من أوجه اللعب بالأوراق العسكرية التي تبحثها الجزائر في منطقة المغرب العربي وفي علاقتها مع المغرب خاصة، هو محاولة استقطاب القرار الموريتاني عبر توظيف التعاون العسكري والأمني للأغراض السياسية، ذلك ما بدا جليا من استقبالها اللواء الداه محمد العاقب قائد الأكاديمية العسكرية الموريتانية لمختلف الأسلحة أمس الخميس، ولقائه مع اللواء سالمي باشا قائد الأكاديمية العسكرية الجزائرية بشرشال، ومناقشة رفع وتيرة التعاون العسكري بين موريتانياوالجزائر. زيارة المسؤول العسكري الموريتاني تأتي بعد أسابيع من اتفاق الجزائروموريتانيا على تعزيز تعاونهما العسكري والدفاعي في مجالات الطيران العسكري، وذلك في أعقاب زيارة أداها للجزائر قائد أركان سلاح الجو الموريتاني اللواء حمادي أعل مولود. وأجرى المسؤول العسكري الموريتاني مباحثات مع قائد أركان القوات الجوية الجزائرية اللواء محمود لعرابة، واطلع على مستوى التقدم التقني والمنهجي في عدد من المدارس العسكرية العليا لتكوين الطيارين ومهندسي الطيران والتقنيين في الجزائر. كما قام بزيارة منشآت عسكرية ذات طابع صناعي تختص بصناعة وصيانة وتجديد الطائرات والمروحيات التابعة للجيش الجوي الجزائري. وعلق الباحث في العلاقات الدولية عبد الحفيظ السعيدي، أن المعادلات العسكرية والسياسية في منطقة المغرب العربي عرفت تحولات عميقة خلال السنتين المنصرمتين أي منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره بالاعتراف بسيادة المغرب على كامل أراضيه جنوبا والتقارب المغربي الإسرائيلي، تحاول معه الجزائر خلق نوع من التوزن في ميزان القوى بالمنطقة من خلال تكثيف تعاونها العسكري مع موريتانيا. العلاقات العسكرية بين البلدين يلاحظ أنها ماضية في منحى تصاعدي نتيجة المصالح المشتركة؛ فكلا البلدين يقولان أنهما يخوضان حربًا على الجماعات المسلحة في الساحل؛ لكن حقيقة الجزائر ترى في التفوق المغربي على المستوى العسكري تهديدًا للأمن الإقليمي. وهنا يدفع النظام العسكري في الجزائر إلى تقارب بين الجزائر ونواكشط على هذا الصعيد، بدليل أن أياما قليلة من زيارة رئيس الأركان الموريتاني للجزائر؛ شرع الجيش الجزائري في إجراء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية بمنطقة قرب الحدود مع موريتانيا ومالي، تحت إشراف السعيد شنڨريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، ورغم تأكيد وزارة الدفاع الجزائرية أنّ تلك المناورات تدخل في إطار تحضير الجيش نفسه لحماية الحدود مع موريتانيا لكنها في حقيقة الأمر هي رسائل سياسية للمغرب. واعتبر في حديثه ل"الأيام 24″ أن موريتانياوالجزائر تشتركان في حدود برية تحفها بؤرة توتر بالغة الحساسية تشهد منذ أشهر تكرار الاشتباكات والقصف الجوي للطائرات المسيرة المغربية على من يقتحم المناطق العازلة، خاصة من طرف أفراد جبهة البوليساريو التي أعلنت انسحابها منذ اتفاقية وقف إطلاق مع المغرب. ويقابل التحركات العسكرية الجزائرية من خلال دعم جبهة البوليساريو، موقف محايد للجانب الموريتاني من النزاع الإقليمي المفتعل، وهنا يقع التضاد بين الموقفين إذ معروف أن الرباط ونواكشط رغم تباعد الرؤى في ملفات كثيرة إلى أن الموقف الموريتاني له خصوصية مغايرة في التعاطي مع النزاع المفتعل. وتعرض الجزائر تكوين الكوادر العسكرية الموريتانية في المدارس والأكاديميات العسكرية المتعددة الأسلحة في الجزائر، إمكانية توريد مَرْكبات وآليات عسكرية وذخيرة وغيرها تصنع في الجزائر لصالح الجيش الموريتاني. إضافة الى مجالات التعاون العسكري، تضع الجزائر منذ عام 2018 موريتانيا ضمن لائحة الدول التي تسعى إلى رفع مستويات التعاون السياسي والاقتصادي والأمني معها، خاصة منذ فتح معبر بري للمرة الأولى بين البلدين، ليكون معبراً تجارياً تمر منه المنتوجات الجزائرية إلى الأسواق الموريتانية ومنها إلى أفريقيا.