من جهة أخرى، يرى المتحدث أن "المرأة ما تزال مستضعفة في هذا المجتمع"، مبرزا ضمن تصريحه ل"أصوات مغاربية" أنه "قد تكون هناك حالات لرجال يتعرضون للعنف من طرف النساء ولكنها حالات قليلة" و"لا تصل درجة وصفها بالظاهرة".
"في جميع الدول التي تنتمي إلى ما يسمى بالعالم الثالث والتي تعاني من تخلف فكري، يعتبر الذكر هو الزعيم والقائد"، يقول الشمسي، بل إن "الأخطر" وفق تعبيره أن "هناك نساء مازلن مقتنعات أنهن خُلقن ليحتلن المرتبة الثانية بعد الرجل" و"منهن من يعتبرن المطالبة بالمساواة بمثابة تجرؤ على حق من حقوق الله، وهذا غير صحيح".
تبعا لذلك يتساءل المتحدث باستغراب "كيف يمكن للرجل أن يكون مستضعفا في مجتمع ذكوري كهذا؟" مبرزا أنه وإن كانت هناك حالات لرجال معنفين فهي "حالات قليلة" و"لا يمكن مقارنتها بالعنف والميز الذي تعانيه النساء".