قراءة في كتاب "المنهج العلمي في الصحافة الاستقصائية" للباحث: عزام أبو الحمام يأتي تقديم هذا الكتاب كإسهام متواضع في مسيرة بحوث الاتصال والإعلام بما يفيد القراء العرب والطلبة الجامعيين والصحفيين، ومما يعزز من الاتجاه المتنامي للعمل الصحفي باتجاه الاستقصاء الصحفي، وهذا الدرب ما يزال يحتاج إلى جهود كبيرة ومستمرة حتى يصل إلى الحد المقبول الذي قد يسهم في محاربة كل أشكال الفساد والخلل التي تعاني منها المجتمعات وأنظمتها المختلفة. ويمتاز الكتاب بتقديم قاعدة معرفية ومنهجية، على أساس أن الاستقصاء الصحفي ما هو إلا ضرب من ضروب البحث العلمي الرصين المرتكز إلى المنطق العقلي وإلى التفكير العلمي وأدواته وإجراءاته، مما يعني الارتكاز إلى المنهجية العلمية وروحها المشعة بالصبر والأناة والمثابرة، وإلى الأخلاق المهنية الملتزمة لحقوق الأفراد والجماعات ومصالح المجتمع والإنسانية، بعيداً عن التفكير بأن التحقيقات الاستقصائية ما هي إلا "خبطات صحفية" أو "سبق صحفي" يستطيع الصحفي من خلاله تحقيق الهدف، سواء بدق ناقوس التحذير، أم بتحقيق الشهرة لما فكر في ذلك. يستعرض الفصل الأول مفهوم الصحافة الاستقصائية، ونشأتها وتطورها، والصحافة الاستقصائية في الدول العربية، ثم أوجه الاختلاف بينها وبين الصحافة التقليدية. ويستعرض الفصل الثاني مفاهيم أساسية في علم المنطق باعتبارها أساساً للتفكير العلمي والبحث العلمي، ثم المسلمات الأساسية للمنهج العلمي وخصائصه، ثم خطوات المنهج العلمي. ويعالج الفصل الثالث المنهج العلمي في الصحافة الاستقصائية من خلال تبيان أوجه الاختلاف والتشابه بين الاستقصاء والمنهج العلمي، مستعرضاً أهم تلك الأوجه في المراحل الأساسية للبحث العلمي. ثم يستعرض الفصل مناهج الاستقصاء الصحفي، كالمنهج الوصفي، والمنهج الأنثربولوجي، والمنهج التاريخي، والمنهج المقارن، ومنهج النظم. وجاء الفصل الرابع ليعالج محاور مختلفة من الاستقصاء الصحفي في التطبيق، بدءاً من خطوات الشروع بالتقارير والقصص الاستقصائية، وحتى كتابة قصة التحقيق وتحديد مواصفات التحقيق الاستقصائي ومواصفاته. أما الفصل الخامس فيتناول مفاهيم أولية وأساسية في محور الأخلاق المهنية في الصحافة الاستقصائية، بما في ذلك مفهوم الأخلاق والمذاهب والنظريات الأخلاقية، ثم تناول مواثيق الشرف المهني، وعلاقة القوانين بالمواثيق الأخلاقية، وغير ذلك. وجاء الفصل السادس والأخير ليستعرض بعض محاور المنظومات الإعلامية في أمريكا وبريطانيا، ذلك أن الصحافة في هاتين الدولتين كانت قد برزت قبل غيرها من الدول عموماً، خصوصاً الدول النامية، وإنه لمن المفيد الإطلاع على بعض جوانب المنظومات الصحفية في تلك البلدان. أخيراً، فإن ملاحق الكتاب تضمنت لعدد من التقارير والمعارف ذات الصلة، أو التحقيقات الاستقصائية التي نالت شهرة نسبية، وفاز بعضها ببعض الجوائز العربية أو الأجنبية، على أمل أن يعود الدارس إليها، ليحاول تحديد أجزاءها وطريقة إنجازها وبناء قصصها لتقديمها للقراء أو المستمعين أو المشاهدين.