في ظل دخول العلاقات بين مدريدوالجزائر في أزمة، بسبب تغيير الحكومة الاسبانية لموقفها من النزاع في الصحراء، تسعى إسبانيا، إلى الوصول إلى توازن في العلاقات، يحفظ مصالحها في المغرب والجزائر على حد سواء. وأعلن رئيس الحكومة الاسباني بيدرو سانشيز، اليوم الاثنين، أنه يتوقع عودة السفير الجزائري في إسبانيا، سعيد موسي، إلى إسبانيا في "فترة زمنية قصيرة" بعد استدعائه للتشاور بعد اتفاق الحكومة الاسبانية مع المغرب حول الصحراء. وقال سانشيز في هذا الصدد: "نأمل أن نتمكن في غضون فترة زمنية قصيرة من حل هذه القضية الدبلوماسية" ، وأكد في مقابلة نقلتها وكالة "أوروبا بريس" عن توجه إسبانيا نحو الحفاظ على علاقة إيجابية واستراتيجية مع المغرب والجزائر على حد سواء. وأكد سانشيز أن بلاده تتعاون مع الجزائر في مجالات أخرى، خارج نطاق الطاقة، مثل الأمن أو التحكم في تدفقات الهجرة غير النظامية، مضيفا أنه "باختصار، لدينا تنسيق وتعاون استثنائي مع الحكومة الجزائرية". وبالمثل، شدد سانشيز على أن العلاقات مع المغرب "استراتيجية" في سياسة الهجرة ، ولكن أيضا في محاربة الإرهاب والتعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات، وكذلك في الشؤون الاقتصادية. وأكد "المغرب ثالث أكبر شريك تجاري لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، لذا فإن وجود علاقات ثقة وأمن واستقرار مستقرة مع المغرب أمر بالغ الأهمية بالنسبة لإسبانيا". في هذا الصدد، أعرب رئيس السلطة التنفيذية عن أسفه "لاختلافه" بشأن قضية الصحراء المغربية مع مكونات سياسية إسبانية، منها الحزب الشعبي ، وشدد على أن حكومة إسبانيا "تستوعب" قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأن موقفها من الصحراء يتوافق كذلك مع ما تقوله دول أخرى مثل فرنسا أو ألمانيا. ويتزايد الغضب الجزائري من اتخاذ الحكومة الاسبانية، لموقف داعم لمقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب كأرضية لحل النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية، وهو الغضب الذي لم تكتفي الجزائر بسحب سفيرها من مدريد للتعبير عنه، بل تجاوزت ذلك بالخروج لاتهام اسبانيا بالخيانة. وفي هذا السياق، كذبت الجزائر ، تصريحات وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل ألباريس بخصوص إبلاغ حكومة مدريد السلطات الجزائرية بتغيير موقفها من قضية الصحراء. وقال مصدر دبلوماسي جزائري لم يكشف عن هويته في تصريح لموقع "الشروق أونلاين" الجزائري، إن "مدريد لم تطلع في أي حال من الأحوال وعلى كل المستويات، السلطات الجزائرية بهذا المساومة الحقيرة"، ووصف، في ذات السياق، موقف مدريد الجديد "بالخيانة التاريخية". واعتبر المصدر الدبلوماسي تصريحات وزير الخارجية الاسباني "بالمخزية" و"الكاذبة" بالقول : "وزير الخارجية الاسباني وفي تصريحات صحفية يزعم بأنه ناقش كل المواضيع مع نظيره الجزائري، مما يوحي إن السلطات الجزائرية قد تكون على علم بالقرار المخزي لمدريد، لكن في الواقع هذا التصريح ما هو إلا أوكذوبة متعمدة من قبل الحكومة الإسبانية". وحسب تصريحات الديبلوماسي الجزائري، فإن ما يضاعف الصدمة لدى الجزائر، أن هذا الموقف الاسباني الجديد، صادر عن بلد كان يتحمل مسؤولية كبيرة كعضو في ما يسمى "مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية في الأممالمتحدة". وكانت الجزائر قد استدعت السبت سفيرها لدى مدريد، "فورا للتشاور" عقب كشف إسبانيا عن موقفها الجديد حيال الصحراء المغربية والذي دعمت من خلاله بشكل علني مقترح "الحكم الذاتي" الذي تقدم به المغرب سنة 2007 كحل للنزاع في إقليم الصحراء. وأكدت الجزائر في بيان لوزارة الخارجية بأنها تفاجأت "بشدة من التصريحات الأخيرة للسلطات العليا الإسبانية بشأن ملف الصحراء الغربية" ومن "الانقلاب المفاجئ وتحول موقف إسبانيا تجاه القضية الصحراوية".