أبدت الجزائر استعدادها لتقديم المساعدات الإنسانية ووضع كافة الإمكانيات المادية والبشرية في حال طلبت الرباط ذلك، كما أكد بيان الرئاسة أن الجزائر قررت فتح مجالها الجوي أمام الرحلات لنقل المساعدات.
النداء وإن لم ترد عليه الرباط رسميا، إلا أنه حرك بعضا من المياه الراكدة وأعاد التكهنات باحتمالية رأب الصدع الكبير بين البلدين، وطرح السؤال العريض، هل تكون المبادرة الجزائرية فرية لتقارب سياسي وفتح للحدود المغلقة منذ ما يقرب من ثلاثة عقود؟
وأكد محمد طلحة المحلل السياسي وأستاذ القانون العام، أن المبادرة الجزائرية هي رد على استعداد سابق للمغرب إبان الحرائق التي اجتاحت منطقة تيزي وزو وأودت وقت ذاك بحياة العشرات، حينها عرض المغرب المساعدة عبر توفير طائرات كنادير رهن إشارة الجزائر، غير أنها فضلت عدم الموافقة على عرض الرباط. مضيفا أن في الكوارث الإنسانية يجب أن تذوب الحدود السياسية والجغرافية للدول.
واعتبر في حديثه ل"الأيام24″ أن مابين المغرب والجزائر جرح سياسي غائر يصعب تضميده إلا عبر طاولة الحوار السياسي وبعيدا عن المزايدات، مشيرا إلى أن هذا الصدع الكبير يمكن أن يفتح بابا ولو ضيقا لتجاوز سخف الحدود الجغرافية بين البلدين، خاصة وأن الخطاب الرسمي المغربي يمد يده غير ما مرة إلى الجارة الشرقية لفتح صفحة بيضاء في العلاقات الثنائية يكون فتح الحدود البرية المغلقة منذ 1994 أول عناوين المصالحة.
إعلان الجزائر فتح مجالها الجوي لعبور المساعدات للمغرب قد يكون وفق المحلل السياسي أمرا طبيعيا، سيما وأن كارثة الزلزال يأتي غداة مقتل مغربيان وسجن آخر بعد الطلق الناري للجيش الجزائري على الضحايا في عرض البحر نتيجة دخولهم بالخطأ الحدود البحرية للجزائر.
وعاد طلحة إلى تحليل ما تضمنه بيان الرئاسة الجزائرية الذي أود أن "البلاد تعرب عن استعدادها التام لوضع كافة الإمكانيات المادية والبشرية تضامنا مع الشعب المغربي الشقيق"، وهنا يتضح وفق المتحدث محاولة الخطاب الرسمي الجزائري وضع تفرقة وحدودا فاصلة بين الشعب والنظام، بحيث أنه تحاشى التوجه بخطابه إلى رأس النظام السياسي والحكومة المغربية. وأكد المصدر ذاته أن المغرب لايريد منح هدايا سياسية لخصومه على غرار فرنساوالجزائر لاستغلال الوضع من أجل المزايدة السياسية، فالمملكة تنتقي شراكاتها وتعاملاتها مع العواصم وفق قواعد صارمة، مايفسر قبول المساعدة من إسبانيا وبرطانيا والإمارات وقطر، دون غيرهم من العروض حتى تلك المقدمة من إسرائيل.
واستبعد طلحة أن تكون المبادرة الجزائرية عنوانا على تجاوز الخلافات والهوة السياسية التي كبُرت بين البلدين، في ظل عقدة راسخة للنظام الجزائري وبناء سياسته الخارجية حول معاداة ومعاكسة المصالح المغربية.