عبر وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل الثاني في تصريح لوسائل إعلامية، عن رغبة بلاده واستعدادها لقيادة أي وساطة بين المغرب والجزائر لتقريب وجهات النظر بين البلدين ورأب الصدع، وأنها منفتحة على أي طلب في الموضوع. وتأتي دعوة قطر هذه حسب الوزير القطري، إيمانا منها بأن العلاقات العربية البينية يجب أن يكون عنوانها الرئيسي التفاهم المشترك، مؤكدا، أن "رأب الصدع بين الأشقاء يمثل اهتماماً رئيسياً لدولة قطر"، في إشارة منه الى أن "الرسائل بين الدوحةوالجزائر تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين". في هذا السياق، قال أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، أن الكثير من الدول العربية والأفريقية والأوروبية حاولت عدة مرات التوسط بين المغرب والجزائر لإصلاح ذات البين ونزع فتيل النزاع الذي يستنزف ميزانية الشعبين الشقيقين في سباق جنوني نحو التسلح ولكن دون جدوى، في الوقت الذي كان من الأجدر أن توجه تلك الميزانيات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبنيات التحتية وتوفير التعليم والصحة والشغل للمواطنين في البلدين، وخاصة في ظل الأزمات الدولية التي تخيم على العالم عموما وعلى الجوار المغاربي المباشر على وجه التخصيص وما يجري في مالي والنيجر مثال بسيط لتلك المخاطر المحدقة بالمنطقة. وشدد نور الدين في حديثه مع "الأيام24″، على أن استمرار النزاع وإغلاق الحدود يفقد خزينة الدولتين مئات المليارات من المداخيل التجارية والاقتصادية والجبائية والجمركية، ويضيع على البلدين نقطتين على الاقل من معدل النموي الاقتصادي السنوي كما تقول تقارير البنك الدولي، ويضيع على الدول المغاربية الخمسة آلاف الفرص الاستثمارية والمشاريع التنموية. ولنجاح أي وساطة بين البلدين وضع المختص في العلاقات الدولية شرطا أساسيا وضروريا، وهو قبول الطرفين بالوساطة وبحسن نية، وبغياب هذا الشرط لا يمكن أن تنجح اي مساعي حميدة. وتابع المتحدث أن الجزائر ترفض علانية وبشكل رسمي أي وساطة مع المغرب، وقد أعلن ذلك الرئيس عبد المجيد تبون في خطاباته وتصريحاته الصحافية عدة مرات، وأكدتها وزارة الخارجية الجزائرية في بيانات رسمية، ثم من خلال مذكرات دبلوماسية رسمية، منها على سبيل المثال يضيف نور الدين، مذكرة مندوب الجزائر في الجامعة العربية في القاهرة أثناء اشغال، التحضير لجدول أعمال القمة العربية في الجزائر السنة الماضية، حيث رفضت الجزائر ادراج نقطة المصالحة مع المغرب في جدول أعمال القمة رغم أن الجزائر، كانت قد اختارت شعار المصالحة العربية لتلك القمة التي استضافتها في نونبر 2022، وطالبت بادراج نقطة المصالحة بين سورية ودول الخليج مثلا ، ما يوضح المفارقة الكبرى التي تعتمدها الجارة الشرقية. هذا وذكّر الأستاذ الجامعي، بأن النظام العسكري الجزائري رفض كذلك وساطة سعودية قبيل القمة التي كان سيقودها ولي العهد محمد بن سلمان، وكان المغرب قد أبدى استعداده لحضور القمة في شخص جلالة الملك محمد السادس، وهي مناسبة لانجاح تلك الوساطة وتلك المصالحة، وقد باشر المغرب الاعداد لمشاركة جلالة الملك ولكن العراقيل والمضايقات البئيسة التي مورست على الوفد المغربي في تلك القمة أفشلت مشاركة العاهل المغربي. وتابع المتحدث ذاته، يجب أن نتذكر ونذكر العالم بأن المغرب قبل الحضور والمصالحة والوساطة، رغم أن الجزائر هي الطرف المعتدي وهي التي تقود حربا قذرة ضد المغرب منذ نصف قرن، وهي التي تحتضن تنظيما مسلحا يهاجم المغرب، وتوفر له المال والأسلحة الثقيلة بما فيها الدبابات والمدافع والصواريخ، والجزائر هي التي تخوض حربا دبلوماسية ضد المغرب في كل المنتديات القارية والأممية.. ورغم كل ذلك هي التي ترفض الوساطة والمغرب هو الذي يقبلها!. وقبل أي وساطات خارجية، أشار نور الدين، إلى أن المغرب اقترح على الجزائر ومن خلال خطابات ملكية رسمية المفاوضات والحوار المباشر، واقترح كذلك ولأربع مرات على الأقل متذ 2018 إلى خطاب العرش 2023 إحداث لجنة عليا مشتركة لمناقشة كل القضايا الخلافية دون طابوهات،لكن في كل مرة كان الرد سلبيا بل وتصعيديا إوصل إلى إعلان الجزائر من جانب أحادي قطع علاقاتها مع المغرب وإغلاق مجالها الجوي في وجه الطيران المدني المغربي، ورفضت حتى مساعدتها بطائرات "كانادير" لاطفاء حرائق صيف 2022 في حين قدمت طلبات للمساعدة للدول الأوربية ومنها فرنسا التي احتلتها 132 سنة وفعلت فيها الأفاعيل. وبخصوص نجاح الوساطة القطرية من عدمها، قال الخبير السياسي، أنه من غير المتوقع أن تنجح هذه المبادرة إلا اذا كانت هناك معطيات إقليمية جديدة أو أزمة داخلية خطيرة تهدد بتفجير الوضع الجزائري، وفي هذه الحالة يجب على المغرب ألا يكرر خطأ "إتفاق 1961" مع الحكومة الجزائرية المؤقتة وأيضا خطأ إتفاق "يونيو 1991" لوقف إطلاق النار في الصحراء، والذي تبين أنه كان خدعة كي يتفرغ النظام العسكري الجزائري للإنقلاب على الديمقراطية وصناديق الإقتراع في "يناير 1992". وخلص أحمد نور الدين، إلى ضرورة توفر ضمانات دولية لا غبار عليها، وشروط واضحة وأولها الإعتراف بسيادة المغرب على صحرائه وإغلاق مخيمات تندوف وعودة اللاجئين وطرد قيادات الجبهة الانفصالية من الجزائر وإغلاق مكاتبها، وتعويض المغاربة ضحايا الطرد التعسفي والقسري سنة 1975، وتعويض ضحايا المناطق الحدودية الذين حرموا من الوصول إلى ضيعاتهم منذ 1963 رغم وجود اتفاقيات تضمن حقوقهم، وتعويض كل الضحايا المغاربة بما فيهم ضحايا واحة العرجا بفكيك في مارس 2021، وغيرها من الملفات،لنجاح أي إتفاق جديد أو مصالحة بين الطرفين.