قال مرصد العمل الحكومي في تقرير له إن التضخم وصل إلى مستويات غير مسبوقة في المغرب، ما أدى إلى تأزم الوضعية الاجتماعية للمغاربة، وزاد من وضعية الهشاشة والفقر. وسجل تقرير المرصد حول "التضخم وغلاء الأسعار" عدم امتلاك الحكومة لأي رؤية فيما يتعلق بمعالجة وإصلاح الاختلالات البنيوية التي تعاني منها بنية ومنظومة تموين الأسواق المغربية بمختلف المنتجات والمواد. ورصد القرير غياب الإرادة لدى الحكومة لمحاربة الاحتكار والمضاربة، خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية، رغم إقرار أعضائها ومكوناتها بوجود هذه الممارسات ومسؤوليتها في تأزيم الوضع، إضافة إلى امتناعها عن معالجة إشكال الاحتكار فيما يتعلق بالمحروقات، وتغاضيها عن التقارير الرسمية التي توضح خضوع سوق المحروقات للاحتكار. وأكد المرصد غياب الرؤية الاستشرافية اللازمة في استباق إيجاد الحلول للأزمات، والتماطل غير المبرر لإيجاد الحلول المناسبة لمنع استفحال أزمة غلاء الأسعار، خاصة فيما يتعلق المواد الغذائية المرتبطة بالمجال الفلاحي، حيث إن الأزمة المتعلقة باللحوم والحليب طرحت على طاولة الحكومة منذ أكثر من سنة، وعطلت الحكومة التوصل للحل الى أن استفحلت الأزمة وطالت آثارها القدرة الشرائية للمواطنين. وسجل ذات المصدر غياب أي تصور لإصلاح منظومة تسويق المنتجات الغذائية، ومساراتها التي تشهد فوضى ريعية، والتي تشمل أسواق الجملة، ما يزيد في استفحال أزمة الغلاء، فضلا عن تردد الحكومة في اعادة صياغة الخريطة الزراعية المغربية، بما يتوافق و الحاجيات الاساسية للمغاربة من الزراعات الاستراتيجية، بدل التشبث بالزراعات التسويقية التي تستهدف التصدير. وانتقد التقرير التردد غير المبرر للحكومة في تسريع خطوات الانتقال الطاقي نحو الطاقات المتجددة، وضعف التوجيه الضريبي للحكومة لتقوية القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال وقف استيفاء مجموعة من الضرائب التي تخضع لها مجمل المنتجات الغذائية الأساسية، والتوجيه غير المتكافئ للمخصصات المالية المتحصلة من المداخيل الضريبية الاستثنائية لسنة 2022 في اتجاه القطاعات والفئات الأكثر قدرة على الصمود، على حساب الفئات الهشة والطبقات المتوسطة، ناهيك عن غياب الزخم اللازم فيما يتعلق بالمراقبة والتتبع للأسواق الوطنية، وضعف التواصل الحكومي. وفي خضم هذه الوضعية، أوصى المرصد بتعزيز آليات مراقبة وتتبع حركية الأسواق والأسعار وتعزيز المراقبة الميدانية، مع الايقاف المؤقت لاستخلاص عدد من الضرائب المتعلقة ببيع المواد الغذائية الاساسية موضوع أزمة غلاء الأسعار، وفي مقدمتها الضريبة على القيمة المضافة، خلال فترة الأزمة الحالية. ودعا إلى إيقاف العمل بالنظام الحالي لأسواق الجملة، وتجنيب المستهلكين أداء الهوامش الربحية الريعية، والتفعيل الآني لأدوار مؤسسة مراقبة المنافسة، وتطبيق القانون فيما يتعلق بالاحتكار الممارس من طرف شركات المحروقات، والتسريع بإخراج المراسيم التطبيقية لقانون مجلس المنافسة. كما قدم مرصد العمل الحكومي مجموعة من التوصيات على المدى المتوسط، وتشمل وضع نظام تسويق للمواد الغذائية، بمسارات واضحة، ودون الدخول في سلسلة المضاربات والهوامش الربحية الريعية، مع الاصلاح الشامل للنظام القانوني لأسواق الجملة الذي يعود الى سنة 1962، والاستثمار في تمكين القطاع الخاص من إنشاء منصات للتوزيع والتعبئة، بشروط تنافسية واضحة، ووضع آليات حقيقية للتسويق الالكتروني. وأكد ذات التقرير على ضرورة تسريع الانتقال الطاقي نحو الطاقات المتجددة واستغلال الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب، والتي تضعه بين 5 اول دول في العالم من حيث الانتاج الطاقي انطلاقا من الطاقات المتجددة، بما يمكن من تخفيف التبعية الطاقية ويخفف من الفاتورة الطاقية.