أعلنت جمهورية كولومبيا، على لسان نائبة الرئيس ووزيرة العلاقات الخارجية، مارتا لوسيا راميريز، عن تمديد نفوذ سفارتها في الرباط إلى جميع أنحاء التراب الوطني، بما في ذلك الصحراء المغربية، في اعتراف ضمني منها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. راميزير التي تقوم بزيارة إلى المغرب، خلال لقاء جمعها بنظيرها المغربي ناصر بوريطة، أكدت على" الجهود الجادة التي تبذلها المملكة المغربية سعيا إلى إيجاد حل سياسي عملي وواقعي ودائم لهذا النزاع، في إطار العملية السياسية التي تجري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة"، مشيدةً ب"أهمية المبادرة المغربية، في أفق التوصل إلى حل سياسي، واقعي، دائم وقائم على التوافق بين جميع الأطراف، وذلك من أجل تسوية هذه القضية الحيوية بالنسبة للمغرب في إطار سيادته ووحدته الترابية". للحديث عن خلفيات الموقف الكولومبي والتغيرات التي بدأت تشهدها مواقف بلدان لاتينية من نزاع الصحراء المغربية المفتعل، يحاور موقع القناة الثانية، عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، ضمن فقرة "ثلاثة أسئلة".
ما قراءتك لمخرجات مباحثات نائبة الرئيس الكولومبي، مع وزير الخارجية، يوم أمس الخميس، خصوصاً موقفها بالاعتراف بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية؟ إن الاعتراف الكولومبي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية يعد انتصارا قويا للدبلوماسية المغربية في القارة الأمريكية والتي كانت تعد أحد القلاع المؤيدة للطرح الانفصالي. ويبدو بأن الاستراتيجية الملكية التي أسست لاستهداف الدول الأمريكية من أجل إعادة تطبيع علاقاتها مع مواقف المغرب بشأن ملف وحدته الترابية باتت توتي ثمارها. ولاسيما عقب الزيارة التاريخية التي قام بها الملك محمد السادس إلى كوبا ومنذئذ سجلت اختراقات عميقة لصالح قضيتنا الوطنية الأولى. ولا يخفي موقف بوغوتا اقتفاء للموقف الأمريكي بشأن الصحراء المغربية، حيث إن وجهات النظر الأمريكية والكولومبية كثيرا ما تتطابق بخصوص القضايا الجيوسياسية. أين تكمن أهمية كسب هذا الموقف من دولة كولومبيا، خصوصاً أنها كانت إلى وقت قريب من أهم داعمي الجبهة الانفصالية؟ إن الاعتراف الكولومبي وبالنظر إلى حجم وتأثير والنفوذ الجيو سياسي لهذه الدولة سيشجع باقي دول أمريكا اللاتينية إلى الاعتراف بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية. ويمكن الاستناد إلى موقف بوغوتا لإحداث مزيد من الاختراقات الدبلوماسية في الدول الناطقة باللغة الإسبانية. إذ من شأن ذلك أن يسمح للتعبئة لصالح الطرح الواقعي المغربي لدى الملايين ممن تأثروا بالنزعة الانفصالية التي كان يدعمها البلد المستعمر الاسباني سابقا. ولأن كولومبيا من أكبر الدول تأثيرا جيوسياسيا في محيطها حيث تعد عضوا بارزا في منظمة البلدان الأمريكية، فإن موقفها القاضي بعدم التعامل مع الكيانات الوهمية سيدفع بعدد من الدول الحليفة إليها إلى تبني نفس الموقف. أما من الناحية الاقتصادية فإن هذا الاعتراف سيمكن المغرب من معاملات تجارية واقتصادية كبيرة مع ثالث أكبر اقتصاديات دول أمريكا الجنوبية. ولهذه الاعتبارات سيصبح الاعتراف الكولومبي أداة سياسية لكسب مزيد من الاعترافات مستقبلا. كيف تنظر إلى نجاح الدبلوماسية المغربية في انتزاع مواقف داعمة من بلدان أمريكا اللاتينية، التي كانت معقلاً لجبهة البوليساريو؟ إن الاختراقات الدبلوماسية للمغرب في أمريكا اللاتينية سيحدث فارقا كبيرا، وستكون له تداعيات داعمة بقوة للمسار الأممي في إيجاد تسوية سياسية واقعية ومستدامة وقابل للتطبيق. وهو ما سينهي أي أحلام طوباوية نحو تأسيس دويلة موالية للجزائر. إن اختراق قلاع خصوم الوحدة الترابية في أمريكا اللاتينية يعد انتصارا للنهج الاستراتيجي الواقعي للمملكة المغربية حديثا، حيث تتوافق وجهات نظرها في كثير من القضايا مع العديد من الدول ومنها دول أمريكا الجنوبية. وينتظر في الأمد المنظور أن تتقلص المساحات الدبلوماسية التي كانت تنشط فيها دبلوماسية الانفصال بشكل كبيرا وقد نعيش نهاية أي علاقات دبلوماسية رسمية لأغلبية دول أمريكا اللاتينية مع جبهة البوليساريو.