لا انفراجة قريبة في العلاقات الجزائرية الإسبانية، بسبب التوجه الجديد للحكومة التي يقودها بيدرو سانشيز، خاصة في تقاربها مع المغرب وعلاقة ذلك بملف الصحراء، والذي تنظر إليه الجزائر بعيني الشك والريبة، وهي ترقب في ذلك تغيّرا في موقف مدريد من ملف الصحراء في أفق الانتخابات المقبلة في إسبانيا، المقررة العام الجاري. وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس كشف عن توجه مستمر لمدريد نحو جهود أوروبية حثيثة لحل الأزمة السياسية والدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا، والتي تفجرت على خلفية إعلان مدريد تغيير موقفها من ملف الصحراء المغربية. إذ قال ألباريس، في حوار نشرته اليوم الاثنين وكالة الأنباء الإسبانية، إن "بعض العلاقات التجارية بين البلدين ما زالت معطلة، واسبانيا لم تفعل ما يبرر تعطيل هذه العمليات التجارية"، مشيراً إلى أن مدريد طلبت مساعدة أوروبية لحل الأزمة مع الجزائر، مضيفاً أنه سبق أن حدثت اتصالات بين السلطات الأوروبية والجزائرية، لأجل التوصل إلى تسوية للأزمة الدبلوماسية.
ألباريس التأكيد على أن حكومة بلاده "تتمسك بسياسة اليد الممدودة مع الجزائر"، لكن الأخيرة اتخذت موقفا أكثر تشددا في العلاقة مع إسبانيا، حيث ترهن تطبيع العلاقات وعودتها إلى السكة الصحيحة بعدول حكومة مدريد عن دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء.
العلاقات الإسبانية المغربية وما تجره من مصالح سياسية واقتصادية متبادلة، أثارت غضب الجزائر، التي وصفت قرار حكومة مدريد ب "الانقلاب المفاجئ والتحول في موقف السلطة الإدارية السابقة بالصحراء"، قبل أن تقرر رفع منسوب الأزمة والتصعيد إلى مرحلة غير مسبوقة بسحب سفيرها من مدريد للتشاور، باعتباره رد فعل دبلوماسي لدراسة هذا التطور المفاجئ، دون سابق إنذار.
رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز بدد الرهان الجزائري على التراجع عن دعم مقترح الحكم الذاتي، وأعاد التاكيد شهر شتنبر الماضي خلال حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث قال إن الحل السياسي المغربي يعتبر "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع، واعتباره حلا سياسي مقبول للطرفين".
ويُرجع مراقبون الموقف الإسباني من قضية الصحراء إلى التوازنات الجيوسياسية الجديدة في المنطقة، بخاصة بعد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وافتتاح عديد من الدول تمثيلاتها الدبلوماسية في الصحراء، لكنها في الآن ذاته تحاول الحفاظ على مصالحها مع الجزائر خاصة في ظل أزمة الطاقة العالمية.