على بُعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمر علمي دولي، هو الأول من نوعه في المغرب والمنطقة، يتناول موضوع الصحافة الاستقصائية بالدراسة والتحليل في علاقتها بمنهجية البحث العلمي في تغطية الحروب والأزمات، والذي ينظمه مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل بكلية الآداب سايس بفاس، بشراكة مع مركز الجزيرة للدراسات يومي 4 و5 دجنبر المقبل برحاب جامعة فاس، يأتي هذا الحوار مع الأكاديمي والأستاذ الجامعي محمد القاسمي من أجل تقريب الصورة عن هذا الحدث العلمي الهام، علما أن القاسمي هو مدير المختبر ومؤسس أول شعبة لعلوم الإعلام في الجامعة المغربية.
1- تحتضن جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس مؤتمرا دوليا حول موضوع "الصحافة الاستقصائية ومنهجية البحث العلمي في معالجة الحروب والنزاعات"، بتنظيم مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل، وبشراكة مع مركز الجزيرة للأبحاث. ما الغاية من هذا المؤتمر؟
– يهدف المؤتمر إلى تمكين طلبة علوم الإعلام والتواصل من فهم أعمق للصحافة الاستقصائية، وإبراز أهميتها وخصوصيتها، خاصة في ظل التحولات الرقمية والتقنية المتسارعة التي يشهدها المجال الإعلامي، حيث لم تعد الصحافة بمنأى عن الأدوات التكنولوجية الحديثة، وأصبح للذكاء الاصطناعي دور محوري في العمل الصحافي، بما في ذلك الصحافة الاستقصائية. من جانب آخر، يركز المؤتمر على تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز هذا النوع من الصحافة، وتطوير أدوات تُسهم في دعم العنصر البشري وتحقيق الجودة في التحقيقات الاستقصائية. كما يسعى المؤتمر إلى تقديم مقاربة علمية تعالج القضايا والإشكاليات المرتبطة بهذا المجال، مما يسهم في الارتقاء بالممارسة الصحفية.
2- يناقش المؤتمر قضية جوهرية تتعلق بالتحقيق الاستقصائي كواحد من أرقى الأجناس الصحافية. ما تقييمكم لهذا الجنس الصحافي؟
* الصحافة الاستقصائية أثبتت قدرتها على ترسيخ منهجية علمية حديثة، مما جعلها من أكثر الأشكال الإعلامية تأثيرا. هذا التطور يتماشى مع الانتشار الواسع للبيانات الرقمية، واعتماد الأدوات التكنولوجية التي تساعد الصحافيين في جمع وتحليل البيانات. هذه الحاجة المجتمعية الملحة عززت من مكانة الصحافة الاستقصائية وجعلتها أداة أساسية لفهم القضايا المعقدة.
3- ما هي أبرز القضايا التي سيتناولها المؤتمر؟
* يستمر المؤتمر لمدة يومين، ويشمل خمس جلسات علمية، إلى جانب جلستين رئيسيتين يُقدمهما متحدثون بارزون، ويشارك في المؤتمر نخبة من الأكاديميين والأساتذة الجامعيين، والباحثين، والمهنيين من المغرب ومن دول إقليمية ودولية مثل قطر، تونس، السودان، الأردن، واليمن، وفلسطين، وتركيا.
وتناقش الجلسة الأولى دور مناهج البحث العلمي في تعزيز أسس الصحافة الاستقصائية، من خلال أوراق علمية تبحث في العلاقة بين منهجية البحث وعمق المحتوى الاستقصائي، وأثر هذه المناهج على جودة التحقيقات، بينما تركز الجلسة الثانية على تحديات أخلاقيات العمل الصحفي في زمن الحروب والنزاعات، بما في ذلك نظرية المسؤولية الاجتماعية، وتجارب ميدانية مثل العمل الاستقصائي خلال حرب غزة، فيما تتناول الجلسة الثالثة استخدام التكنولوجيا الحديثة في الصحافة الاستقصائية، عبر محاور تشمل صحافة البيانات، وتوظيف الذكاء الاصطناعي، وتجارب تطبيقية لمناهج الاستقصاء في الصحافة التلفزيونية.
أما الجلسة الرابعة فتبحث في بيئة الصحافة الاستقصائية ودورها في تعزيز حقوق الإنسان والعدالة، من خلال تقييم تجربة شبكة "أريج"، ودراسة العلاقة بين هذا النوع من الصحافة والتحول الديمقراطي، إلى جانب البيئة القانونية والسياسية الداعمة لها. فيما تستعرض الجلسة الخامسة تطور العمل الاستقصائي ودوره في تشكيل الرأي العام، مع تسليط الضوء على حضور هذا النوع من الصحافة في المشهد الإعلامي المغربي، وتأثير التحقيقات التلفزيونية على الرأي العام العربي.
4- كيف سيساهم المؤتمر في تعزيز الممارسة الصحافية الاستقصائية؟
* يهدف المؤتمر إلى تعميق النقاش حول التحديات التي تواجه وسائل الإعلام في الالتزام بالمبادئ المهنية عند استقصاء الحقائق، خاصة في ظل تنافس الأجندات الدولية وتعارض مصالح المؤسسات الإعلامية. كما يسعى إلى تثمين منهج البحث العلمي في الصحافة الاستقصائية، وإبراز أهمية التكنولوجيات الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، يسلط الضوء على دور المناهج التعليمية في تدريس هذا النوع من الصحافة، مستعرضا تجارب عربية ودولية تبرز أهمية التعليم في تحسين الأداء الصحافي وتطوير مهارات الصحفيين الاستقصائيين.