الثلاثاء الماضي، وصل الملك محمد السادس إلى أبو ظبي في زيارة رسمية استغرقت عدة أيام، قبل أن يتبعها بزيارة رسمية أخرى قادته إلى قطر حيث التقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني. في المحطتين الإماراتيةوالقطرية، بحث ملك المغرب "عدة قضايا ذات الطابع الإقليمي والدولي" حسبما نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء
ورغم أن المغرب لم يصدر أي إعلان رسمي حول اكتساء زيارة الملك للإمارات وقطر طابع الوساطة من أجل حل الأزمة بين قطر والدول المقاطعة، فإن محللين يرون أن تحرك محمد السادس ينطوي على محاولة للتوسط في ظل "عجز" الكويت حتى الآن عن نزع فتيل الأزمة المستمرة منذ فجر الخامس يونيو الماضي.
لماذا المغرب؟
يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر علي الهيل أن ملك المغرب يستطيع أن ينجح فيما لم ينجح فيه حتى الآن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بحكم "علاقاته القوية مع كل دول المنظومة الخليجية".
وأشار الهيل خلال حديث مع "موقع الحرة" إلى وجود "دلالات" تؤهل الرباط للعب دور الوسيط في الأزمة الخليجية، "فهو يتمتع بعلاقات أخوية حميمة مع كل دول الخليج. والمغرب في نظامه السياسي قريب جدا من أنظمة دول الخليج".
وأضاف المتحدث ذاته أن علاقات المغرب "المتميزة مع أميركا ودول الغرب بدرجات متفاوتة" تزيد من فرص احتمال نجاح أي وساطة مغربية محتملة.
وخلص الهيل إلى القول: "في ضوء كل هذه الدلالات قد تكون له (محمد السادس) حظوظ أوفر إلى حد ما من أمير الكويت، لسبب أن الشيخ الصباح، منهم وفيهم، أما ملك المغرب فقد جاءهم من ضفاف الأطلسي، ليقول لهم إنه معني بالأزمة".
وقد تطرق محمد السادس والشيخ تميم خلال مباحثاتها إلى "تطورات الأحداث على الساحتين العربية والدولية" وفق ما أفادت به صحيفة العرب القطرية.
وقبل ذلك بحث ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مع محمد السادس "عدة قضايا ذات الطابع الإقليمي والدولي" حسب وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
فهل كانت الأزمة الخليجية ضمن تلك القضايا؟
المحلل السياسي المغربي عبد الرحيم منار السليمي يرى أن الزيارة إلى الإماراتوقطر "تؤشر على بداية وساطة مغربية".
وأوضح السليمي ل"موقع الحرة" أن المغرب "يعتبر نفسه الطرف الثاني بعد دولة الكويت الذي تعنيه الأزمة الخليجية بحكم علاقاته التاريخية مع دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وعلاقته بقطر التي تطورت منذ وصول الشيخ تميم إلى الحكم".
لماذا لم يزر السعودية؟
تزامنت زيارة محمد السادس للإمارات مع زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إليها، لكن محمد السادس توجه إلى قطر، بينما زار ماكرون السعودية حيث التقى هناك ولي العهد محمد بن سلمان.
ورغم أن زيارة ماكرون كانت تهدف خصوصا إلى احتواء التوتر بين الرياض وطهران، فإن رشيد لزرق المتخصص في العلوم السياسية من المغرب يربطها بالجهود التي يعتقد أن المغرب يحاول بذلها لحل الأزمة الخليجية.
وقال لزرق ل"موقع الحرة" إن "المؤشرات تشير إلى كون الوساطة المغربية تتجه في إطار تنسيق بين المغرب وفرنسا".
عدم زيارة محمد السادس إلى السعودية يرجع إلى سبب آخر في رأي الهيل، هو أن "المشكلة بين دول الحصار انحصرت بين دولة قطروالإمارات".
وتبنى المغرب منذ قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر في الخامس من يونيو موقفا وصف بأنه محايد. وأرسلت الرباط عقب إغلاق السعودية والدول الأخرى منافذها البرية والبحرية والجوية مع قطر طائرات محملة بالمواد الغذائية إلى الدوحة.