كشفت صحيفة "إلباييس" الإسبانية، نقلا عن مصادر حكومية، أن سفيرة المغرب بإسبانيا، كريمة بنيعيش، قد عادت إلى مدريد، عقب اعتراف الحكومة الإسبانية، بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية. وكان المغرب قد استدعى سفيرته بمدريد كريمة بنيعيش منتصف ماي 2021 من أجل التشاور بعد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين عقب استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بهوية مزورة، وهي الأزمة التي تفاقمت بحسب "إلباييس" بدخول آلاف المهاجرين إلى سبتة. وأضافت الصحيفة، أن السفيرة المغربية عادت إلى إسبانيا بعد أن غير رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، موقفه بشأن الصحراء بتأييده لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط إلى الأممالمتحدة عام 2007 لإيجاد حل للنزاع على أساس جاد وواقعي، مضيفة أن "سانشيز" سيسافر قريبا إلى المغرب كما ذكرت رئاسة الحكومة يوم الجمعة الماضي. وأشارت الصحيفة الإسبانية، نقلا عن مصادر حكومية، أن مدريد حصلت على ضمانات بأن "الإجراءات الأحادية لن تتكرر"، مثل الدخول غير الظامي لأكثر من 10 آلاف مهاجر إلى سبتة ومليلية في 17 و18 ماي 2021، أو توسيع المنطقة الاقتصادية المغربية الخالصة حتى مياه الكناري. وأضافت "إلباييس"، أن مدريد حصلت على ضمانات من مدريد بأنه سيتم احترام "وحدة أراضي إسبانيا" بما في ذلك سبتة ومليلية اللتان تتمتعان بالحكم الذاتي، كما أن المغرب سيتعاون "في إدارة تدفقات الهجرة في المتوسط والمحيط الأطلسي"، مضيفة ان هذه الالتزامات تظهر في بيان الحكومة الإسبانية، وليس في بيان الخارجية المغربية. وشكل الموقف الجديد لإسبانيا باعترافها، رسميا، بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي وجدي وذو مصداقية لنزاع الصحراء المغربية، تحولا تاريخيا للجارة الشمالية للمملكة، بإعلانها موقفا واضحا وصريحا عكس ما كانت تنهجه سابقا، وهو ما يؤشر على انتصار الديبلوماسية المغربية التي غيّرت من سياستها تجاه مدريد مؤخرا. وأفاد بلاغ للديوان الملكي، يوم الجمعة الماضي، أن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بعث رسالة إلى الملك محمد السادس، أكد فيها على أنه "يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب"، وأن "إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" المتعلق بالصحراء المغربية. واعتبر سانشيز في رسالته أن "ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح"، مشددا على أن "إسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف"، مضيفا: "أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها"، وأنه "سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين". ويرى محللون أن العبارات التي تضمنتها رسالة سانشيز، حملت إشارات قوية على تبني مدريد لسياسة جديدة تجاه المغرب تروم محو تداعيات مجموعة من الأخطاء التي وقعت فيها الدبلوماسية الإسبانية في عدد من المحطات، خاصة بملف الصحراء، وعزمها طي صفحة الماضي وفتح علاقات جديدة مع المغرب قائمة على الوضوح والشفافية وبناء علاقات صداقة استراتيجية. الموقف الإسباني الجديد بالاعتراف بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي وواقعي وذو مصداقية في تسوية نزاع الصحراء المغربية، أثار صدمة في الجزائر، حيث قرر نظام الرئيس عبد المجيد تبون استدعاء سفيره بمدريد من أجل التشاور، وذلك بأثر فوري. وأفاد بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، اليوم السبت، أن "السلطات الجزائرية التي اندهشت من التصريحات التي صدرت عن أعلى السلطات الإسبانية بخصوص ملف الصحراء الغربية، وتفاجأت بهذا التحول المفاجئ لموقف القوة المديرة السابقة للصحراء الغربية، قد قررت استدعاء سفيرها بمدريد للتشاور بأثر فوري".