أوصى مرصد العمل الحكومي في تقرير جديد الحكومة باتخاذ عدد من الإجراءات للتخفيف من تداعيات الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، وفي مقدمة ذلك مراجعة أو تجميد الضرائب المطبقة على المحروقات لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر في أفق استقرار أسعار المحروقات على المستوى الدولي . كما أوصى المرصد في "ورقة تنفيذية" حول هذا الموضوع بحلول آنية أخرى، منها مواصلة دعم المهنيين عن طريق الوقود المهني، وتعزيز آليات المراقبة وتمكين الفاعلين الحقيقيين من الوصول إلى الدعم. وكذا تسهيل ولوج أرباب محطات الوقود، إلى التمويلات البنكية ومساعدتهم على مواصلة تموين السوق من الاحتياجات من المواد البترولية . وعلى المدى المتوسط طالب التقرير بالعمل على حل مشكلة مصفاة المحمدية، من أجل الرفع من قدرات التكرير والتخزين للمحروقات بالمغرب. وإلزام الفاعلين في قطاع المحروقات بالرفع من استثماراتهم في مجال التخزين. الخفض التدريجي للقيمة الضريبية المطبقة على المنتجات البترولية بما يسمح بتقوية القدرة الشرائية للمواطنين. وتحسين شروط المنافسة بين مختلف الفاعلين في مجال المحروقات، وفرض آليات أكثر شفافية تضمن توازن الأسعار والربح . وسجل التقرير أن أزمة أسعار المحروقات وإن كانت راجعة بالأساس إلى السياق الدولي، فإن هناك مجموعة من الإجراءات والتدابير المتخذة في المغرب فيما يخص قطاع المحروقات، تساهم هي أيضا في استفحال هذه الأزمة، وتزيد من وقع الزيادة في أثمنة المحروقات، مؤكدا أن مجموعة من القرارات ومن الإجراءات التي راكمها المغرب طيلة سنوات، شكلت بيئة مناسبة لاستفحال هذه الأزمة، واشتداد وقعها وتأثيرها على النسيج الاقتصادي الوطني لاسيما تحرير القطاع الذي ""تم بدون استشراف مستقبلي ودون أي تخطيط مسبق أو إرساء لتنافسية حقيقية بين الفاعلين في القطاع ولا مجهود في الاستثمار في البنية التحتية، فضلا عن التخلص غير المبرر من مصفاة "لاسامير". وأكد التقرير أن الحكومة الحالية وإن كانت غير مسؤولة بشكل مباشر على الوضع الحالي لقطاع المحروقات والأسعار الملتهبة للمنتجات البترولية، حيث تقع المسؤولية على الحكومتين السابقتين، اللتين مهدتا لهذه الوضعية، لكن هذا لا يعني أن الحكومة الحالية غير مطالبة باتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات الآنية والعاجلة لتصحيح الوضع، ولحماية المستهلك المغربي، وتخفيف تداعيات هذه الأزمة على الاقتصاد الوطني . وأثنى التقرير بإيجابية على التدخل الحكومي لحماية قطاع النقل من الزيادة في أسعار المحروقات، والدفع باستقرار أثمنة النقل، وما له من انعكاسات مباشرة على دعم القدرة الشرائية للمواطنين، وكذا ضخ الحكومة لاعتمادات مالية إضافية في صندوق المقاصة للحفاظ على أسعار غاز البوتان. بالمقابل سجل التقرير غياب أي تواصل واضح وصريح للحكومة فيما يخص أزمة ارتفاع المحروقات، واعتمادها على فرض الأمر الواقع لتبرير الزيادات، مع الربط الحصري للأزمة بالسياق الدولي، كما أشار إلى أن الحكومة رفضت أي إجراءات حمائية للمستهلك المغربي، وخاصة تلك المتعلقة بالمنظومة الضريبية للمحروقات، علما أن 40 في المائة من سعر المحروقات مشكل من الضريبة على الاستهلاك الداخلي والضريبة على القيمة المضافة . كما لاحظ امتناع الحكومة عن مناقشة أزمة المحروقات داخل البرلمان، وعدم سعيها لأشراك مختلف الفرقاء السياسيين في إيجاد الحلول المناسبة لتجاوز الأزمة. وعدم تدخل الحكومة لتنظيم المنافسة وتحديد هوامش الربح لدى الموزعين، وتساهلها فيما يخص شروط التخزين المنصوص عليها قانونيا. ودعا التقرير الحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات على المستوى البعيد، لاسيما مواصلة تحسين وتجويد خدمات النقل العمومي، بما يمكن من خفض الاستهلاك الداخلي للمنتجات النفطية. وتشجيع استعمال واقتناء السيارات الكهربائية، عبر إجراءات ضريبية أكثر جاذبية وأكثر توازنا وتنويع مصادر الطاقة، ومواصلة الاستثمار في الطاقات المتجددة كمصدر أساسي للاستهلاك الطاقي بالمغرب، مما يمكن من تخفيض نسبة الاعتماد على النفط، وضمان الأمن الطاقي .