لا يزال التحقيق جاريا في قضية تفجيرات "السمارة" من طرف السلطات المغربية وأيضا بعثة المينورسو، للكشف عن الخيوط الحقيقية التي ارتكبت هذا الجرم المشهود، رغم اعتراف الجبهة الانفصالية بمسؤوليتها عن الأحداث التي راح ضحيتها مواطن مغربي وإصابة ثلاثة آخرين، اثنان منهم في حالة خطيرة. ورغم الصمت المغربي الذي يطوق تفاصيل القضية والسياج الحساس الدائر بها، غير أنه هناك تصورات سياسية يمكن استخلاصها عن طريق الفرضيات، ومدى تأثيرها في مجريات الصراع السياسي القائم على الصحراء المغربية، وأيضا بصمته على توصيات وقرارات مجلس الأمن.
عدوان السمارة قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق- جامعة محمد الخامس أكدال – الرباط، إن "الأحداث التي شهدتها أحياء مدينة السمارة هي بالتأكيد أعمال عدوانية مخالفة للقانون الدولي وأيضا لقانون الحرب"، مؤكداً على أن "الأمر لا يتعلق بأي مؤسسة عسكرية وإنما هي أعمال عدائية تم تنفيذها في منتصف الليل بكيفية مفاجئة، وبالتالي إذا وصلت تحقيقات السلطة المغربية إلى تورط بوليساريو في القضية سيشكل منعطفا خطيرا في العلاقات المغربية الجزائرية".
وأورد تاج الدين الحسيني، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه حتى لو "قامت جبهة البوليساريو بهذا الفعل فإن الجزائر تعتبر الطرف المسؤول عن الواقعة، لأنها هي التي ترعى البوليساريو في مخيمات تندوف، وتقدم الدعم والمساعدة بكل أشكالها".
"الأكثر من ذلك، أنه لا يمكن أن تخرج أي رصاصة أو قذيفة من منطقة تندوف إلى بترخيص السلطات الجزائرية، المتمثلة في أجهزة المخابرات والدرك الجزائري، وبالتالي فإن الجزائر بصمتها واضحة في هذا الهجوم العدواني"، يقول المتحدث.
وأشار المحلل السياسي إلى أن "هذا العمل الخطير والعدواني مخالف لقانون الحرب، وقد لاحظنا أن المصابين هم مدنيون، وأن الأمر لا يتعلق بأي مواجهة عسكرية تدخل في إطار الحرب، وإنما هذا يعد عملا إرهابيا شنيعا يستحق المعاقبة عليه من طرف المجتمع الدولي".
وزاد: "الأطراف يجمعهم إتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه سنة 1991، ولا يحق لأي طرف خرقه بمبادرة ذاتية، وأن المينورسو ستحرر تقريرا حول الواقعة وسيرفع إلى مجلس الأمن من أجل البت فيه".
واستدرك الحسيني أنه "يمكن القول إن أي صراع في المنطقة ستتحمل فيه الجزائر مسؤوليتها الكاملة، وسيعرقل بالتأكيد المفاوضات التي دشنها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، من أجل تفاوض بين الأطراف الأربعة المعنية بالنزاع، والتوصل إلى حل سياسي أممي".
واقعة الكركرات أما بخصوص تشابه واقعة السمارة مع قضية الكركرات، يرى تاج الدين الحسيني، أن "هناك فرقا بين واقعة الكركرات وقضية السمارة"، مشيراً إلى أنه في "الكركرات كانت السلطات المغربية تقوم بعمليات عسكرية لتأمين ممر حيوي يربط بين المغرب وموريتانيا، وتفادي العراقيل التي وضعتها البوليساريو في الشريط الحيوي".
واعتبر المتحدث أن هذا "الفعل لم يكن عملا حربيا، وأن الإعلام الدولي أكد على الطبيعة السلمية لهذا العمل، لأنه لم يتم إصابة أي مدني في الصراع، وبالتالي لا علاقة بين واقعة السمارة وبين قضية الكركرات".
وأضاف أيضا أن "عملية التأمين التي قام بها المغرب أرعبت البوليساريو، التي أكدت بدورها أن المغرب خرق إتفاقية وقف إطلاق النار واستعمال القوات المسلحة ضد الطرف الآخر".
ساعة الحرب في نفس السياق، أردف الحسيني، أن "الحرب نقطة مطروحة منذ إعلان النظام الجزائري العسكري بأنه أصبح قوة ضاربة، وأنه يقوم بعمليات تهديد مستمرة للأمن المغربي، وأيضا طرد الفلاحين من المزارع التي استقرو فيها لعقود طويلة".
وشدد المحلل السياسي على أن "الجزائر تواصل استفزازها للمغرب عبر وسائل الإعلام، وأكثر من ذلك القيام بقطع شرايين الغاز الطبيعي الذي ينقل إلى إسبانيا عن طريق المغرب، رغم أن فوائد المغرب لا تتجاوز 10 في المائة".
وخلص المتحدث إلى أن "النظام الجزائري العسكري اتخذ قرار منع الطياران المدني والعسكري فوق أجواءها، وهذا استفزاز خطير لا مثيل له، علما أن المغرب يقر على سياسة اليد المدودة في أكثر من مرة".