أطلق رواد مغاربة في منصات التواصل الاجتماعي حملة تدعو إلى دعم الليرة التركية، ومقاطعة المنتجات والمواد الغذائية الأمريكية. الحملة جاءت ردا على مضاعفة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 10 غشت الجاري، الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية من الصلب والألومنيوم التركي ب50 بالمئة و20 بالمئة على التوالي، متذرعا بعدم إفراج أنقرة عن القس أندرو برانسون الذي يُحاكم في تركيا بتهمة دعم تنظيمي "غولن" و"بي كا كا" الإرهابيين.
وهو ما ردت عليه أنقرة بفرض رسوم على 22 منتجا أمريكيا، بما يعادل 533 مليون دولار. وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن تركيا لا ترضخ للتهديدات، ومستعدة لجميع الاحتمالات الاقتصادية.
دعم ومقاطعة
ويتداول رواد لمنصات "فيسبوك" و"تويتر" في المغرب هاشتاغ (وسما) باسم #ادعموا_الليرة_التركية.
ويدعو متضامنون إلى استهلاك المنتجات التركية، أو السفر إلى إحدى المدن التركية، وقضاء الإجازة الصيفية فيها، لدعم الاقتصاد التركي.
وظهرت فكرة دعم المنتجات التركية، بعد تعذر تحويل الدولار أو اليورو إلى الليرة التركية، لأن البنوك المغربية لا تتعامل بالليرة.
وبموازاة هاشتاغ دعم المنتجات التركية، دشن نشطاء حملة تدعو إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية، في محاولة للضغط على واشنطن، للتراجع عن عقوباتها بحق تركيا.
وكتب الإعلامي المغربي، خالد أبجيك، تدوينة على صفحته ب"فيسبوك" قال فيها: "قاطع أمريكا، قاطعوا السلع الأمريكية، -نصرة تركيا واجبة- تركيا فوق الجميع".
وعي سياسي
معلقا على تفاعل المغاربة مع حملة دعم الشعب والحكومة التركية، قال إدريس بوانو، الباحث المغربي في الشأن التركي، للأناضول، إن "الحملة تعبر عن منسوب الوعي السياسي لدى الشباب المغربي".
وأضاف أن الحملة "انتصار للشعوب وانعتاق من الهيمنة الاستعمارية".
وشدد بوانو على أن "تركيا تشكل إلى حدود الآن نموذجا للشعوب الراغبة في التحرر والانعتاق من الهيمنة، وهو ما ظهر في الحجم الكبير من التعاطف اللامتناهي لدعم تركيا، ودعم خياراتها ضد الهيمنة الأمريكية".
وزاد بأن "دعم تركيا لا يعني تبني النموذج التركي، بل هو رسالة قوية ذات دلالة، لا سيما للدول التي ترغب في التحرر وبناء نموذجها السياسي والاقتصادي الخاص بها".
ومضى بوانو قائلا إن "الحملة أتبتث رغبة الشعوب في الانعتاق وبناء خيارات سياسية وديمقراطية واجتماعية تتناسب ووضعها".
انتماء مشترك
فيما انتقد الإعلامي المغربي، يونس مسكين، مدير نشر صحيفة "أخبار اليوم" (خاصة)، في افتتاحية الصحيفة أمس الجمعة، أصواتا استنكرت التفاعل المغربي ضد الهجوم الأمريكي على تركيا.
وقال إن النقاش الكبير الذي شهدته منصات التواصل الاجتماعي، على غرار ما وقع أثناء المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرضت لها تركيا قبل عامين، يستحق وقفة للتأمل والقراءة.
واعتبر مسكين أن "التفسير الوحيد لتفاعل كهذا هو أن ما يحدث في تركيا على غرار ما يحدث في العراق وسوريا، أو فلسطين أو مصر أو تونس (..) يصادف شعورا بانتماء مشترك وتطلعا متقاسما نحو التحرر والنهضة".
ويرى مراقبون أن الدعم المعنوي ومحاولات الدعم المالي لتركيا من الشعب المغربي، عبر استهلاك المنتجات التركية، يعود إلى تأثر مغاربة بما وصلت إليه دولة تركيا في السنوات الأخيرة من تقدم وتطور في مجالات عديدة، وهو ما جعلها وجهة للكثير من المغاربة لقضاء عطلهم.
استعمار النظام العالمي
تفاعلاً مع هاشتاغ #ادعموا_الليرة_التركية، دعا الشيخ، حماد القباج، المغاربة، والشعوب العربية عامة، إلى دعم تركيا وأردوغان، بعد تأثر الليرة التركية.
وقال القباج، في تدوينة على صفحته ب"فيسبوك"، إن "حجم التعاطف الذي انتشر في العالم الإسلامي مع تركيا مؤشر قوي على نجاح مؤسس الجمهورية التركية الثانية أردوغان، في كسب دعم الشعوب الإسلامية بسبب سياساته المنحازة للشعوب المظلومة، ونجاح النموذج التنموي الذي قاده، ولإثباته أن الاستقلال من استعمار النظام العالمي الجديد ممكن وليس مستحيلا".
وأضاف أن "هذا كله يؤكد بأننا أمام فرصة حقيقية للعمل الجاد والصبور والنضال الدؤوب من أجل اتحاد إسلامي يسهم في استرجاع الأمة الإسلامية لكرامتها واستقلالية قراراتها ورفاهية ونماء وازدهار شعوبها".
وشدّد القباج على أن "هناك زعامات في العالم الإسلامي انخرطت في مبادرات تنم عن وعيها بأهمية اللحظة التاريخية وضرورة اهتبال (اغتنام) هذه الفرصة التي يصعب أن تعوض".
وتابع: "وفي مقدمة هؤلاء الزعماء: أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، الذي ضخ في تركيا استثمارا مباشرا قدره 15 مليار دولار".
ورأى أن هذه الموقف "يعبر عن إرادة الشعوب الإسلامية التواقة للكرامة والحرية والتي انخرطت بتلقائية في دعم الاقتصاد التركي ضد الحرب الأمريكية".
غطرسة أمريكية
الداعية المغربي، عادل رفوش، كتب تدوينة على "فيسبوك" دعا فيها إلى "الوقوف مع القادة العادلين والشعوب الأكرمين، والذين هم في الأتراك اليوم حكومة وشعباً يحتلون الصدارة في التعاون الإسلامي على البر والتقوى والنهضة والإغاثة والسلام العالمي، يتقدمهم في ذلك القائد الصالح أردوغان".
وتابع رفوش: "فأنا باسمي وصفتي أدعو إخواني المسلمين وكل أحرار العالم للوقوف مع هذه الأمة التركية الأبية ضد الغطرسة الأمريكية التي يتزعمها ترامب وأعوانه الصهاينة".
وتشهد تركيا في الآونة الأخيرة حربًا اقتصادية من جانب قوى دولية، في مقدمتها الولاياتالمتحدة، ما سبب تقلبات في سعر صرف الليرة، قبل أن ينحسر.