لماذا لجأ الفيسبوك إلى خطوته الأخيرة الخاصة بتقليص الوصول الأصلي للمحتوى أو (organic reAch) ) ؟ وما مدى تأثيرها على المواقع الإخبارية وأصحاب الماركات التجارية ؟ قرأت كغيري من الفيسبوكيين مرتادي الشبكة والمتتبعين لما يجري على الأنترنت، ما كشف عنه مؤسس فيبسوك مارك زوكربيرغ في تدوينة على صفحته قبل ثلاثة أيام عن بعض ملامح رؤيته للسنة الجارية والخطوات التي سيقوم بها على مستوى الخط الزمني داخل الموقع ومستوى الوصول إلى المستخدمين .
وهل غايته رفع القيمة الفكرية و الإنسانية للشبكة والتقليل من استخدامها إلا فيما يفيد، كما صرح مؤسس فيسبوك أم الربح بدفع التجار ووسائل الإعلام إلى شراء إعلانات ترويجية لمنتجاتهم وروابطهم.؟
في هذا المقال نحاول قراءة فنجان الشاب القادم من جامعة هارفرد، والذي أهدى البشرية شبكة اجتماعية سنة تخرجه في 2004 ، فشغلت لناس شرقا وغربا ، وكان للعرب حظ فيها ليس كغيرهم .
الفيسبوك لم يتخذ هذه الخطوة بشكل مفاجئ كما يعتقد البعض، بل سبقتها خطوات كثيرة، وقد اشتغل مختبر الموقع على(news feed) منذ 2006، لتطوير المنصة الاجتماعية الأكبر على مستوى العالم.
في ظل منافسة شرسة من العملاق جوجل و مواقع أخرى كموقع "لينكدن" الذي استحوذت عليه ميكرسوفت في صفقة سنة 2016 تجاوزت 26 مليار دولار ، سيتحرك فيسبوك للدخول في صفقات الاستحواذ على أكثر من 10 شركات، ابرزها واتساب وانستغرام ناهيك من شركة "سنابشات" الذي يستحوذ على حصة فئةG – Z من حصص "السوشيال ميديا" أكثر من فيسبوك، ورفض مؤسسه ايفان شبيغل ، البيع عندما عرض عليه زوكربيرغ أكثر من3 ملايير دولار، لتظهر بعد ذلك الستوري التي ابتكرها سنابشات، في منصات الفيسبوك الأربعة (مسنجر، فيسبوك، انستغرام وواتساب).
دعونا نعد قليلا سنوات إلى الوراء .. عندما تأسس فيسبوك في 2004 وبعد التأسيس بقليل وفي حدود 2008 ( الوطن العربي أنموذجا) باعتباره وسيلة اجتماعية كانت غايته اجتماعية محضة "وهو ما يبينه "(INTRO" مؤسس فيسبوك كما هو واضح على حسابه الرسمي. " جعل العالم بعضه أقرب لبعض"، كتقريب العائلات والأصدقاء في مختلف دول العالم فيما بينهم وربط بعضهم ببعض، بحيث يكون شبكة اجتماعية شبيهة بالنادي الافتراضي الذي يلتقي فيه الصديق بصديقه والأخ بأخيه والعم بابن أخيه .. الخ
لكن بعد ذلك سيتخذ الموقع منحى آخر بعد انشاء المستخدمين للمجموعات وكل مجموعة تناقش موضوع معين لا علاقة له بالغاية الأولى لإنشاء الشبكة، حيث تم انشاء مجموعات كثيرة ، سيتحول الموقع إلى شيء أخر غير الشبكة الاجتماعية و سيبلغ ذروته في 2011 مع ما وقع في العالم العربي حيث تحول إلى منصة للحشد (تأثير سياسي) .
تم ستنزل وسائل الإعلام و الشركات التي تسعى إلى ترويج تجارتها من خلال صفحات لكل براند على حدة، بثقلها ليتحول الموقع الاجتماعي إلى ما يشبه"عكاظ رقمي" غير مسبوق ! ()
كما أن كثرة الروابط والمنتجات في NEWS FEED ، رَبَكت حسابات مؤسس فيسبوك الذي يسعى لترتيب أوراقه من خلال قرارات كثيرة مهد لها قبل أشهر بشن حرب على ما أسماه العناوين المضللة، وصولا إلى قتل ال(ORGANIC REACH) مرورا بسوق الإعلانات ADS لمنافسة جوجل ادسنس الى الفيديو.. (تأثير تجاري).
فيسبوك خسر أكثر من 3 مليار دولار في يوم واحد ، بعد هذه الخطوة الجديدة، يوم اعتبرته "سي ان ان" يوما سيئا بالنسبة لزوكربرغ ، وهو أمر متوقع لأن حجم الاستثمارات المرتبطة بالترويج على المنصة ضخم جدا .
طيب لنختم ببعض الأسئلة: هل تؤثر هذه الخطوات على منصة فيسبوك بهروب أصحاب البراندينغ ووسائل الإعلام إلى منصات أخرى (خاصة جوجل بلاس إذا ما استفادت من تغييرات فيسبوك وتم إحياؤها من جديد)؟ وهل تشيع هذه الخطوة فيسبوك إلى مثواه الرقمي الأخير ولو بعد حين ..
أم يعود الموقع أكثر قوة من ذي قبل، في ظل عدم ظهور شبكة جديدة يمكنها منافسته؟ لماذا ابقى على الوصول المدفوع (SPONSORING REACH )وحد من العضوي داخل الصفحات، إذا كانت غايته قيمية و اجتماعية ؟
الأسابيع أو ربما السنوات القليلة المقبلة قد تجيبنا على هذه الأسئلة.