يتحرك المغرب بقوة الدفع الدبلوماسي في مساحات جغرافية قريبة وبعيدة على غرار أمريكا اللاتينية التي تعتبر أرض خصبة لانتعاش أطروحة الانفصال التي تجري وراءها جبهة البوليساريو ومعها داعمتها الجزائر. وآخر الماقف التي تظهر سعي هذا الطرح ما اقترحه الرئيس الكولومبي على القمة الإيبيرية الأمريكية لضم جبهة البوليساريو إلى أشغال القمة باعتبارها مراقبا، وهو ما رفضته إسبانيا، مؤكدة أن صفة مراقب يجب أن تُعطى للبلدان المعترف بها دوليا، بمعنى أن الجبهة لا شرعية لها قانونيا في التواجد مع عواصممدريد ولشبونة وتلك الواقعة في أمريكا الجنوبية. وتفاعلا مع الموضوع، قال خالد فيقار الباحث في العلاقات الدولية، أن موضوع رفض إسبانيا للمقرح كولومبي، ينطوي على مفارقتين، أولهما التطور اللافت في العلاقات المغربية الإسبانية، التي جعلت مدريد تترجمه إلى دفاع عن مصالحها مع الرباط، في حين أن المفارقة الثانية تتجلى في استمرار حضور البوليساريو والطرح الانفصالي في منطقة أمريكا اللاتينية، على غرار كولومبيا التي منذ توليه مقاليد السلطة إلى إعادة العلاقات مع جبهة "البوليساريو" الانفصالية في غشت الماضي، بعدما كانت العلاقات مجمدة منذ سنة 2001.
وقال في حديث ل"الايام 24″ أن "الطرح الانفصالي لجبهة البوليساريو رغم تراجعه بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، لأن الدعاية التاريخية التي كانت تروج لها في سياق الاستقطاب الإيديولوجي لم تعد قائمة، إلا أنها مازالت تحتفظ بدعم بعض العواصم، ما يرفع تحدي دبلوماسي كبير أمام المغرب.
وأضاف أن الدبلوماسية المغربية أمامها فرصة الاستغلال السياسي للوضع الميداني الذي تشهده قضية الصحراء المغربية الذي ينعكس على حضور جبهة البوليساريو على الصعيد الدولي، خاصة بعد تكبدها خسائر دبلوماسية وسياسية.
ويستخدم المغرب في علاقاته بدول أميركا اللاتينية، ما يصفه المحلل السياسي ب"الدبلوماسية التضامنية لكسب الصداقات"، مشيرا إلى "المساعدات الإنسانية التي يقدمها المغرب على إثر وقوع كوارث طبيعية كالزلازل والأعاصير"، بالإضافة إلى الدبلوماسيتين الثقافية والرقمية، وكذلك إلى دور الوكالة المغربية للتعاون الدولي باعتبارها "الذراع التنفيذي لدبلوماسية التأثير المغربية نحو أميركا اللاتينية".
وبحسب بعض التقديرات حجم التبادل التجاري بين المغرب ودول الأميركيتين اللاتينية والجنوبية ومنطقة الكاريبي، قد بلغ ما يفوق المليار دولار، خلال السنوات الأخيرة، بقيمة تتجاوز 130 مليار دولار للصادرات، و890 مليار دولار للواردات، وذلك مع كل دولة على حدة، وهي المعاملات المرشحة لأن تتضاعف خلال السنوات القادمة، خصوصا في ظل الاهتمام الذي بات يوليه المغرب للاقتصاد البحري، تزامنا مع الانكباب على تطوير بنياته التحتية والموانئ العملاقة في طنجة والداخلة.