قال مرصد العمل الحكومي، إن التضخم بالمغرب وصل الى مستويات غير مسبوقة في المغرب، حيث أنهى الاقتصاد الوطني سنة 2022 على وقع ارتفاع نسبة التضخم الى %6.6، وارتفاع مؤشر اسعار المواد الغذائية ب%11، وهي أرقام ومؤشرات تبين الوضعية الصعبة التي يجتازها الاقتصاد الوطني، في ظل وضعية اقتصادية دولية متأزمة، تتميز بحالة الشك واللايقين جراء الازمات المتعددة التي ضربت العالم وفي مقدمتها جائحة كورونا وتبعاتها السلبية التي تحتاج الى سنوات طويلة للتعافي. وأضاف المرصد في ورقة حول التضخم وارتفاع الأسعار اطلعت عليه "الأيام 24″، أن الحكومة لا تمتلك أي رؤية فيما يتعلق بمعالجة واصلاح الاختلالات البنيوية التي تعاني منها بنية ومنظومة تموين الاسواق المغربية بمختلف المنتجات والمواد. مضيفة غياب الارادة لدى الحكومة لمحاربة الاحتكار والمضاربة، خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية، رغم اقرار اعضائها ومكوناتها، بوجودها ومسؤوليتها في تأزيم الوضع.
وأبرزت ورقة المرصد التي جاءت في إطار متابعته المتواصلة والدقيقة لمختلف تدخلات الحكومة فيما يتعلق بتدبير أزمة التضخم وارتفاع الاسعار، أنه سجل امتناع الحكومة على معالجة إشكال الاحتكار فيما يتعلق بالمحروقات، وتغاضيها عن التقارير الرسمية في هذا الصدد، وخاصة التقرير الصادر عن مجلس المنافسة، الذي أكد بشكل واضح على خضوع سوق المحروقات للاحتكار.
وأشار المصدر ذاته، إلى غياب الرؤية الاستشرافية اللازمة في استباق ايجاد الحلول للازمات، ولتماطل غير المبرر لإيجاد الحلول المناسبة لمنع استفحال أزمة غلاء الاسعار خاصة فيما يتعلق المواد الغذائية المرتبطة بالمجال الفلاحي، حيث أن الازمة المتعلقة باللحوم والحليب طرحت على طاولة الحكومة منذ أكثر من سنة، حيث عطلت الحكومة التوصل للحل الى أن استفحلت الازمة وطالت أثارها القدرة الشرائية للمواطنين.
كما أضاف المرصد، أن هناك غياب لأي تصور للإصلاح منظومة تسويق المنتجات الغذائية، ومساراتها، التي تشهد فوضى ريعية، لا ينتج عنها الا بروز هوامش ربح متكررة سواء في مرحلة الانتاج، أو في مرحلة الوصل الى أسواق الجملة، التي تعرف منظومة تدبيرها تغلغل الاستغلال الريعي للفضاءات والمناطق المخصصة للبيع داخلها، وهو ما يزيد في استفحال أزمة غلاء الاسعار ويضرب القدرة الشرائية للمواطنين.
وسجل المرصد، أن هناك تردد للحكومة في اعادة صياغة الخريطة الزراعية المغربية، بما يتوافق والحاجيات الاساسية للمغاربة من الزراعات الاستراتيجية، المتعلقة أساسا بالحبوب والنباتات الزيتية، بما يحصن الأمن الغذائي المغربي، في مقابل التشبث بالزراعات التسويقية التي تستهدف التصدير.
وأوضح المصدر ذاته، أن هناك "ترددا غير المبرر للحكومة في تسريع خطوات الانتقال الطافي نحو الطاقات المتجددة، بما يضمن الأمن الطاقي المغربي، ويخفف من الفاتورة الطاقية المرتفعة، يحصن الانتاج الوطني من التبعية الطاقية للخارج، ويجنبه التقلبات الناتجة عن التوترات والاختلالات التي تطرأ على أسواق الطاقة العالمية، وانعكاساتها المباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين.
كما أشارت الورقة إلى "ضعف التوجيه الضريبي للحكومة، ليشمل تقوية القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال وقف استيفاء مجموعة من الضرائب التي تخضع لها مجمل المنتجات الغذائية الاساسية خلال مرحلة البيع، خاصة في ظل الازمة الحالي. مضيرا إلى التوجيه غير المتكافئ للمخصصات المالية المتحصلة من المداخيل الضريبية الاستثنائية لسنة 2022 التي بلغت ازيد من 36 مليار درهم، في اتجاه القطاعات والفئات الاكثر قدرة على الصمود على حساب الفئات الهشة و الطبقات المتوسطة.
وأضاف المصدر ذاته، أن هناك غياب للزخم اللازم فيما يتعلق بالمراقبة والتتبع للأسواق الوطنية، والسهر على تجنب الزيادات غير المبررة في الاسعار وخاصة المواد الغذائية الاساسية. وغياب الالية المؤسساتية لمراقبة مجلس المنافسة، وتعطيل ادوارها بغياب النصوص التطبيقية المؤطرة لمجال تدخلها وعملها. لافتا إلى ضعف التواصل الحكومي فيما يتعلق بالأزمة وطمأنة الراي العام الوطني، وضبابية التفسيرات المقدمة من طرف الحكومة وأعضائها في هذا الصدد.
من جهة أرخى، أبرز المرصد أن حكومة أخنوش عملت على القيام بمجموعة من التدخلات والاجراءات للحد من تأثير التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين وللحفاظ على استقرار أسعار مجموعة من المواد الاساسية، وفق ثلاث مستويات، مستوى أول متجسد في تقديم الدعم ومستوى ثاني ذو طبيعة نقدية، مستوى ثالث ذو طبيعة ضريبي.