حظي مشروع مرسوم بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، الذي تم المصادقة عليه في المجلس الوزاري الذي انعقد أول أمس السبت في القصر الملكي بالدار البيضاء، بإشادة واسعة من مختلف المراقبين الأمنيين والاستراتيجيين، نظرا للأهمية التي يكتسيها هذا المشروع العسكري في الظرفية الحالية، وذلك من خلال الرفع من وتيرة توطين الصناعات العسكرية المحلية والخفض من تكاليف الاستيراد. وحسب متتبعي الشأن الأمني والاستراتيجي بالمغرب، فإن المملكة المغربية ترغب في تسطير نموذج عسكري ناجح من خلال الاستثمار في الصناعات العسكرية، وتطوير الخدمات بأحدث الأجهزة التكنولوجية العسكرية والتوسيع من دائرة المعاملات الخارجية عن طريق تعدد الفاعلين والشركاء وعلى رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل.
وعلى غرار مشروع مرسوم بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، صادق المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس أيضا على مشروع مرسوم بتتميم المرسوم في شأن وضعية الملحقين العسكريين ومساعديهم والعسكريين الآخرين المعينين للعمل لديهم، ويهدف إلى إحداث منصب ملحق عسكري لدى سفارة المملكة ببرازيليا.
القيادة الحكيمة في هذا الإطار، قال الشرقاوي الروداني، الخبير الأمني والاستراتيجي، إن "مشروع القانون جاء في سياق رغبة جلالة الملك كقائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة في تقوية القوات المسلحة الملكية وتوفير جميع الإمكانيات من أجل القيام بالأدوار المنوطة بها في الدفاع عن حوزة الوطن".
وأضاف الروداني، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "على المستوى الاستراتيجي، المغرب يخطو خطوات متقدمة نحو الاستقلالية الاستراتيجية من خلال توطين الصناعة العسكرية الدفاعية سيما وأن قراءة الأمر اليومي لجلالة الملك في الذكرى 67 و68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية يتبين أن هناك طموح كبير للمغرب لخلق منظومة عسكرية دفاعية عالية المستوى وقادرة على مواكبة التحديات التي تقتضي تقوية محددات استقلالية القوات المسلحة الملكية".
وتابع المتحدث عينه أن "إحداث منطقتين صناعيتين للصناعة العسكرية هو حدث تاريخي سيمكن المغرب من تقوية قدراته العسكرية من معدات عسكرية وذخائر حية، المغرب أقر قانونا يسمح بتوفير الترسانة القانونية المسطرة لصناعة الدفاع 2021".
وأشار الخبير الأمني والاستراتيجي إلى أن "هذا المشروع المرسوم يهم تطبيق القانون المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة"، مشيرا إلى أنه "ينص النص القانوني على تحديد كيفيات ممارسة أنشطة تصنيع العتاد والتجهيزات المرتبطة بالمجال العسكري، وعمليات الاستيراد والتصدير والنقل المتعلقة بها".
"من تم فإن تنفيذ هذه الاستراتيجية يتطلب مجموعة من مراسيم قانونية تضبط أي تطور في الزمان والمكان للمحددات المسار من أجل الضبط الوظيفي والتمكن من بوصلة التنفيذ والنجاح وهو أحد الأهداف من وراء صدور مشروع مرسوم احداث المنطقتين الصناعيتين"، يضيف المتحدث.
وأردف أيضا: "بالطبع، نحن نعيش في عالم متصل علمياً والمغرب مند مدة طويلة ابرم مجموعة من اتفاقيات التعاون المشترك وكثيرة هي المجمعات الصناعية المهتمة بمشروع الصناعة العسكرية الدفاعية التي تعمل الرباط على توطينها".
موردا: "من تم فتوسيع مجال الاستثمار في هذا المجال يبقى خياراً استراتيجياً سيمكن المغرب من القيام بخطوات مهمة في طريق تحقيق نموذج اقتصادي عسكري ناجح ستكون له نتائج كبيرة على المدى المتوسط والبعيد".
وخلص الروداني حديثه قائلا: "كما أن الشراكات في هذا المجال ستحكمها ضوابط قانونية وستسمح للمغرب من تملك مجموعة من أحدث التكنولوجيات في مجال الصناعة العسكرية خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يعد محدداً مهماً في تطوير التقنيات الجديدة المرتبطة بالاتصالات، الرقمنة والرصد".
نادي الصناعات العسكرية من جهته، يرى محمد الطيار، الخبير الأمني والاستراتيجي، أن "الإعلان عن إنشاء منطقتين صناعتين يدخل في إطار تنفيذ البرامج الاستراتيجية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس في المجال العسكري في السنوات الاخيرة، وتستهدف بالخصوص ادخال المغرب إلى نادي دول الصناعات العسكرية المتطورة والدقيقة".
وأوضح الطيار، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "كما يأتي هذا المشروع الاستراتيجي، في سياق مداخلة سابقة للسيد عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، أمام البرلمان، لما وضح الخطوط العريضة لهذا المشروع الاستراتيجي الكبير".
وأكد المتحدث عينه أن "المغرب قد سبق وعقد عدة شراكات واتفاقيات ثنائية مع إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل توطين الصناعات العسكرية والأمنية بالمغرب"، موضحا أن "هذا القرار يأتي في إطار دخول المغرب في مجال التصنيع العسكري، استكمالا لعناصر قوة الدولة بالنسبة للمملكة".
ولفت الخبير الأمني إلى أنه "فقد استطاع المغرب إدخال تغييرات على أكثر من صعيد، وذلك على المستوى الاقتصادي أو الدبلوماسي أو التكنولوجي أو تصنيع السيارات وصناعة قطع غيار الطائرات المدنية وتجميع أجزاء محركاتها، وكل هذا جعل المغرب يمتلك العناصر التي تجعله مؤهلا ليصبح محطة مهمة للصناعات العسكرية على المستوى الإقليمي والعالمي".
وأبرز الطيار أنه "من بين الدوافع أيضا التي تجعل المغرب يدخل بشكل ملحوظ في مجال التصنيع العسكري، هو درجة المعضلة الأمنية التي يعرفها المحيط الإقليمي للمغرب سواء في منطقة الساحل الإفريقي أو غيرها"، مؤكدا على أن "الجوار الشرقي للمغرب دائما ما كان يقدم، منذ العقود الماضية، إشارات عدوانية وتهديدات مبطنة وسافرة تجاه المملكة".
وزاد: "التسليح المتواصل لميليشيات البوليساريو بالسلاح والعتاد وعقد تحالفات عسكرية مع حزب الله اللبناني وإيران، تستهدف تهديد المغرب، أو توظيف جماعات تدعي انتسابها إلى التنظيمات الإسلامية للقيام بعمليات إرهابية تستهدف الأمن والاستقرار بالمملكة، كلها أمور تدفع المغرب إلى تعزيز إجراءات الحفاظ على أمنه القومي".
وأكمل الخبير حديثه قائلا: "تدفع المغرب إلى العمل على كسب وسائل الردع وحماية نفسه من محيط قدّم إشارات غير مطمئنة، وليست الجار الشرقي وحده من يرفع من منسوب المعضلة الأمنية القائمة، بل أن بعض الدوائر السياسية والعسكرية في إسبانيا، كذلك، يقلقها التطور الاقتصادي والعسكري المغربي على كافة المستويات والأصعدة، وتتوجس من التغييرات الحاصلة في التوزنات الاقليمية".