حضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة المغربية في زيارة رسمية تاريخية، أمس الإثنين، استهلها بإجراء مباحثات مع الملك محمد السادس، في القصر الملكي بالرباط، حيث اتفق قائدي البلدين على الانتقال نحو مرحلة جديدة للعلاقات القوية بين المغرب وفرنسا، بعد جمود دام لأكثر من سنتين.
وتأتي هذه الزيارة في إطار شراكة استثنائية متجددة، وخارطة طريق إستراتيجية للسنوات المقبلة، حيث يتم من خلالها دفع العلاقات الثنائية متعددة الأبعاد في اتجاه مواجهة التطورات والتحديات الدولية، والاستجابة للرهانات السوسيو اقتصادية والبيئية الراهنة، مع تمكين العلاقات الفرنسية-المغربية من إطار استراتيجي شامل ومستقر ودائم.
وفي هذا السياق، قال عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن "زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة المغربية تؤشر على خلق بنية تراكمية في إطار العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين"، مضيفا أن "هذه التراكمات ستفيد في إعطاء دفعة قوية لتوطيد الروابط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية بين الدولتين".
وأوضح الوردي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "هذه الزيارة تهدف إلى خلق نقاش هادئ وبناء حول مجموعة من القضايا التي تريد العاصمتين التطرق إليهما، وأيضا خلق جسر قوي وصلب بين المغرب العربي وشمال إفريقيا وكذلك أوروبا، حيث نحن أمام زيارة تاريخية تقترن بمجموعة من الأحداث الإستراتيجية التي لا يمكن الإغفال عليها".
واعتبر المتحدث ذاته، أن "الدبلوماسية المغربية تعمل على سياسة الوضوح لبناء شراكات إستراتيجية استثنائية تهم المراحل المقبلة، مبنية على مفهوم "رابح رابح"، مشيرا إلى أن "ماكرون ومن معه فهموا على أن الصحراء المغربية هي بالفعل النظارة الحقيقية التي ينظر بها المغرب تجاه شراكائه الحقيقيين ويقيس عن طريقها صدق العلاقات ونجاعة الشراكات".
وأشار المحلل السياسي، إلى أن "الرسالة التي بعثها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تضم مجموعة من الإشارات الإيجابية من أجل الدفاع عن مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية"، مضيفا أن "المغرب سيطرح بشكل قوي قضية الصحراء المغربية وأيضا القضية الفلسطينية على طاولة المحادثات بين الطرفين".
ويرى الأكاديمي ذاته، أن "النظام العالمي يتشكل وأن الدول الموثوق بها فهي قليلة، وأن المغرب يعد من الدول التي يثق فيها المجتمع الدولي"، ملفتا إلى أن "إعلان فرنسا خلال هذه الزيارة عن فتح قنصلية بمدينة العيون، يدل على نجاح الدبلوماسية الملكية في إعادة ترتيب العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس".
وخلص الوردي، إلى أن "فرنسا كانت دائما في جانب المغرب داخل مجلس الأمن الدولي، وأن الاعتراف الفرنسي التاريخي بمغربية الصحراء هو يعد بمثابة تحول تاريخي في العلاقات بين البلدين"، مبرزا أنه "بناء على هذا التحول سيتم ترميم جسر العلاقات على عدة مستويات أمنية وسياسية واقتصادية ودبلوماسية وثقافية".