انشغل المغاربة في الساعات القليلة الماضية بمقطع فيديو انتشر بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يوثق لحظة مطاردة جماعية لفتاة في مقتبل العمر من قبل قاصرين مغاربة بمدينة طنجة، الأمر الذي أعاد موضوع "التحرش الجنسي في الشوارع المغربية" إلى واجهة النقاش العمومي.
وحسب شريط الفيديو المتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي الذي تبلغ مدته بضع ثوان، فقد أظهر الضحية وهي فتاة تتعرض لمضايقات من قبل بعض الشباب الذين قاموا بمحاولة لمس الفتاة أمام عموم المارة، حيث حاولت هذه الأخيرة التخلص من هذا المأزق دون إحداث أي ردة فعل من شأنها أن تؤدي لتطور الأحداث.
وتفاعلت العناصر الأمنية بمدينة البوغاز بشكل جدي مع الفيديو الذي تم تداوله بين النشطاء الافتراضيين، حيث تمكنت إلى حدود الساعة من توقيف 4 قاصرين، وذلك لتورطهم في قضية تتعلق بالتحرش الجنسي واستعمال العنف.
وقسمت هذه الحادثة آراء ومواقف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نددت فئة من الشباب والشابات بهذا التصرف الذي اعتبروه "منافيا للتربية والأخلاق"، في حين اعتبر آخرون أن "الفتاة تستحق هذا التعامل نظرا للباسها غير المحتشم"، على حد تعبيرهم.
وفي هذ الصدد، يرى محللون اجتماعيون وأكاديميون أن "استفحال ظاهرة التحرش الجنسي بشوارع وأزقة المدن المغربية راجع إلى العلاقة المرضية للشباب مع جسد المرأة"، مؤكدين أن "هناك معتقدات خاطئة يتم تداولها بين المغاربة تؤثر سلبا على نفسية فئة مهمة من المجتمع المغربي".
محسن بنزاكور، الدكتور المتخصص في علم النفس الاجتماعي، قال إن "أصل هذه الظاهرة يرجع إلى علاقة الشباب المغاربة مع جسد الأنثى، وهي علاقة مرضية حيث لا يرى الشباب في جسد الآخر إلا الجنس، بل يعتبرون أن إنسانية المرأة وتربيتها وثقافتها أشياء ثانوية وغير مهمة".
وأضاف بنزاكور، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "العلاقات الجنسية تنبني على الأخلاق وعلى مؤسسة الزواج وليس على الاعتداء والمس بحرية الآخرين، وهذه الأمور تغيب في بعض اللحظات بسبب العلاقة المرضية التي تجمع شباب المغرب بجسد الأنثى".
واعتبر أن "ظاهرة التحرش الجنسي في الشوارع المغربية تستفحل يوما بعد يوم، وأن التربية الجنسية تتوقف أولا على احترام الجسد وعلاقاته مع الطرف الثاني، وحتى المعتقدات الشائعة في الثقافة المغربية والتي تروم محاسبة المرأة على لباسها فهي معتقدات مرضية".
وبعد أن أوضح أن "هذه المعتقدات يحاول من خلالها الشخص إعطاء الشرعية لأفعاله المخالفة للإنسانية والثقافة والتربية"، سجل بنزاكور، أن "القانون المغربي أصبح يعاقب على هذه الظواهر المخلة بالحياء"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "الجانب النفسي يلعب دورا مهما في هذه الظاهرة".
وأشار الدكتور المتخصص في علم النفس الاجتماعي، إلى أن "المقاربة الأمنية أصبحت ضرورية لمواجهة هذه الظواهر التي تمس بالكرامة والحياء بالمجتمع المغربي".