Reutersصورة عبر الأقمار الصناعية تظهر المنطقة المحيطة بمعبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة. نفت الولاياتالمتحدة، الثلاثاء، صحة تقارير تتحدث عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أقنع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بضرورة بقاء قوات إسرائيلية على الشريط الحدودي بين غزة ومصر. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد قال سابقاً إن منطقة "محور فيلادلفيا" الحدودية بين غزة ومصر ينبغي أن تكون تحت سيطرة إسرائيل. معبرا عن اعتقاده بأن حرب إسرائيل في غزة وجبهات أخرى في المنطقة ستستمر لشهورعديدة. نتنياهو، وخلال مؤتمر صحفي، قال إن "محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدق نقطة التوقف الجنوبية (في غزة)، يجب أن يكون تحت سيطرتنا، يجب إغلاقه، من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه". وتسيطر إسرائيل على المحور، الذي يعد منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل معبراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة يمتد على مسافة 14 كيلومترا، وترفض الانسحاب منه. توتر العلاقات - ديسمبر كانون الأول الماضي يبدو بالفعل أن مخاوف "تصاعد التوتر" بين البلدين تتحول إلى حقيقة، فالعلاقة بين مصر وإسرائيل شهدت توترا كبيرا، وهذا التوتر يظهر جليا في عدة مواقف. فإسرائيل تؤمن بأن المحور الحدودي مع مصر هو بوابة حماس الرئيسية للحصول على الأسلحة المهربة عبر أنفاق تمُرّ تحته، لكن مصر ترى أن حدودها تحت السيطرة، ولا أنفاق ولا تهريب يمر عبر أراضيها. هذا الخلاف بين البلدين الموقعين على اتفاقية سلام بدأ في الخفاء، لكن التصريح الإسرائيلي، نهاية العام الماضي، المعلن بضرورة احتلاله عسكريا - صعد به إلى السطح. وكان الرئيس المصري قد رفض سابقا تلقي مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحسب ما نقلت تقارير إعلامية إسرائيلية آنذاك. بعد تلك الخطوة بساعات خرجت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تثمن الموقف المصري الرافض للوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وتؤكد أهمية الموقف المصري الداعم للشعب الفلسطيني. رفض مصر للخطط العسكرية الإسرائيلية كان بلهجة حادة، تمثل في بيان عن الهيئة العامة للاستعلامات، الجهاز الحكومي المسؤول عن الإعلام الأجنبي في مصر، نفى "الادعاءات الباطلة" حول وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية عبر أنفاق زعمت إسرائيل وجودها على جانبي الحدود. وأشار البيان إلى الجهود المصرية للقضاء علي هذه الأنفاق حتى تم القضاء على 1500 نفق كانت تستخدم لتهريب المقاتلين والأسلحة لتنفيذ عمليات إرهابية في سيناء، ذلك عقب الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين عام 2013 و حتى عام 2020، كما تم عمل منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات من مدينة رفح المصرية و حتى الحدود مع غزة، بحسب البيان. وأرجع البيان إطلاق إسرائيل هذه الاتهامات إلى محاولتها خلق شرعية لاحتلال ممر صلاح الدين المعروف بممر فيلادلفيا. كما أكد البيان أن مصر قادرة على "الدفاع عن مصالحها" حال قيام إسرائيل بأي تحرك في هذا الاتجاه. ما هو محور فيلادلفيا؟ جغرافياً يمتد هذا الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، بطول 14 كم من البحر المتوسط شمالا وحتى معبر كرم أبو سالم جنوبا. بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، هذا المحور هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005 فيما عرف بخطة "فك الارتباط". حرب غزة: ما هو محور فيلادلفيا على الحدود المصرية، وما خصوصيته الأمنية؟ "الدعوة إلى الهدنة أمر سهل، لكن التفاصيل ستكون الجزء الصعب" - صحيفة التايمز شركات الملاحة الكبرى تبتعد عن البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين وفي نفس العام وقّعت إسرائيل مع مصر بروتوكولًا سُمي "بروتوكول فيلادلفيا"، لا يلغي أو يعدل اتفاقية السلام، والتي تحد من الوجود العسكري للجانبين في تلك المنطقة، لكن البروتوكول سمح لمصر بنشر 750 جنديا على امتداد الحدود مع غزة، وهي ليست قوة عسكرية بل شرطية لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود. بعد عامين سيطرت حركة حماس على هذا الممر الشائك الذي لا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، وذلك بعد سيطرتها على القطاع، ومع تضييق الخناق الإسرائيلي على غزة تجاوز الفلسطينيون هذا الممر والسياج الحدودي ليعبروا إلى الجانب المصري. ومنذ ذلك الوقت، أحكمت مصر قبضتها الأمنية على هذا الشريط الحدودي. EPAجنود إسرائيليون على دباباتهم بالقرب من الحدود مع قطاع غزة. لماذا لا تريد إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا؟ على مدار سنوات حُفرت المئات من الأنفاق أسفل هذا الشريط الحدودي، خاصة مع تضييق الخناق على القطاع المحاصر الذي يحيط به البحر شمالا وإسرائيل شرقا وجنوبا، ومصر غربا. مثلت هذه الأنفاق شريان حياة لسكان القطاع الذين يقدرون بنحو 2.3 مليون نسمة، والحركات الرابضة داخل غزة. رسخت القدرات العسكرية للجناح المسلح لحركة حماس خلال الحرب القائمة، للقناعة الإسرائيلية التي ترى أن ثمة أنفاقا، لاتزال قائمة تحت هذا الممر الشائك. هل يؤدي تزايد الدعم الشعبي لحماس في الضفة الغربية إلى اندلاع انتفاضة جديدة؟ خلال العقد الماضي شنت مصر حملة عسكرية شاملة، ضد العناصر المسلحة في شبه جزيرة سيناء على الحدود الشمالية الشرقية للبلاد، شملت كذلك تدمير الأنفاق التي ربطت بين القطاع و مصر، بهدف منع تسلل المسلحين والمتطرفين إلى أراضيها، كما تقول الحكومة. اتهمت مصر حركة حماس مرارا بدعم الجماعات المتشددة التي استهدفت القوات المصرية في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي المنتسب لجماعة الإخوان المسلمين، والتي كانت تربطها علاقات جيدة بحركة حماس. منذ ذلك، اختلفت ملامح هذا الشريط الحدودي؛ على الجانب الفلسطيني جرفت حركة حماس مناطق حدودية، ونصبت أسلاكا شائكة، فيما بنت مصر جدارا فولاذيا، وأزالت منازل ومزارع بمدينة رفح المصرية وقراها، لإقامة منطقة حدودية عازلة تمتد لنحو خمسة كيلومترات إلى العمق في سيناء. معبر رفح بوابة رئيسية واحدة على طول هذا الشريط الحدودي بين الجانبين الفلسطيني والمصري، وهي معبر رفح البري، الذي يمثّل المنفذ الرئيسي والوحيد المتبقي للغزيّين على العالم الخارجي، لا سيما بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع المنافذ الستة بين قطاع غزة وجنوبي إسرائيل منذ بدء الحرب. EPAشهد معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر مرور بعض شاحنات الوقود والمساعدات الإنسانية إلى القطاع تعرض الجانب الفلسطيني من معبر رفح إلى القصف الإسرائيلي عدة مرات بحسب ما ورد على لسان مسؤولين مصريين. ووجهت الإدارة المصرية تحذيرا متكررا شديد اللهجة لإسرائيل من أي عمليات عسكرية في المنطقة العازلة خاصة بعدما أصابت إسرائيل ب"الخطأ" - كما قالت - جنودا مصريين بالقرب من معبر كرم أبو سالم على الحدود، في واقعة اعتذرت عنها إسرائيل لاحقاً. تحفظ مصري العودة الإسرائيلية للسيطرة على الجانب الفلسطيني من محور فيلادلفيا وإن كانت مرهونة بانتصارها في الحرب القائمة، إلا أنها تستوجب كذلك تنسيقا أمنيا مع مصر، كما يقول سمير غطاس رئيس منتدي الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية. ويرى مراقبون أن سيطرة إسرائيل على فيلادلفيا، تتطلب توقيع بروتوكول ملحق باتفاقية السلام، مماثل للذي تم إقراره عام 2005 بعد انسحاب إسرائيل الأحادي من قطاع غزة. الموقف المصري لم يُعلن رسميا من تلك الخطط الإسرائيلية. ويرى خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الإدارة المصرية الحالية ستتحفظ "سياسيا"، بحسب تعبيره، باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية. يفسر عكاشة ذلك، بأن انتقال إدارة الجانب الفلسطيني من هذا الشريط الحدودي إلى إسرائيل يعني السيطرة على معبر رفح الذي يُعد حاليا المنفذ الوحيد إلى القطاع الذي يقع خارج سيطرة إسرائيل، بموجب اتفاقية المعابر، وهو ما قد يضيق الخناق على الفلسطينيين. وتخشى مصر من أن سيطرة إسرائيل على فيلادلفيا "سيطبق أسوار السجن المفتوح" في غزة، وهو ما سيدفع سكان القطاع للهجرة الطوعية خارجه، في نهاية المطاف، بحسب سمير غطاس.