على الرغم من أن الجزائر تزعم بأنها ليست طرفا في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إلا أن أفعالها وتصريحات مسؤوليها وما يروجونه من مغالطات وأباطيل تفضح مزاعمهم، إذ في كل مرة ينسجون سيناريوهات ووقائع يدعون أنها تاريخية أو "حقائق واقعية" لينكشف بعد ذلك زيفها.
أخر هذه المواقف ما عبر عنه الوزير والدبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي الذي زعم أنه "عُرضت عدة مرات على الجزائر اقتراحات من فرنسا في عهد الرئيس شارل ديغول، ومن إسبانيا في عهد الديكتاتور فرانكو للتنازل لها على الصحراء الغربية، وحتى من الولاياتالمتحدة التي اقترحت، حسبه، على الجزائر تقاسمها مع حليفها المغربي".
وادعى رحابي، تصريحات تناقلتها منابر إعلامية جزائرية، أن "الجزائر رفضت هذه المقترحات كلها لأنها كانت تفتقر إلى الشرعية، حيث إن هذه الأرض ليست ملكا لأية من تلك الدول لتقوم بمنحها".
وفي كشفه لزيف هذه الادعاءات والأباطيل، أكد أحمد نورالدين، خبير العلاقات الدولية المتخصص في ملف الصحراء، أن "الكذب والافتراء على المغرب من قبل مسؤولين جزائريين ليس أمرا طارئا أو عرضيا بل يمكن أن نعتبره "سياسة دولة" وخيارا رسميا للجزائر في تعاطيها مع كل ما يتعلق بالمغرب".
وأضاف نورالدين، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "أثبت كذب وافتراء مسؤولين جزائريين في العديد من المقالات التي رصدت جزءً يسيرا من طوفان البروبكاندا الجزائرية الرسمية الموجهة بشكل يومي لتضليل الرأي العام المحلي والدولي حول قضية الصحراء المغربية بشكل خاص، والعلاقات المغربية الجزائرية بصفة عامة".
وبخصوص مزاعم الوزير الجزائري السابق حول الصحراء و"وعود ديغول وفرانكو والولاياتالمتحدة، بمنحها للجزائر"، قال نورالدين، إن "هذه الافتراءات ليس عليها أي دليل، في حين أن ما هو مؤكد بالدليل وموثق بالصوت والصورة هو عكس ذلك تماما".
وتابع: "بالنسبة للرئيس الفرنسي شارل ديغول، فما هو ثابت في الأرشيف أنه بعث رسالة سنة 1960 إلى الملك محمد الخامس حول نية فرنسا إجراء تجارب نووية في الصحراء الشرقية المغربية المحتلة، وكان جواب العاهل المغربي في رسالة جوابية هو رفض إجرائها".
وأضاف نورالدين، أن "الرسالتين موجودتين ويمكن الاطلاع عليهما، وهما دليل من بين آلاف الوثائق التي تؤكد اقتطاع أقاليم توات وكورارا وتدكلت وبشار وتندوف وعين صالح وأدرار وغيرها من المغرب".
وسجل أن "ما هو ثابت أيضا بالنسبة لشارل ديغول في خطاب شهير متاح على الشبكة العنكبوتية، هو قوله "بأنّ الجزائر منذ أن كان العالم عالما، لم يثبت أنها كانت أمةً، بل كانت أرضاً دخلها الفاتحون من كل الأجناس من الرومان إلى الأتراك والفرنسيين".
أما بالنسبة للجنرال فرانكو، فما تؤكده وثائق الأرشيف، حسب نورالدين، "هو مراسلة الجزائر لإسبانيا منذ الشهور الأولى من استقلالها سنة 1963 من أجل التنسيق بينهما على مستوى "إقليم الصحراء"، لقطع الطريق على المغرب في استعادة أراضيه"، مبينا أن "هذا ما تؤكده وثائق الأممالمتحدة انطلاقا من نفس السنة، التي توافق تاريخ مطالبة المغرب بتقرير مصير "سيدي إفني والصحراء" من أجل تحريرهما من الاحتلال الإسباني وعودتهما إلى الوطن الأم، حيث وقفت الجزائر إلى جانب إسبانيا ودعمت موقفها ونسقت معها تحركاتها الدبلوماسية ضد المغرب".
وكشف نورالدين، إلى أن "هناك شهادات موثقة لرئيس الجماعة الصحراوية خطري ولد سيدي سعيد الجماني حول اجتماع دُعي له في السفارة الجزائرية في العاصمة الإسبانية لمحاولة إقناعه بعدم الانضمام للمغرب سنة 1975، فرفض وفضح الدولة الجزائرية التي كانت تتبجح بشعارات التحرر والاشتراكية في العلن بينما كانت تتآمر في الخفاء مع الحكومة الفاشية الإسبانية تحت قيادة الجنرال فرانكو ضد المغرب".
أماّ بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، فما هو مثبت، وفق نورالدين، بالوثائق الرسمية، يُكذّب ادعاءات الوزير الجزائري، مؤكدا أن "ما أثبته تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير 2002، هو أنّ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اقترح على المبعوث الأممي إلى الصحراء آنذاك جيمس بيكر، أمريكي الجنسية، تقسيم الصحراء".
وشدد نورالدين، أنه بناء على كل ما سبق يتبين أنّ "الجزائر تتبنى سياسة الكذب دون أن تقدم دليلا واحدا على مزاعمها، بينما الوثائق والوقائع والأرشيف في الحالات الثلاثة تكذب الوزير الجزائري بل وتفضح أنّ ما وقع هو العكس تماما مما يدعيه هذا الوزير الجزائري وكل الطبقة الحاكمة في الجزائر".
ومادام أن "الكذب والافتراء على المغرب" أصبح بالنسبة للنظام العسكري "سياسة دولة" فإنه لا يقتصر على مسؤول دون مسؤول، إذ الكل ينخرط في "جوقة البروباغندا" لتسويق أباطيل لا أساس واقعي ولا تاريخي لها، وهو ما يظهر فيما قاله وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، في دجنبر 2023، خلال لقاء مع موقع "أثير" القطري، إذ زعم بأن "الجزائر هي الأكثر ميولا إلى الإسراع في إيجاد حل مع المغرب"، بينما الوقائع تكذب ذلك، يؤكد نورالدين.
وأردف أن "الجزائر هي التي رفضت اقتراح الجامعة العربية إدراج المصالحة في جدول أعمال القمة العربية سنة 2022، كما رفضت كل العروض التي قدمها ملك المغرب في خطابات رسمية للمصالحة بين البلدين وخلق آلية للحوار تناقش كل المشاكل دون طابوهات، بل في إحدى الخطابات الملكية الداعية للمصالحة في يوليو 2021، جاء الردّ الجزائري بعد شهر فقط بقرار قطع العلاقات من جانب واحد في غشت 2021".
وزاد أن "نفس الوزير أحمد عطاف هو الذي قال في نفس الحوار "نحن واعون ببناء المغرب العربي وبالتآخي بين الدول المغاربية"، فيما الواقع يكذبه في مزاعمه، لافتا إلى أن "الأمين العام لاتحاد المغرب العربي أكد في ماي 2023 بأن الجزائر سحبت تدريجيا منذ 2016 موظفيها من الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي وامتنعت عن أداء مستحقاتها المالية".
كما أن وزارة خارجية الجزائر على عهد أحمد عطاف، يوضح نورالدين، "أصدرت بيانا في أبريل 2023 اعتبرت فيه الاتحاد المغاربي ميتا ولا يحق له تعيين ممثل في مفوضية الاتحاد الإفريقي، وتهجمت فيه على الأمين العام للاتحاد المغاربي الطيب بكوش".
وخلص نورالدين، قائلا: "إذن نحن أمام دولة تمارس التضليل على نطاق واسع، وأمام وزبر خارجية محترف للكذب كما أثبتنا ذلك بالدليل"، مشيرا إلى أنه "لولا ضيق الحيز لاستفضنا في ذكر الأمثلة من تصريحات الرؤساء الجزائريين وباقي المسؤولين الكبار في هذا البلد سياسيين وعسكريين".