بالرغم من وجود ترسانة قانونية مهمة في المغرب تدعو وتؤيد مبدأ المناصفة، إلا أن المشاركة السياسية للمرأة على العموم تبقى ضعيفة، هذا ما خلص إليه تقرير حديث صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، مسلطا الضوء على مستقبل المناصفة في المغرب ومدى إمكانية تحققه على أرض الواقع.
وأبرز التقرير الذي يحمل عنوان "مبدأ المناصفة السياسية يراوح مكانه في المغرب"، أن "الكوطا" حاولت تجاوز هذا الإشكال، بمنح مقاعد مخصصة للنساء والتي تم رفع حصتها في الدورة التشريعية الأخيرة إلى 90 مقعدا بدل 60 وعلى أساس لوائح جهوية، منعا لاحتكار هذه المناصب من طرف المقربين من الدوائر الحزبية في المركز، إلا أنه ورغم هذه الإجراءات التقنية، لم ترتفع التمثيلية النسائية بشكل كبير خارج المقاعد المخصصة للنساء في إطار الكوطا، ليطرح السؤال من جديد حول تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة والهيئات السياسية.
واستعرض المركز في تقريره، التحديات التي تجابه تحقيق مبدأ المناصفة في المغرب وعزاها إلى عدة عوامل؛ أبرزها: الثقافة المجتمعية التي مازالت تعزز الصورة النمطية عن المرأة ك"كائن غير سياسي"، ثم غياب إرادة سياسية حقيقية لدى بعض الأطراف لتفعيل المناصفة بشكل كامل، إضافة إلى المناخ السياسي والاقتصادي العام الذي لا يشجع النساء على الانخراط بقوة في العمل السياسي، مما يعيق تحقيق تمثيلية متوازنة بين الجنسين.
كما أن استمرار غياب هيئة المناصفة يشكل عائقا كبيرا أمام تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين، يضيف التقرير، مشددا على وجوب تسريع تفعيلها وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية مواتية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، مع تكريس مبدأ المناصفة ليس فقط كهدف عددي بل كقيمة إنسانية ومبدأ أساسي في بناء مجتمع ديمقراطي.
وبلغة الأرقام، فلم تتجاوز نسبة النساء المنتخبات في الانتخابات التشريعية لعام 2021، 24.3% فقط من مجموع أعضاء مجلس النواب، معتمدات بشكل كبير على"الكوطا"، إذ لم تتمكن سوى خمس نساء من الفوز بمقاعد خارج هذه الآلية، فيما سجلت النساء على صعيد المجالس الجهوية والمحلية، تمثيلا نسبيا وصل إلى 38.5% و26.64% على التوالي، وهو ما يعتبر تحسنا طفيفا مقارنة بالسنوات السابقة.
أما التمثيلية النسائية على مستوى المناصب الحكومية، فما تزال محدودة، بحسب المصدر ذاته، فالحكومة الحالية تضم 7 وزيرات من أصل 28 وزيرا، مما يمثل حوالي 25% فقط، ويلاحظ أنه رغم حصول النساء على حقائب وزارية استراتيجية مثل الاقتصاد والمالية، إلا أن معظم الحقائب الأخرى التي تشغلها النساء تنتمي لقطاعات ذات طابع اجتماعي أو تقني، ما يعكس غيابا ملحوظا في المواقع ذات التأثير السياسي المباشر.