كثيرا ما يقال إن كرة القدم، "أفيون الشعوب، وأنها موّحدة لا مُفرقة"، ذلك حتما ما رسمه المنتخب المغربي، وهو يرسو بسفينته على شطآن الإنجاز غير المسبوق لا عربيا ولا إفريقيا، أطاح وما يزال بأقوى الخصوم أصحاب الباع الطويل في كؤوس العالم، من بلجيكا إلى اسبانيا والبرتغال..، حتى بات الجميع في البلاد العربية يحملون الأعلام المغربية وأقمصة أسود الأطلس ويهتزون مع كل هدف تحرزه أقدام المغاربة المسطرين على صفحة بيضاء ناصعة، خطوط ملحمة كروية لم يشهد التاريخ الإفريقي مثيلا لها منذ نشأت المسابقة سنة 1930. من الدوحة إلى الرباطفالجزائر والقاهرة وغزة والقدس، بيروت، أبوظبي والرياض ومقديشو..إلى غيرها من تراب العرب الذين أنهكتهم الخلافات السياسية وخطاباتها الجوفاء التي زرعت في النفوس على مدار عقود أحقادا. فالذي لم تنجح فيه القمم العربية الرافعة لأعلام الوحدة ولمّ الشمل، استطاعت كرة القدم أن تفعله، فالمنتخب المغربي نجح "لحظيا" في إزاحت ما تلبد من غيوم التوترات السياسية فوق أجواء ورؤوس العرب، الذين عبّروا عن الفرح والبهجة التي غمرتهم بما حققه أسود الأطلس في مونديال قطر.
لاقت انتصارات المنتخب المغربي في كأس العالم، تفاعلا كبيرا من الجزائرين الذين رصدتهم مقاطع فيديو منتشرة على نطاق واسع بمواقع التواصل، وهم يهتزون فرحا وانتساء لما حققه الأسود، متمنين الذهاب إلى أبعد حد في المونديال، مشيرين إلى أنهم يساندون المغرب انتصارا لمنطق "الخاوة" والعروبة والجوار والإسلام الذي يجمّع ولا يفرق، وأن الخلافات السياسية لا تؤثر على المودة بين الشعبين.
فرح الجزائرين للمغاربىة وتوافد كبير منهم إلى الحدود البرية المغلقة منذ العام 1994، كانت جموعهم تصدح بصوت في عنان السماء "مبروك عليكم، مبروك" فيرد المغاربة "الله إبارك فيكم".
صور الفرح التي غزت شوارع ومقاهي ومنازل الجزائر انعكست على صانع الفعل السياسي، حيث وجّهت شخصيات سياسية التهنئة للمنتخب المغربي لكرة القدم عقب إنجازه التاريخي بالتأهل لنصف نهائي كأس العالم، مع التأكيد على قوة العلاقة التي تجمع الشعبين رغم الخلافات السياسية الكبيرة بين البلدين. زبيدة عسول رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، كتبت منشورا على فيسبوك، تقول فيه: "برافو للمنتخب وهنيئا للشعب المغربي على هذا الإنجاز بالتأهل لنصف نهائي كأس العالم. إنه فوز لكامل إفريقيا". وعلى مستوى البرلمان، أبرز النائب عن الجالية عبد الوهاب يعقوبي، على صفحته "العرب لأول مرة في النصف نهائي للمونديال. هنيئا لفريق الأشقاء المغاربة وتأهلهم التاريخي ومزيدا من الفخر بالعلم الفلسطيني. هنيئا لكل شعوب المغرب العربي وإفريقيا بهذا الفوز والعاقبة للنهائي إن شاء الله". وختم قائلا: "الشعب الجزائري والشعب المغربي خاوة خاوة". وذكر القيادي في حزب العمال ذو التوجه اليساري والنائب السابق رمضان تعزيبت، أن أسود الأطلس حققوا تأهلا تاريخيا لأول منتخب من شمال إفريقيا لنصف نهائي كأس العالم. مضيفا أنه "فخور بإنجاز منتخب المغرب الشقيق. هنيئا للإخوة الأمازيغ!". وكان عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم، قد نشر تدوينة هنأ فيها المنتخب المغربي، مشيرا إلى أن ما زاد تألقهم حملهم للعلم الفلسطيني. ووجه لهم التحية بالقول: "هنيئا للشعب المغربي ومزيدا من التألق. كلنا مع هذا الفريق الواعد". واعتبر مقري الذي يمثل حزبه المعارضة في البرلمان، أن هذا المونديال الكروي فيه أشياء كثيرة وتبشر بالخير منها، حسبه "الموقف القطري في مواجهة لوبيات الفجور العالمية، وتمسك الشعوب العربية والإسلامية بالقضية الفلسطينية وافتضاح أمر التطبيع الرسمي، وما سمعناه من اهتداء العديد من المشجعين للإسلام. ورغم أن جزء من الإعلام الجزائري حاول التشويش على الإنجاز وحالت الإنبهار والفرح الجزائري بما تحقق في المونديال بالأقدام المغربية، سواء من عدم إذاعة خبر التأهل أو حذف اسم المغرب، إلا أن هذا السلوك الشاد انتقده كثيرون وسخروا منهم.