حسب مقال بحثي نشر بموقع المعهد المغربي لتحليل السياسات، لم يحقق نظام الكوطا بالمغرب هدفه الأساسي؛ فرغم مرور أربع دورات انتخابية تشريعية منذ إقراره سنة 2002، إلا أنه لم يتح بروز قيادات نسائية تستطيع منافسة الرجال خارجَ نظام اللائحة. أسباب المشكل حسب مقال بحثي لإكرام عدنني، أستاذة العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن زهر بأكادير، لم يرفع إقرار "كوطا النساء" من نسبة تمثيليَتهن بالبرلمان خارج نظام اللائحة، بل بقين يعتمدن بشكل شبه الكلي على اللائحة من أجل تمثيلية متوسطة لهن بالبرلمان. وأرجعت عدنني استمرار تدني نسبة تمثيلية المرأة خارج نظام اللائحة إلى مجموعة من الأسباب، من بينها الثقافة السياسية السائدة، وحداثة تجربة اعتماد مبدأ التمييز الإيجابي، والعقلية الذكورية التي مازالت صامدة وترى أن الأداء السياسي للرجل أكثر من المرأة، بالإضافة إلى عوائق انتشار المحسوبية داخل الأحزاب السياسية التي تنعكس على الترشيحات النسائية. واستعرضت الباحثة آراء متعددة حول الموضوع، ترى بعضها أن الكوطا تم تحويلها إلى ريع، وأن المعايير الأبوية المتجسدة في علاقات السيطرة والخضوع مازالت تحتل دورا رئيسيا في تكريس عدم المساواة بين الجنسين، إلى جانب آراء ترى أنه لولا نضالات المرأة البرلمانية من داخل قبة البرلمان لمرت قوانين، مثل القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، مرور الكرام. واستشهدت أستاذة العلوم السياسية بتقارير تقول إن هناك فارقا زمنياً بين منح الحقوق وممارستها، وأن من بين أسباب ضعف تمثيلية النساء بطءُ بلوغ المرأة مناصب صنع القرار في المجال التنفيذي والتشريعي والقضائي وفي القطاع الخاص وسوق العمل، إضافة إلى كون إدماج المرأة في الحياة السياسية ليس مرتبطا بالمشاركة فقط في البرلمان والمجالس المنتخبة، ولكن بتمكينها الفعلي من اتخاذ القرارات الحيوية داخل الدولة، فضلا عن النسبة العالية للأمية في صفوف الإناث، وارتفاع البطالة النسائية. طريق طويل ذكّرت إكرام عدنني بتطورات تمثيلية المرأة بالمغرب، منطلقة من الانتخابات التشريعية في سنة 1993 التي عرفت أول مشاركتين نسائيتين في البرلمان، مرورا باعتماد المغرب منذ سنة 2002 نظام الكوطا بهدف ضمان الحد الأدنى من تمثيلية النساء في المؤسسة التشريعية، واعتماد أسلوب الاقتراع بالتمثيل النسبي عن طريق اللائحة، ما ساهم نسبيا في الرفع من تمثيلية النساء سياسيا. وذكرت عدنني بتوافق مختلف الأحزاب على تخصيص لائحة وطنية لفائدة النساء انسجاما مع توجهات الدولة في هذا المجال، ودستور المغرب في سنة 2011 الذي تضمن قانونا تنظيميا جديدا لمؤسسة البرلمان من خلال آلية تشريعية رفعت مستوى التمثيل النسائي إلى 60 مقعدا بدل 30 في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، ما أتاح ولوج 67 امرأة إلى البرلمان، والتصديقَ على قانون المجالس المنتخبة الذي يرفع تمثيلية النساء في هذه المجالس من 12 في المائة إلى 27 في المائة. واستشهدت الباحثة بارتفاع تمثيلية النساء خلال الانتخابات التشريعية سنة 2016 إلى 81 امرأة من أصل 395 عضوا في مجلس النواب؛ وصلت 60 منهن عن طريق اللائحة النسوية الوطنية، بينما وصلت المتبقيات عن طريق اللوائح المحلية ولائحة الشباب. وذَكَرت عدنني أنه باستثناء الحزب الاشتراكي الموحد الذي توجد امرأة على رأس قيادته لم يَطرح أي حزب سياسي إمكانية تولي امرأة منصب الأمين العام للحزب، مضيفة أنه رغم أن بعض الأحزاب السياسية مثل حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال أسست لجانا تهتم بالمناصفة، وتعمل على تشجيع ترشح النساء للانتخابات، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتحسين وضعية المرأة داخل الأحزاب. اختلالات بنيوية ترى الباحثة أنه رغم جانب الحقيقة في الرأي الذي يقدم الكوطا النسائية كمبدأ يتناقض ومبدأَ المساواة في الحقوق والواجبات، إلا أن هذه الأخيرة "تبقى حلا مرحليا أمثل لمجتمع لازال يؤمن إلى حد ما بأن قدرات المشاركة السياسية للمرأة، خاصة على مستوى القرار، تبقى متواضعة". وتُرجع عدنني سبب عدم جني النتائج المرجوة من الكوطا إلى حدود الساعة إلى "اختلالات بنيوية" تتطلب معالجتها سنَّ سياسات عمومية جديدة تسمح بانخراط النساء في العمل السياسي، والحد من الاختلالات البنيوية بين الرجال والنساء على المستوى السوسيو-اقتصادي، وتغييرَ العقلية الذكورية.