بشكلٍ رسميّ، يتجّه المغرب إلى تأهيل عتادهِ العسكري المحلّي، بحيث يدخلُ مرحلةً جديدة قوامها "مزيدٌ من التّطوير وتأهيل الصّناعة الذّاتية"؛ وذلك في ظلّ التّحديات الخارجية والإقليمية التي تواجهُ مصالح المملكة، لا سيما في منطقة شمال إفريقيا ومنطقة السّاحل المُشتعلة. ويهدف المغرب، من خلال هذه التّرسانة القانونية الجديدة، إلى تطوير صناعته العسكرية من خلال إحداث نظام ترخيص لممارسة هذه الأنشطة ونظام للتتبع ومراقبة الوثائق؛ وذلك من أجل تزويد القوّات المسلحة محليا بحاجياتها من الأسلحة والذخائر والعتاد وتوفير الاحتياجات الضّرورية. ووفقاً لما تضمّنته الجريدة الرّسمية في عددها الجديد، فإنّه "تمّ تقسيم العتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة وفق الفئات التالية: – الفئة الأولى، تتعلّق ب"عتاد وتجهيزات وأسلحة وذخيرة الدفاع: تضم عتاد الحرب وأسلحة وذخيرة الدفاع ومكوناتها وفروعها وأجزاءها وكل نظام أو برنامج معلوماتي أو معدات للمراقبة أو الرصد أو الاتصال، المخصصة حصرا للعمليات العسكرية البرية أو الجوية أو البحرية أو الفضائية. أمّا الفئة الثّانية، فتضمّ الأسلحة والذخيرة، ومكوناتها وفروعها وأجزائها وكل نظام أو برنامج معلوماتي أو معدات للرؤية أو المراقبة أو الرصد أو الاتصال أو التنقل أو الحماية التي يمكن أن تخصص سواء للحفاظ على الأمن والنظام العامين أو للاستعمال العسكري". وفي ما يخصّ الفئة الثالثة، فتهم "الأسلحة والذخيرة المخصصة لاستعمالات أخرى" وتضم أسلحة القنص والرمادية والرياضية، والأسلحة المستعملة في انطلاق المنافسات الرياضية، والأسلحة التقليدية وأسلحة الهواء المضغوط، وكذا ذخيرة هذه الأسلحة ومكوناتها وفروعها وأجزائها. السّيادة الدّفاعية وفي هذا الصّدد، أكّد الشرقاوي الروداني، الخبير في الشّؤون العسكرية والأمنية، أنّ "التطور الدّولي في صناعة الأسلحة أصبح يعرف تغييرات مهمة، ألزمت كثيرا من الدّول على تبني مقاربات في خلق صناعة تلبي حاجياتها"، موضّحاً أنّ "ظهور مؤسسات استثمارية دولية ووطنية في هذا المجال قد تكون له تبعيات على السّيادة الدّفاعية والعسكرية". ومن هذا المنطق، يؤكد الخبير ذاته أنّ "المغرب، بحكم موقعه الإستراتيجي ومجاله الجيوسياسي والجيوأمني، ملزم بخلق استقلالية عسكرية وتطوير إمكانيات تسمح له بالرفع من منسوب الاستقلالية والوقائية؛ وهو إجراء مهم للتحكم في الخصوصيات الفنية، التكتيكية والإستراتيجية للقوّات المسلحة الملكية. واعتبر الخبير المغربي أنّ "المملكة حرصت على تطوير صناعة الأسلحة؛ على اعتبار أن المغرب، ومنذ مدة، يقوم بتصنيع بعض الذخائر وبعض الأسلحة المعينة، كما أنّه وفي إطار خفض تكلفة الصيانة قام بإنشاء مواقع عديدة لصيانة المعدات العسكرية". وتوقّف الخبير في منطقة السّاحل الإفريقي عند التطورات المتسارعة التي تعرفها منطقة شمال إفريقيا والوضع الأمني الذي يسيطر على منطقة الساحل الإفريقي وجنوب الصحراء من خلال وجود فراغات جيوسياسية هي عوامل أصبحت تهدد بشكل كبير الأمن القومي للمملكة المغربية. خفض فاتورة "التّسليح" ويوضحّ الروداني في تصريحهِ أنّ "إنشاء صناعة عسكرية مغربية خالصة تحكمه هذه العوامل الجيوسياسية والجيو أمنية وكذلك ضرورة تخفيض الفاتورة الثقيلة لشراء الأسلحة والمعدات العسكرية التي تتراوح ما بين 2010 و2018، ما بين 35 مليار درهم وحوالي 40 مليار درهم حسب تقرير نائب الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي". واسترسلَ الباحث الأمني بأنّ "هناك رغبة ملكية والتّي جسدها خطاب الاحتفال بالذكرى ال63 لإنشاء الجيش الملكي، حيث دعا الملك محمد السادس إلى ضرورة الانكباب على وضع إستراتيجيات متكاملة في أفق وضع المغرب في خانة الدول الرائدة إقليميا ودوليا في مجال الصناعة العسكرية والبحث العلمي والتطوير الذاتي للصناعات العسكرية". وفي هذا الصدد، يؤكّد الروداني أنّ "المغرب يتوفر على عوامل مهمة عديدة تسمح له بالتموقع بنجاح في الصناعات العسكرية. أولا الموقع الجغرافي الذي يجعله محددا في الرؤية الجيواستراتيجية للعدة إستراتيجيات عسكرية دولية. كما أن المغرب، يشدّد المتحدث ذاته، "وبحكم علاقاته المتميزة مع مجموعة من الشركاء والمجمعات الصناعية الدولية يمكن له تطوير برامج صناعية مشتركة، خاصة مع مورديه من الأسلحة المطالبين ليس فقط ببيع العتاد ولكن نقل تكنولوجياته". شراء براءات اختراع واعتبر الباحث في الشّؤون الأمنية والعسكرية أنه "في عالم الصناعات العسكرية، هناك آلاف براءات الاختراع التي يمكن للمغرب أن يشتريها ويطورها، خاصة أن المغرب يمتاز بوجود موارد بشرية هائلة في هذا المجال. في مجال الصيانة للمغرب تجربة كبيرة والتي يمكن تطويرها إلى مستويات تسمح في التموقع على المستويين القاري والدولي". ويرى الروداني أنّه "يجبُ وضع خطط إستراتيجية تمس التكوين والبحث العلمي للقوات المسلحة الملكية؛ وذلك من خلال العمل على وضع سياسة علمية شمولية تكون مراكز البحث العلمي والجامعات الوطنية وكذلك الشركات الخاصة الوطنية الرائدة في مجال البرمجة وهندسة المعلوميات، باعتبارها شريك في برامج البحث العلمي والتقني والهندسي. وختم الباحث تصريحه بالتّأكيد على أنّ "المغرب له اتفاقيات دولية عديدة في مجال الصناعات العسكرية، حيث يمكنه شراء براءات اختراع لاختراع أسلحة دفاعية من مجمعات صناعية في أوروبا وروسيا والصين والهند".