مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    بعد استهدافها بصواريخ باليستية من إيران.. إسرائيل تهدد برد قوي وحازم    بعشرة لاعبين.. اتحاد طنجة يتعادل مع بركان ويتربع على صدارة البطولة الوطنية    اقليم اسفي : انقلاب حافلة للنقل المدرسي واصابة 23 تلميذا    الحبس النافذ لطبيب بتهمة الإساءة للقرآن والدين الإسلامي على وسائل التواصل الاجتماعي    تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. منح مساعدات مالية مهمة للسكان الذين هدمت مساكنهم جراء فيضانات الجنوب الشرقي‏    نقابة مغربية تتضامن مع عمال فلسطين    نتائج اليوم الثاني من جائزة "التبوريدة"    تعنت نظام الكبرانات.. احتجاز فريق مغربي بمطار جزائري ليلة كاملة ومنعهم دخول البلاد    نائلة التازي: الصناعات الثقافية و الإبداعية رهان لخلق فرص الشغل    ملكة هولندا "ماكسيما" تفتتح معرضاً حول "الموضة المغربية" في أوتريخت    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    السياحة المغربية: رافعة أساسية للتشغيل، لكن هناك حاجة ملحة لتعبئة أكبر لجميع المناطق    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين بمحطات الوقود    الرئيس الإيراني يتعهد ب"رد أقسى" في حال ردت إسرائيل على الهجوم الصاروخي    في العروق: عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    طقس الخميس .. امطار بالشمال الغربي ورياح قوية بالواجهة المتوسطية    مواجهة أفريقيا الوسطى.. منتخب الأسود يقيم في مدينة السعيدية        عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري البريطاني لمناقشة تعزيز التعاون الأمني    بلينكن يجدد دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء        دريانكور: الجزائر تنسى اتفاق الحدود مع المغرب .. والنظام يعاني من العزلة    أساتذة الطب والصيدلة يتضامنون مع الطلبة ويطالبون ب"نزع فتيل الأزمة"    الودائع لدى البنوك تتجاوز 1.200 مليار درهم    "حزب الله" يعلن تدمير 3 دبابات إسرائيلية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في معارك مع حزب الله بجنوب لبنان    القاهرة.. الجواهري يستعرض التجربة المغربية في مجال دور المصارف المركزية في التعامل مع قضايا التغير المناخي    إحباط عملية للتهريب الدولي لشحنة من الكوكايين بمعبر الكركرات    الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: انتهاء مرحلة تجميع المعطيات من لدن الأسر    اعتداء جنسي على قاصر أجنبية بأكادير    فيلم…"الجميع يحب تودا" لنبيل عيوش يتوج بجائزتين    الدنمارك: انفجار قنبلتين قرب سفارة إسرائيل    بسبب "عدم إدانته" لهجوم إيران.. إسرائيل تعلن غوتيريش "شخصا غير مرغوب فيه"    الصويرة بعيون جريدة إسبانية    لقجع: "سننظم كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة 2028 وسنفوز بها على أراضينا"    نزاع يؤدي إلى طعن النائب البرلماني عزيز اللبار ومدير الفندق    إيران تقصف إسرائيل وتهدد باستهداف "كل البنى التحتية" لها    لهذا السبب تراجعت أسعار الدواجن !    ابتداء من 149 درهما .. رحلات جوية صوب وجهات اوروبية انطلاقا من طنجة    الولايات المتحدة تعيد التأكيد على دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء كحل جاد وموثوق وواقعي    وفاة شاب في الأربعينات متأثراً بجروح خطيرة في طنجة    الولايات المتحدة تثمن الدور الحيوي الذي يضطلع به جلالة الملك في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب        الاعلان عن موسم أصيلة الثقافي الدولي 45 بمشاركة 300 من رجال السياسة والفكر والادب والاعلام والفن    أبطال أوروبا.. أرسنال يحسم القمة أمام سان جرمان وإنتصارات عريضة للفرق الكبيرة    احتفاء بذكرى المسيرة الخضراء.. الداخلة تستعد لاحتضان حدث رياضي دولي في المواي طاي    السيد: مستشرقون دافعوا عن "الجهاد العثماني" لصالح الإمبراطورية الألمانية    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    رجل يشتري غيتاراً من توقيع تايلور سويفت في مزاد… ثم يحطّمه    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    جدري القردة يجتاح 15 دولة إفريقية.. 6603 إصابات و32 وفاة    تناول الكافيين باعتدال يحد من خطر الأمراض القلبية الاستقلابية المتعددة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحرش الجنسي ظاهرة تزداد تفاقما في أوساط القاصرين
نشر في بيان اليوم يوم 03 - 05 - 2018

أصبح التحرش الجنسي بالنساء والفتيات في الشارع العام بالمغرب سلوكا متكررا وظاهرة تكاد تكون «عادية» سائدة بالطريق العام، وتحول في الآونة الأخيرة إلى ممارسة تبناها المراهقون سواء بشكل فردي أو جماعي اقتداء بالرجال الأكبر منهم سنا.
ومع توالي حوادث تعرض الفتيات للتحرش الجنسي في الشارع العام، ضقن ذرعا من مواجهتهن لخطر المتحرشين المتربصين بهن، وخاصة القاصرين منهم، في الأماكن العمومية المزدحمة، وحتى في أماكن العمل… حوادث تم فضحها عبر مختلف الوسائط الإعلامية التي ساهمت في إخراج «الطابو الجنسي» من إطار المسكوت عنه في مجتمع مغربي يسوده الطابع المحافظ، إلى العلن، مع محاولة كشف مكامن الخلل التي ساهمت في ارتفاع ممارسة التحرش الجنسي بصفة مكثفة من طرف فئة عمرية يتراوح سنها بين 15 سنة و20 سنة.
تفاقم ظاهرة التحرش الجنسي الذي وصل حد انتهاك حرمة جسد الأنثى في الشارع العام وفي وسائل النقل العمومي، جعل المرأة اليوم لا تستأمن على نفسها في الشارع وتضطر إلى الخروج رفقة من يحميها من خطر من قد يعترض طريقها وهي ذاهبة لأداء نشاطاتها اليومية سواء في المجال المهني أو الدراسي…وغيرها.
وتنضاف الواقعة الأخيرة والتي تجسدت في محاولة اغتصاب فتاة قاصر بالشارع العام من طرف شاب لا يتجاوز سنه 19 سنة إلى سلسلة من الوقائع التي تندرج في حقل التحرش الجنسي والتي التي كانت ضحيتها فتيات شابات تعرضن للتحرش الجنسي بأشكال متعددة وقد يتطور الأمر ليصل إلى مستويات خطيرة من الاعتداء.
وأثارت هذه الظاهرة المتفشية في معظم شوارع وأحياء المدن الكبرى والمجالات القروية أيضا، استنكار غالبية أفراد المجتمع ودفعت بهم إلى التساؤل حول الأسباب الكامنة وراء تكاثره في إطار البحث عن حلول كفيلة باسترجاع الأخلاق المغربية الأصيلة التي شهدت انحطاطا مهولا في الفترة الأخيرة.
إنها ظاهرة قذفت الرعب في نفوس الآباء حول شرف بناتهن اللواتي أصبحن مهددات بمجرد خروجهن للشارع العام، ومؤرقة لهن ومعيقة لمسار تحركهن بالفضاءات العامة بكل حرية. مما أسفر عن تنظيم فعاليات المجتمع المدني لحملات تنادي برفض التحرش الجنسي تحت شعار «لا تتحرش بي». وكما اتجهت المنظمات الحقوقية بدورها إلى المطالبة بعقاب المتحرشين وردع المراهقين عن الامتثال لمثل هذه التصرفات الجنسية التي تعبر بطريقة أو بأخرى عن سيادة الانحطاط الأخلاقي في صفوف المراهقين على وجه الخصوص.
ما المقصود بالتحرش الجنسي في صفوف القاصرين؟
إن التحرش الجنسي من طرف المراهقين، وفي الشارع العام على وجه الخصوص، أصبح سلوكا متداولا بكثرة، وظاهرة تؤرق الإناث وتزعج المارة. التحرش الجنسي هو الانتقاص من قيمة الآخر سواء كان ذكرا أو أنثى، فيمارس المتحرش فعل التحرش بأنواعه المختلفة بدءا من اللفظي مرورا بالجسدي والعاطفي. إنه فعل ينتقل بالتدرج من التغزل والمعاكسة والمضايقة إلى التطاول الفعلي على حرمة جسد رافض للاستسلام للعنف الجسدي الممارس عليه سواء بطريقة رمزية أو مادية. هو بمثابة ظاهرة تندرج في خانة العنف الرمزي، بحيث يتميز بالألفاظ الموحية بالجنس، مع احتمال تحوله إلى عملية تطاول على الجسد بطرق بشعة ولاإرادية.
ما هي العوامل التي تقف وراء انتشار التحرش الجنسي في صفوف القاصرين؟
إن التحرش الجنسي لا يمت إلى رغبة الجنس لدى الإنسان بصلة، ولا علاقة له بشعور الإعجاب بقدر ما هو إحساس بعدم الثقة بالنفس. ويعاني معظم أبناء هذا الجيل من ثقة نفس مهزوزة، فالعوامل المرتبطة بتفاقم هذه الظاهرة يمكن حصرها في العامل التربوي، نتيجة الخلل الذي أصبح يشوب مكونات التنشئة الاجتماعية التي لطالما حرصت على تمرير تربية سليمة للناشئة، من خلال تظافر جهود كل من المؤسسة التعليمية، والمؤسسة الأسرية، والمسجد والإعلام، لأجل تكريس صورة محترمة عن المرأة واحترامها كإنسان أولا وقبل كل شيء بغض النظر عن جسدها الذي يختلف عن جسد الذكر.
كما أن القاصرين اليوم، قلدوا أفعال الكبار، واتخذوهم قدوة، مما أسفر عن تبنيهم لهذا السلوك واعتباره من الأمور "العادية" على حد اعتقادهم. وإلى جانب العوامل التربوية توجد عوامل نفسية تتعلق بالمتحرش الذي يميل إلى فرض السيطرة على الآخر، فيجد نفسه بلاوعي يتحكم في الأنثى. قد يكون شخصا يحس بنفسه مستضعفا وسط محيطه الأسري أو الاجتماعي فيتحرش بمن هم أضعف منه، بدعوى أنه من الصعب رد اعتدائه من طرف النساء لأنهن مخلوقات ضعيفة. وارتباطا بالمعتقدات التي كرسها محيطه لديه حول الأنثى أنها كائن هش وقابل للتحكم فيه بأسهل الطرق. يتعامل المتحرش معها كشيء عبر إفراغها من القيمة الإنسانية، في إطار محاولة تعزيز ثقته وقوته ليحس بأهميته.
وتنقسم شخصية المتحرش إلى ثلاثة أصناف، فالفئة الأولى تمتلك شخصية ضعيفة، وقاصرة عن إبراز وجودها، ومهزوزة، وتصرف مكنوناتها النفسية بتصغير قيمة الآخر. وهكذا هي حالة بعض المراهقين ضعفاء الشخصية، محاولين إخفاء نقصهم بتحقيرهم لجسد المرأة ومضايقتها بشتى أنواع التحرش سواء اللفظي أو الجسدي.
والفئة الثانية تعتبر أن الأنثى ملكية عامة، ففي اعتقاد الشارع العام، وحسب التمثل الذي توارثه المغاربة وتناقله عبر الأجيال أن الشارع مكان خاص بالذكور برفض اقتحامه من طرف الإناث.
ويستهدف بعض مراهقي اليوم الأنثى التي تمر بالشارع، بغض النظر عن كونها جميلة أو قبيحة، أو ترتدي ملابس فاتنة تثير شهوة الذكور، أو ملابس محتشمة، أو أنها فتاة عازبة، أو متزوجة… فكل الفتيات في مخيلتهم لهم الحق في مغازلتهن والتحرش بهن بمجرد أنهن اقتحمن فضاء عاما منفتحا كالشارع، أو بوسائل النقل العمومي، أو في الأماكن العمومية.
والصنف الأخير الفئة المصابة بمرض "الساديزم"، والذي يعني أسلوب حياة غايته التلذذ بألم الآخرين. أصيب معظم القاصرين بهذا المرض وبدرجات متفاوتة، عبر الإحساس باللذة من خلال مضايقة تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية، تزرع في نفس المتحرش بهن (الإناث) الخوف.
ويعتريهم أيضا الشعور بالرضا من خلال العنف النفسي الذي يمارسونه على الأنثى، عبر إحساسها الواضح بالذعر، وعدم الأمان في الشارع العام الذي أصبح مجالا خصبا لظاهرة التحرش، فتعيش في حالة فرار دائم من مجتمع خال من الإحساس بالأمن، مما يعرقل السير الطبيعي لأداء أنشطتها اليومية.
ما هي المقترحات الكفيلة بالحد من ظاهرة التحرش الجنسي الممارس من طرف القاصرين؟
من المحبذ استبدال التربية الجنسية ب"التربية على الحياة". والمقصود بهذه التربية مجموع سلوكيات وتصرفات تطبق على أرض الواقع، يمررها الآباء إلى أبنائهم تقوم على اكتساب مهارات فن الحياة، وحب الذات، وحب الغير، واحترام الذات والآخر وتقبل الاختلاف الجنسي، بالإضافة إلى التحكم في الرغبة الجنسية وضبطها… وعموما هي التربية الهادفة لغرس قيم مجتمعية وسلوكيات حضارية قائمة على مبدأ تقبل الطرف الآخر، بعيدا عن التمييز الجنسي بين الذكر والأنثى، لبناء علاقة تعايش وتكامل بين الجنسين.
يجب الحرص الشديد كذلك، على المستوى المؤسساتي، على تفعيل برنامج كفيل بمحاربة هذه الظاهرة، تبعا لخصوصية المجتمع المغربي، والبنى الخاصة بالمراهقين والظروف المحيطة بهم، للحصول على نموذج مغربي محض يتوافق وطبيعته الخاصة، بالاتجاه نحو تناول ظاهرة التحرش الجنسي من الجانب العلمي دون تضخيمها وتهويلها وكأنها ظاهرة حديثة. والتوعية بالظاهرة وانعكاساتها السلبية بأسلوب لبق ومنطقي، بخلاف الخوف والرعب الذي قذفته الفيديوهات التي تم ترويجها بمواقع التواصل الاجتماعي في نفوس الآباء والأمهات، ومن خلال إعادة النظر بعين إيجابية في ثقافتنا وهويتنا أمام الثقافات الأخرى، وهذا ما سيسهل من عملية تمرير تعاليم تربوية في المجال الجنسي بطريقة علمية، عبر دروس سهلة تتماشى والقدرات الإدراكية للمراهقين، وتوجيه نصيحة تستهدف تعميم تعليم فن الحياة للآباء والأمهات من خلال ورشات تكوينية، وحصص في الطب النفسي وكذا الجنسي لفائدة الكبار الذين بدورهم يمررونه لأطفالهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.