في سابقة ربما هي الأولى في تاريخ البرلمان المغربي يتابع الرأي العام مسلسل متابعة برلمانيين بتهم الفساد أو تبديد المال العام أو الاتجار في المخدرات… – بلغ عددهم حتى الآن 24 ممثلا للامة بين سجين أو خاضع للتحقيق أو متابع في حالة سراح او صدرت في حقهم بالسجن النافد أو غير النافد – بكثير من القلق والتوجس. وفي ظل هذا الوضع غير المسبوق جاءت الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى 60 لإحداث أول برلمان منتخب بالمغرب يدعو من خلالها إلى إقرار مدونة سلوك وأخلاقيات من أجل الرفع من جودة النخب المنتخبة وتخليق الحياة البرلمانية وتحقيق الانسجام المطلوب بين الممارسة التمثيلية والديمقراطية التشاركية تجسيدا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة… الموضوع حضي بنقاش واسع بين ردهات البرلمان لكن المعنيين لم يستطيعوا بلورة نص واضح وشامل خلال هذه الدورة التشريعية وفضلوا تأجيل الموضوع إلى الدورة القادمة بحجة تعميق النقاش وإخراج مدونة سلوك في مستوى الرسالة الملكية ..سنرى.
والسِؤال الذي يؤرق المواطنين والمهتمين هو: ما الأسباب التي اوصلتنا إلى هذا المستنقع الخطير بوصول ممثلين للأمة لا يتمتعون بأية كفاءة سوى مهارات الفساد والتزوير ونهب المال العام؟
أسباب ما وصلنا إليه حسب العديد من المتتبعين لا تخرج عن سياقين أحدهما ذاتي ويرتبط بالبنية والوضعية التي أصبحت عليها الأحزاب السياسية التي أضحت تتسابق لاستمالة الاعيان والوجوه التي تحقق الكسب الانتخابي على حساب الأطر والمناضلين في صفوف الحزب , واخر موضوعي يرتبط بالسياق السياسي العام الذي افرز قوانين انتخابية أنتجت بدورها هذا النوع من النخب. إضافة الى ضعف إرادة الدولة والحكومة في محاربة الفساد ووضع عراقيل أمام أي سياسة منظمة وواضحة وملزمة لتجفيف منابع الفساد السياسي الذي لا تزال بنياته هي السائدة.
والحل في نظر الخبراء والمهتمين يكمن في سن خطة واضحة تقوم على أربعة ركائز: إرادة سياسية لا لبس فيها, إطار قانوني ومؤسساتي فعال ,مجتمع مدني نشيط , وقضاء مستقل واستباقي وإلا سنظل ندور في دائرة مفرغة تجلياتها واضحة تتمثل في العلاقة المتوترة والثقة المتدنية بين المواطنين والمؤسسات المنتخبة.. والمحصلة هي ما نراه من ضعف مؤسساتي تتحكم فيه نخب لاهم لها سوى خدمة وحماية مصالحها الشخصية وبالتالي تصبح الدولة رهينة بين أيديها وهذا أكبر خطر يمكن أن يتهدد الدولة واستقرارها.