قال مرصد العمل الحكومي، إن السنة الأولى من ولاية حكومة عزيز أخنوش، تميزت بدينامية سياسية واقتصادية وكذا تشريعية وإدارية مكثفة، في ظل معطيات اقتصادية وسياسية متغيرة، ارتبطت أساسا بالأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة التي أرخت بظلالها على عمل الحكومة. وأضاف المرصد في تقرير رصد حصيلة الحكومة خلال السنة الأولى من تشكيلها، يتوفر موقع "القناة" على نسخة منه، أن حكومة أخنوش واجهت في سنتها الأولى، في ظل أزمة عالمية متعددة الأبعاد والمجالات (..) عدة تحديات مرتبطة أساسا بالارتفاع المهول لأسعار المواد الطاقية وفي مقدمتها سعر البترول الذي وصل إلى أزيد من 120 دولار للبرميل، بالإضافة إلى شح وارتفاع أسعار المواد الأولية الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني في مختلف تجلياته ومجالاته، جراء الارتباك الكبير الذي عرفته سلاسل التوريد العالمية. واستطرد التقرير، أن الحكومة اضطرت إلى مواجهة الآثار المؤلمة لانحسار التساقطات المطرية وانعكاساتها السلبية على المحاصيل المغربية من الحبوب، وعدم قدرتها على التوافق مع توقعاتها الاستشرافية التي حملها قانون المالية 2022، حيث لم يتجاوز محصول المغرب من الحبوب 34 مليون قنطار بانخفاض وصل إلى 67 في المائة مقارنة مع سنة 2021. واسترسل التقرير، أن الحكومة انكبت خلال السنة الأولى من ولايتها، على معالجة مجموعة من الملفات ذات الطابع الاجتماعي، من خلال نجاحها في إعادة الحياة للحوار الاجتماعي، وتمكنها من توقيع اتفاق مع المركزيات النقابية، وتنزيلها لبرنامج أوراش كآلية لتحفيز التشغيل، وبرنامج فرصة لدعم المبادرات والمقاولات الشبابية، بالإضافة إلى الاعتمادات المالية الاضافية المهمة التي خصصتها لصندوق المقاصة للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وتسريعها لورش تعميم الحماية الاجتماعية. وتابع المصدر عينه: "عمل الحكومة امتد للواجهة التشريعية، كإحدى أبرز مقومات العمل والانتاج الحكومي، حيث قامت الحكومة بعرض وانتاج مجموعة من النصوص التشريعية المهمة، التي تهدف من خلالها إلى مباشرة الاصلاحات التي ترمي القيام بها والمتضمنة في تصريحها الحكومي، وفي مقدمتها قوانين تعميم الحماية الاجتماعية وميثاق الاستثمار. من جانب آخر، أكد المرصد، أن "تعاطي الحكومة مع الأزمات الاقتصادية ذات الأبعاد الدولية لا يلغي انحسار وقصور فعلها الحكومي على التعامل مع مجموعة من المعطيات الداخلية، مثل قضايا الريع وحرية وشفافية المنافسة والعدالة الضريبية والتضامن المجتمعي، والتي ساهمت بشكل كبير في استفحال الأزمة، ومنعت تخفيف وطأتها على القدرة الشرائية للمواطنين، وعطلت الخروج الموضوعي من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة". توصيات المرصد بعد رصده وتتبعه لمختلف أعمال وأنشطة وإجراءات الحكومة خلال سنتها الأولى، قدم مرصد العمل الحكومي مجموعة من التوصيات، قصد المساهمة في إغناء النقاش حول السياسات العمومية، وبسط زاوية نظر مدنية يمكنها أن تساهم في إنجاح البرنامج والأداء الحكومي بما يتوافق والتطلعات الكبرى لعموم الشعب المغربي، يقول تقرير المرصد. ودعا المرصد إلى استكمال الهيكلة الحكومية من خلال تعيين كتاب الدولة في العديد من القطاعات الوزارية لرفع الأداء والمردودية الحكومية، كما شدد على فتح نقاش عمومي واضح وصريح حول الاصلاحات الهيكلية والملفات الكبرى، من قبيل صندوق المقاصة والمنظومة الضريبية والتقاعد ومحاربة الريع والفساد. وسجل التقرير أهمية تطوير وتسريع وثيرة العمل التشريعي بما يتوافق ويواكب الطموحات الاصلاحية والالتزامات الكبرى التي جاءت بها الحكومة، مؤكدا على ضرورة التسريع بإخراج قوانين المنافسة واصلاح مجلس المنافسة بما يمكنه من لعب أدواره الرئيسية في حماية الاقتصاد الوطني وضمان نزاهة وشفافية الفعل الاقتصادي والاستثماري وانعكاساته على المستهلك المغربي. ودعا المرصد إلى ضرورة الانفتاح وتوسيع المشاورات السياسية فيما يتعلق بالتحديات والاكراهات الكبرى التي تواجه البلاد في تكريس للطابع التوافقي الذي يميز المغرب، مع ضرورة تعزيز آليات حماية القدرة الشرائية للمواطنين، وتوفير مقومات العيش الكريم وحماية المواطنين من الاحتكار والمضاربة. وشدد المصدر نفسه، على ضرورة إصلاح وتجويد العرض الصحي الوطني بما يتوافق مع مقومات الدولة الاجتماعية وتوجهات الحماية الاجتماعية، وضرورة التسريع بإخراج قوانين منظومة التشغيل إلى حيز الوجود بما يتوافق والاختيارات الديمقراطية للمغرب وقيم وثقافة حقوق الانسان والحرية. وسجل المرصد، ضرورة تطوير الآليات التواصلية للحكومة، وتكثيف فرص التواصل مع الرأي العام الوطني وخاصة رئيس الحكومة، مع ضرورة انكباب الحكومة على تنزيل سياسة عمومية منسجمة ومنسقة في مجال الشباب والرياضة بما يضمن التنشئة المجتمعية على قيم الوطنية والانفتاح. وركز التقرير على ضرورة التفكير الآني والمستعجل فيما يتعلق بملف الماء والتهديدات الجادة التي يواجهها الأمن المائي المغربي، بالارتباط مع نوعية الزراعات المعمول بها والتي تستنزف الموارد المائية، بالإضافة إلى التفكير في تكثيف الاستثمارات الحكومية فيما يتعلق بتكنولوجيات تحلية مياه البحر.