يقف حزب العدالة والتنمية على أعتاب مؤتمره الوطني، بينما العيون شاخصة إلى هوية خليفة عبد الإله ابن كيران الذي يبدو أنه يمضي في اتجاه البقاء في قمرة قيادة حزب "المصباح" برغبة منه وبدون منافس.
لكن الأمنية التي يطرحها البعض على شكل سؤال، همسا أحيانا وبصوت عال أحيانا أخرى: هل يمكن أن تتولى امرأة قيادة الحزب؟
نظريا، لا شيء يمنع ذلك، فالمرأة في "البيجيدي" ليست مجرد ديكور سياسي، بل ساهمت في معاركه الانتخابية، وتولت مناصب وزارية وبرلمانية، وكانت في صلب النقاشات الكبرى التي عرفها التنظيم.، لكن السياسة ليست نظريات فقط، بل توازنات وحسابات، وهنا تكمن المشكلة.
لكن يبدو أن الحديث عن قيادة نسائية للحزب أقرب إلى التمرين الذهني منه إلى احتمال واقعي في ظل تنظيم محكوم بتقاليد يصعب كسرها دفعة واحدة، وثقافة سائدة داخله لم تتجاوز بعد سقف تقبل النساء على رأس فرق أو مجموعات برلمانية، فما بالك أمينات عامات.
صحيح أن أسماء مثل أمينة ماء العينين، بثينة القروري، جميلة المصلي وسعادة بوسيف، برزت في محطات مختلفة، لكن وصول إحداهن إلى رأس الحزب يظل سيناريو أقرب إلى الخيال السياسي منه إلى الواقع.
ثم إن هناك ظل ابن كيران الذي لم ينزح بعد. فالرجل لا يزال يمثل المرجعية الأولى بخطاب نافذ إلى القواعد ومؤثر في الجمهور. ومن دون انسخابه أو مباركته أو على الأقل حياده، يصعب تصور وصول أي شخصية إلى القيادة، فما بالك بشخصية نسائية في حزب ظل لعقود يصوغ خطابه على مقاسات الزعامة الذكورية الكاريزمية.
قد يجادل البعض بأن الدفع بقيادة نسائية يتماشى مع روح العصر ورسائل التمكين التي يبعثها الحزب بين الفينة والأخرى. لكن حين يتعلق الأمر باتخاذ القرارات المصيرية، فإن "البيجيدي" يعود إلى قواعده الأصلية، حيث النفَس المحافظ أقوى من الرغبة في التجديد. فحتى حين وصلت بعض قياداته النسائية إلى مواقع متقدمة، بقيت تدور في فلك القيادة الذكورية، ولم تخرج عن الحدود المرسومة لها إلا في حالات نادرة جدا.
ربما سيكون مؤتمر العدالة والتنمية اختبارا جديدا لقدرته على التكيف مع المتغيرات، لكن إذا كان البعض ينتظر خروج الدخان الأبيض معلنا عن أمينة عامة جديدة، فقد يخيب ظنه. لأن الحزب لم يصل بعد إلى تلك المرحلة من الجرأة، وربما لن يصل إليها قريبا.
وفي المحصلة، أقصى ما يمكن توقعه هو تعزيز الحضور النسائي في الأمانة العامة، أما كرسي الأمانة العامة، فسيظل – على الأرجح – حكرا على الذكور أو قل على شخص واحد، حتى إشعار آخر.