رغم أن المغرب يعيش للعام السادس على التوالي تحت وطأة موجة جفاف، أدت إلى تقليص المساحات المزروعة، ودق ناقوس خطر عجز مائي غير مسبوق، إلا أن صادرات المغرب من المنتجات الفلاحية تشهد ارتفاعا رغم هذه الظروف المناخية الصعبة للبلاد.
ويرى متتبعون أن استمرار ارتفاع تصدير أطنان من أنواع مختلفة من الفواكه والخضر صوب دول أوروبية أو إفريقية وغيرها، مقابل أزمة الجفاف الحاد لسنوات متتالية التي يعيشها المغرب، تعد بمثابة "تصدير الماء عبر المنتجات الفلاحية"، مما يزيد في إنهاك المخزون المائي ويكرس التبعية الاقتصادية.
الخبير في مجال البيئة والتنمية المستدامة أحمد صدقي، قال إن "هذا الأمر لا يستقيم مع تداعيات الخصاص المائي وأثره الصعب المسجل على الإنتاج الزراعي الوطني".
وأضاف صدقي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن استمرار تصدير المنتجات الفلاحية المغربية بكميات كبيرة "لايستقيم مع مقتضيات إقرار الأمن الغذائي للبلاد في وقت نسجل فيه ارتفاعا كبيرا في أسعار الخضر والفواكه قي السوق الداخلية".
وأكد صدقي، أن هذا الأمر "يكشف مع الأسف التوجه نحو دعم وتشجيع المنتوجات الموجهة للتصدير، التي تكون غالبا مبددة للموارد المائية".
وتابع أن "هذا المنطق ينبغي أن يتغير نحو جعل احتياجات السوق الداخلية على رأس الأولويات ضمانا للأمن الغذائي الوطني، واعتبار ذلك اشتراطا رئيسيا لنيل دعم الدولة ومختلف مؤسساتها بالإضافة طبعا إلى اشتراط الاقتصاد في الماء".
ورغم القيود المفروضة على زراعة البطيخ الأحمر والأصفر في عدة مناطق بالمغرب، تزامنا مع أزمة المياه التي تعيشها المملكة، إلا أن صادرات المغرب من البطيخ إلى إسبانيا بين مارس وماي، زادت بنسبة 15.2 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2015، ليصل إلى حصة تبلغ 37.68 في المائة من إجمالي الصادرات الإسبانية.
وحسب بيانات موقع "هورتوإنفوا" المتخصص في تحليل البيانات الزراعية، فقد ارتفعت القيمة التي حققها المغرب من بيع البطيخ لإسبانيا من 10.61 مليون يورو في الفترة ذاتها من عام 2015، بمتوسط سعر 0.60 يورو للكيلو، إلى 17.18 مليون يورو في نفس الفترة من عام 2024، بمتوسط سعر 0.85 يورو للكيلو.
كما سجلت صادرات المغرب من الخضر والفواكه إلى ألمانيا مستويات غير مسبوقة خلال الربع الأول من السنة الجارية، وذلك بزيادة قدرها 40 بالمائة مقارنة بذات الفترة من السنة الماضية.
وأوضح تقرير لموقع "إيست فروت" المختص في تحليل البيانات الفلاحية، أن المغرب صدر ما يناهز 35 ألف طن من الخضر والفواكه إلى ألمانيا، وهو أعلى مستوى بلغته الصادرات المغربية نحو هذه الوجهة خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
وأضاف التقرير أن رقم الصادرات الحقيقي قد يكون أعلى بكثير من الرقم المسجل، نظرا لكون عدد كبير من الصادرات المغربية نحو إسبانيا وفرنسا، يتم توجيهها من قبل هاته الدول نحو السوق الألمانية وهو ما يجعلها تظهر في الإحصائيات كصادرات إسبانية أو فرنسية.
وسجل ذات المصدر ارتفاع صادرات الطماطم المغربي نحو ألمانيا خلال الفصل الأول من هذه السنة، لتصل إلى 13 ألف طن، كما سجلت صادرات الفلفل الحلو ارتفاع بنسبة الثلث لتصل إلى 8 آلاف طن.
وأبرز ذات التقرير أن المغرب رفع بشكل كبير من صادراته من التوت المجمد إلى ألمانيا خلال ذات الفترة، حيث قفز الرقم بأربعة أضعاف صادرات العام السابق ليصل إلى 1.7 ألف طن، مبرزا أن نقص مخزون التوت المجمد في الأسواق العالمية مؤخرا أدى إلى ارتفاع أسعاره بشكل حاد.
أما بخصوص صادرات التوت الأحمر الطازج إلى ذات الوجهة، فقد بقيت مستقرة عند حوالي 2,4 ألف طن، في مقابل نمو سجلته صادرات التوت الأحمر لتصل إلى 1.2 ألف طن، كما تضاعفت صادرات الفراولة المغربية لتبلغ 560 طن.
يذكر أن المغرب احتل الرتبة الثانية في تزويد الاتحاد الأوروبي بالفلفل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، إذ رفع من حجم مبيعاته من هذا المنتوج الفلاحي بنسبة 48.47 في المائة منذ 2019، وفق بيانات صادرة عن الخدمة الإحصائية الأوروبية.
وكشفت البيانات ذاتها، أن المغرب تمكّن، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، من توريد التكتل الأوروبي بكميات مصدرة بلغت 63,99 مليون كيلوغرام، بنسبة مثَّلت 19.23 في المائة من الإجمالي، كما أنها تعني "زيادة مهمة" قدرها 20.89 مليون كيلوغرام مقارنة بعام 2019.
وبِيعَت في مختلف أسواق دول الاتحاد الأوروبي، كميات الفلفل المغربية بعائدات ومداخيل قاربت في المجمل 85 مليون يورو، باحتساب متوسط سعر بلغ 1,33 يورو للكيلو الواحد، طيلة الفترة الممتدة من بداية يناير إلى 31 مارس 2024؛ وهي الكميات التي وصفتها منصة البيانات المختصة في الشأن الفلاحي ب"الكبيرة".
بدورها، حققت صادرات المغرب من التوت الطازج ارتفاعا جديدا، إذ وصلت صادرات المغرب من هذه الفاكهة، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري إلى 66 ألف طن، وهي زيادة بنسبة 20٪ تقريبا عن العام السابق. وحسب ما أكده موقع "EastFruit" فإن هذه الزيادة تعد مؤشرا إيجابيا حول مستقبل التصدير خلال هذا الموسم الفلاحي.
وحسب الموقع المختص في المجال الفلاحي، فإن صادرات التوت الطازج إلى دول الشرق الأوسط زادت، كما عزز المغرب من موقعه في النرويج وسويسرا وكندا، وشهد السوق الهندي أول شحنة تجريبية من العنب البري الطازج. كما سجلت صادرات المغرب من الطماطم إلى بلدان الاتحاد الأوروبي ارتفاعا ملحوظا، حيث استورد هذا الأخير خلال الفترة ما بين أكتوبر 2023 ومارس 2024 ما مجموعه 551,015 طنا، بما في ذلك 373,421 طنا من المغرب.
وحسب المعطيات التي نشرتها عن المفوضية الأوروبية لمحاصيل سنوات من 2014/15 إلى 2022/23، ارتفع حجم ورادات السوق الأوروبية من الطماطم من 424,274 طنًا إلى 821,918 طنا، مشيرة إلى أنه خلال هذه الفترة ارتفعت الصادرات المغربية من 329.696 طنًا إلى 539.307 طنًا.