على ضوء المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة، التي كشف عنها وزير العدل عبد اللطيف وهبي رفقة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق، خلال اللقاء التواصلي الذي انعقد أمس الثلاثاء بالرباط، عاد الحديث مجددا حول مسألة "المساواة في الإرث" و"إلغاء التعصيب" إلى واجهة النقاش المجتمعي، بعدما حافظت اللجنة المكلفة بهذا الورش الإصلاحي للقانون الأسري على الصورة الشرعية للمنظومة الإرثية.
ورفضت حساسيات محافظة وصف النقاط التي تم الكشف عنها، والتي استثنت نظام الإرث "انتصارا" على حساب التيارات الحداثية، معتبرة أن "عدم المساس بهذه المنظومة المحاطة بالنصوص الشرعية القطعية، يساهم في صون الهوية المغربية"، مؤكدين على أن "فئة الحداثيين لا تشكل إلا نسبة زهيدة في المجتمع المغربي".
ورغم أن هاته التعديلات الجديدة المعلن عنها حافظت شيئا ما على مطالب الطبقة المحافظة بالمغرب، فإنها لم تخل من مؤاخذات التيار الإسلامي، خاصة في ما يتعلق بمسألة التعدد وشروطه الجديدة، بالإضافة إلى الأمر المتعلق باحتساب عمل الزوجة داخل البيت ضمن الأموال الزوجية المكتسبة.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية أحمد كافي، إن "التعديلات التي تم الكشف عنها من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير العدل تنتصر للأسرة المغربية وليس لأي تيار آخر، وبالتالي فإن المدونة فهي تعني المسلمين فقط، وأن دستور المملكة باعتباره ميثاق المغاربة ينص على أن الدولة المغربية دولة مسلمة".
وأضاف كافي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "جميع الأمور التي طالها التغيير من أجل إعطاء تقييم شامل لهاته المقترحات"، مستدركا: "لكننا اليوم نتحدث فقط في الأمور التي قدمتها اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة للعموم، غير أن المهم في هذا الموضوع هو أن الإرث تم احترامه وفقط للمبادىء الشرعية".
وتابع المتحدث عينه أن "الحفاظ على منظومة الإرث فهو ليس انتصارا للتيارات المحافظة، وإنما الإبقاء على النظام الذي جاء به القرآن الكريم والشريعة الإسلامية، في حين أنه تم معالجة الأمر الذي يتعلق ببيت الزوجية بعد وفاة الزوج، وإبعاده من القسمة الإرثية أو التركة".
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن "اعتبار عمل الزوجة داخل البيت دَيناً على الرجل هو أمر غير مقبول ولا يمكن الاستعانة به، وأنه عندما طرحت الأمور علينا لم نحسم فيها لأنها غير منطقية، بالإضافة إلى مسألة التعدد التي تم وضعها في صيغة شرط فهي غير شرعية، لأن التعدد لا يشكل أي حرج لدى المغاربة".
وأردف أن "التصور الذي تم وضعه في موضوع التعدد قد يساعد على الزنا والفساد، علما أن نسبة التعدد بالمغرب ضئيلة جدا، وأن هذه الأمور المعلن عنها في الساعات الماضية لم تحقق انتصار لأي جهة كيف كان لونها أو انتمائها الأيدلوجي".