بعيدا عن القراءات السياسية وتحليلات الأكاديميين لخطاب "11 أكتوبر" الذي خصصه الملك محمد السادس بشكل كامل ل"ملف الصحراء"، خلال افتتاح السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، أبرزت مضامين هذا الخطاب الملكي الوجه الاقتصادي لهذه القضية، وحجم الاستثمارات الوطنية والأجنبية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.
ورغم أن فحوى الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام أنظار الوزراء ونواب الأمة بمناسبة الدخول السياسي الجديد، طغت عليه التحولات الجيوسياسية للملف والمتغيرات التي حصلت في السنوات الأخيرة أبرزها الاعتراف الفرنسي التاريخي بمغربية الصحراء، على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسبانيا، فإن الملك سلط الضوء على عدة "ملفات اقتصادية واجتماعية" تهم ساكنة الجنوب، والتي تعد وفق مراقبين "عاملا رئيسيا ومحورا أساسيا للتنمية الوطنية والإقليمية والقارية".
وذكر الخطاب الملكي المشاريع الاقتصادية والاستثمارية التي تهم شق التنمية المحلية بالأقاليم الجنوبية، وفي مقدمتها مشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إضافة إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
ولم يفوت الملك محمد السادس الفرصة في خطابه الأخير، لتوجيه الشكر إلى جميع "الدول التي تتعامل اقتصاديا واستثماريا مع الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني"، حسب ما جاء في الخطاب، معتبرا أنها "تواكب مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشهدها الصحراء المغربية، وتُعزّز موقعها كمحور للتواصل والتبادل بين المغرب وعمقه الإفريقي".
وفي هذا الصدد، قال علي الغنبوري، مدير البرامج بمرصد العمل الحكومي وخبير اقتصادي، أن "الخطاب الملكي شدد على أن التنمية المستدامة التي يشهدها الجنوب المغربي تعد دليلا على جدية المغرب في تحقيق رفاهية سكان الصحراء، من خلال مشاريع البنية التحتية، الموانئ، والمناطق الصناعية في العيون والداخلة، بالإضافة إلى المشاريع الثقافية والتعليمية".
وأضاف الغنبوري، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "المغرب خصص نموذجا تنمويا يتعلق بأقاليمه الجنوبية، بلغت قيمته أزيد من 84 مليار درهم، وهو ما ساهم في تحسين حياة السكان وتعزيز اندماج المنطقة في الاقتصاد الوطني".
وأكد الغنبوري، أن "هذه التنمية تُبرز التزام المغرب بتنفيذ الرؤية التي يعرضها أمام المجتمع الدولي، مما يزيد من مصداقية موقفه ويعزز حجته أمام الأطراف الدولية"، مشيرا إلى أن "المغرب لا يتعامل مع الصحراء كمجرد قضية سياسية، بل يسعى إلى تحويلها إلى نموذج تنموي متكامل".
واعتبر الخبير الاقتصادي، أنه "من خلال المبادرات الاستراتيجية مثل مشروع أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب ويمر عبر 13 دولة إفريقية، فإن الأقاليم الصحراوية تتحول إلى منصة تنمية موجهة نحو عمق المغرب الإفريقي".
وأبرز أن "هذه المبادرة لا تتيح فقط تحسين الوصول إلى الطاقة في المغرب، بل تعزز أيضا من الإمكانيات التنموية الهائلة لهذه الدول وتعزز من التبادل التجاري والاستثماري في المنطقة"، مبينا أن "هذا التحول يشمل مبادرة المغرب للواجهة الأطلسية وتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، مما يسهم في خلق فرص جديدة للتنمية ويعزز من الروابط الاقتصادية بين المغرب وجيرانه".
وخلص الغنبوري، إلى أن "جلالة الملك شدد على أنه ورغم الاعترافات والمكاسب الدبلوماسية، فإن الاستمرارية في التعبئة واليقظة ضرورة قصوى، خاصة فيما يتعلق بالدول التي ما زالت تتبنى مواقف مترددة تجاه قضية الصحراء"، مردفا أن "هذه الدعوة تعكس وعي المغرب بأن اللعبة الدبلوماسية لم تنتهِ بعد، وأنه يجب مواصلة الجهود لإقناع الأطراف الأخرى بعدالة الموقف المغربي".