خلق إقحام الجزائر للمواضيع السياسية في حفل افتاح "الشأن" ردود فعل عارمة سواء على المستوى الرياضي أو السياسي، بعد أن سمحت لحفيد المنضال الجنوب إفريقي نيلسون منديلا بإلقاء كلمة ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية. وعكس ما ذهب إليه حفيده، فقد عبر منديلا عن شكره واعتزازه بزيارة المملكة المغربية، والمساعدات المالية والعسكرية وتدريب الجيش الذي تم خلقه بجنوب إفريقيا، وذلك في احتفالية حضرها عبد الكريم الخطيب وزير الشؤون الإفريقية في حكومة 1961، ومؤسس حزب العدالة والتنمية أمام حشود غفيرة من الناس، يوم 27 أبريل 1995 في إحدى خطاباته احتفالا بتحرير بلاده، مبرزا الدور الذي لعبه الدكتور عبد الكريم الخطيب في تحرير جنوب افريقيا.
وقال منديلا، "إن هناك رجلا خاض رحلة طويلة لينظم إلينا في هذه الاحتفالية، إنه مصارع غوريلا سابق، وكان عضوا في حكومة بلاده وتولى منصب وزير الخارجية"، وأضاف "لقد زرت المغرب في أبريل 1962، وقلت له أريد أن أتحدث مع جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، فسألني لماذا، فأجبته أنهم قد أسسوا جيشا ويردون تدريب جنودهم وكذلك السلاح والأموال".
وكان الزعيم الافريقي قد التقى بالخطيب في زيارة له إلى المغرب سنة 1962 وقال له إنه يريد لقاء الملك "الراحل" الحسن الثاني ورد عليه لأجل ماذا ؟ فأجابه مانديلا لقد أنشأنا جيشا ونريد أن ندرب جنودنا، نريد أسلحة، نريد المال، فرد عليه الخطيب قائلا : نحن نتفهم مهمتك جيدا؛ لأننا كنا في نفس وضعيتكم، وأضاف: أجلب رجالك إلى دار السلام (تانزانيا) وسوف أبعث بطائرة لجلبهم إلى المغرب لندربهم، ثم سأله الدكتور الخطيب: ما نوع السلاح الذي تريدون؟ وأين تريد أن تتسلمه؟ أجابه مانديلا بإعطائه التفاصيل، وقال له أن يجلب الأسلحة إلى دار السلام.
سأل الخطيب الزعيم، كم تريدون من المال؟ أجاب مانديلا: نريد 5000 باوند بريطاني (1000 باوند يعادل مليون دولار اليوم)، فقال الخطيب: عد إلى هنا غدا في الساعة التاسعة صباحا (مانديلا مازحا كنت هناك منذ الثامنة)، ثم سلمه الخطيب الأموال التي طلبها ليضعها في حسابه البنكي في لندن وسأله: أما زلت تريد لقاء الملك؟ أجاب مانديلا: لا، لا أريد.
وخاطب الزعيم الافريقي نلسون مانديلا الحشود الغفيرة " كان لمجموعة من القادة الدور الأكبر في تحرير البلاد، واطلاق سراحنا، ولكن هذا الرجل كان له الدور الأبرز في تحرير بلادنا، هذا الرجل الذي جاءنا من المغرب ليقطع مسافة طويلة لينضم إلينا في هذا الحفل، تحية لصديق قديم في النضال من أجل التحرر؛ تحية للدكتور عبد الكريم الخطيب، اليوم نحن جميعا ممتنون له".
وكان حفيد نيلسون مانديلا، شيف زوليفوليل، تحدث عن مسألة الصحراء المغربية، ووصفها بأنها "آخر مستعمرة أفريقية"، ماد فع بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إلى التنديد بالتصريحات ووصفتها بأنها "ممارسات دنيئة" و"عبارات عنصرية".
وقالت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في بيان إنها "تندد بالممارسات الدنيئة والمناورات السخيفة التي صاحبت افتتاح بطولة أفريقيا للاعبين المحليين (...) بعد إلقاء كلمة خارج السياق لتمرير مغالطات سياسية لا تمت باي صلة للشأن الكروي".
من جهتها، أعلنت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف) أنها ستفتح تحقيقا للوقوف على مدى وإلى أي حد انتهكت التصريحات السياسية والاحداث، التي عرفها افتتاح مسابقة كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين بقسنطينة (الجزائر)، وستقدم تقرير النتائج التي تم التوصل إليها في الوقت المناسب.
وذكرت الهيئة في بيان لها، أمس الأحد، أنها أخذت علما ببعض التصريحات السياسية التي تم الادلاء بها خلال حفل افتتاح هذه المساب، مشددة على أنها ستفتح تحقيقا في الموضوع لتحديد مدى انتهاك هذه السلوكات للوائح وأنظمة الفيفا والكاف، مضيفة أنها بمقتضى الأنظمة واللوائح المعمول بها سواء في الكونفدرالية الافريقية أو في الاتحاد الدولي لكرة القدم، فإنه يتعين على الكاف أن تنأى بنفسها عن الخوض في الامور السياسية وأن تظل محايدة بخصوص القضايا ذات الطبيعة السياسية.
كما شددت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، على أن هذه التصريحات السياسية لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن مواقفها ولا تعكس لا وجهة نظرها ولا رأيها باعتبارها هيئة محايدة سياسيا.