يبدو أن اتفاق التعاون العسكري الموقع نهاية نونبر الماضي بين المغرب وإسرائيل قلب كل الموازين، فالجار الشرقي متوجس من هذا الاتفاق ويرى أنه المعني الأول به، وإسبانيا في الشمال لا تنظر للأمر على أنه مجرد اتفاق عسكري طبيعي، خاصة وأن بعض التسريبات تقول إن الرباط وتل أبيب يعتزمان بناء قاعدة عسكرية في ضواحي مدينة الناظور، على بعد 20 كيلومترا من مدينة مليلية التي مازالت تحتلها إسبانيا، وعلى بعد 70 كيلومترا من الحدود الغربية للجزائر، وهو الأمر الذي لا يمكن للبلدين أن يتقبلاه بصدر رحب. في هذا الملف، سنحاول أن نكشف لقرائنا بعض ما رشح من تسريبات حول أسرار الاتفاق العسكري الموقع بين الرباط وتل أبيب، وكيف تستعد المملكة لاستقبال الخبرات الإسرائيلية في مجال صناعة الطائرات الحربية بدون طيار، وهو ما سيؤهل المملكة قريبا لأن تصبح واحدة من مصنعي أسلحة الجيلين الرابع والخامس، وسيقلب كل الموازين في المنطقة. كما سنقوم بجرد لنوع الأسلحة التي ستتوصل بها المملكة قريبا من شريك استثنائي بكل المقاييس.
لم تكن الطريق الرابطة بين مطار سلا ومدينة الرباط عادية يوم الثلاثاء 23 نونبر الماضي، ولم تكن كذلك في اليوم الذي تلاه، حيث عرفت عاصمة المملكة في ذلك اليوم تعزيزات أمنية مكثفة، يمكن للمواطن البسيط أن يلحظها، خاصة في منطقة حَسَّان، المحاذية للقصر الملكي، التي تحتضن مقر القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، وتعزيزات أخرى من «ليطا ماجور» إلى مقر وزارة الخارجية والتعاون الموجودة فوق هضبة مطلة على نهر أبي رقراق.
السبب في ذلك يعود إلى الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى المغرب، وموضوعها الأساس تقوية التعاون الأمني بين البلدين بعد عام على تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب، في زيارة هي الأولى من نوعها، حظيت بقراءات متعددة، وأخذت حجما أكبر من العادي، ولم ينظر إليها الكثيرون على كونها مجرد زيارة عادية، بسبب تزامنها مع ارتفاع حدة التوتر بين الرباطوالجزائر.
قبل قرابة سنة من الآن، زار المغرب مستشار الأمن القومي مائير بن شبات ثم وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، منذ استئناف العلاقات بين البلدين شهر دجنبر من السنة الماضية، لكنها المرة الأولى التي يقوم فيها وزير دفاع إسرائيلي بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية، وهي التي أعطت بعدا آخرا للعلاقات بين الرباط وتل أبيب. لم يكن أكثر المتفائلين يعتقدون أن المملكة الشريفة التي تترأس لجنة القدس ستبرم يوما اتفاقا عسكريا على هذا المستوى مع تل أبيب، غير أن الكثير من الأمور تغيرت والكثير من المياه جرت تحت جسر القطيعة، في عالم عربي لم يعد ينظر لتل أبيب بنفس نظرة الأمس، بمن فيهم الفلسطينيون أنفسهم، وهم على رأس الدول العربية التي لها علاقات رسمية مع إسرائيل، قبل أن تنضم إليهم مصر والأردن ثم الإماراتوالبحرين والسودان والمغرب.
عندما نُحلِّل بشكل أوسع، سنكتشف أن الحدث بشكل عام لا يمكن أن نحصره في لقاء جمع وزير الدفاع الإسرائيلي ومسؤولين مغاربة. فقبل هذا اللقاء بساعات، كان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة متواجدا في العاصمة الأمريكيةواشنطن، للقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مما يعني أن ما حدث الأسبوع الماضي، يمكن قراءته بكونه استمرارا للتفعيل الإجرائي للاتفاق الثلاثي الموقع ما بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية شهر دجنبر 2020. ومما يمكن أن نقرأه كذلك أن مزاعم تخلي إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن عن الاتفاق الذي بدأه سلفه دونالد ترامب، مجانبة للصواب.
نفس الاتجاه يذهب إليه الدكتور عبد الحق الصنايبي، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، وهو يتحدث ل»الأيام» ويقول: «… هذه الزيارة لا يمكن أن نعزلها عن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية ناصر بوريطة للولايات المتحدةالأمريكية ولقائه مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، وبالتالي فهذا يأتي في سياق التنزيل المادي للاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه السنة الماضية بين المغرب وإسرائيل وأمريكا».
فالمغرب – بحسب الصنايبي – ربط التطبيع مع إسرائيل باتفاقية ثلاثية ملزمة لجميع الأطراف، وهو ما يمكن أن نفهمه من نص البيان الختامي الموقع الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية المغربي ونظيره الأمريكي الذي تحدث عن عدة مواضيع على غرار الاستقرار الجهوي، والأمن، والتنمية، وضرورة ضمان الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا.
إسبانيا تراقب بصمت وحذر
ليست الجزائر لوحدها التي تتوجس من الاتفاق العسكري المغربي الإسرائيلي، فزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي للرباط، والتي خلفت ردود فعل علنية في الجزائر، كانت لها كذلك ردود صامتة على مستوى الخطاب الرسمي في مدريد، لكن هذا التوجس الإسباني يمكن أن نجد له تجليات في الصحف الإسبانية.
في هذا الصدد، تناولت وسائل الإعلام الإسبانية زيارة وزير الدفاع بيني غانتس بنوع من التحليل حول انعكاسات التحالف المغربي-الإسرائيلي على غرب البحر الأبيض المتوسط. ويبدو أن عدم وجود تعليق إسباني رسمي مرده إلى كون مدريد تعترف بإسرائيل منذ بداية الثمانينيات، عكس الجزائر المعروفة بمناكفاتها مع تل أبيب في خطابها الرسمي الموجه بالأساس إلى الداخل الجزائري.
في الجرائد الإسبانية يمكن أن نلحظ نوعا من الاهتمام الرسمي بما يجري على بعد كيلومترات قليلة من شواطئها، فعلى سبيل المثال تطرقت جريدة «إسبانيول» الشهيرة بإسهاب لاحتمال إقامة قاعدة عسكرية مغربية-إسرائيلية بالقرب من مدينة الناضور في الشمال الشرقي للمغرب، وهي المنطقة المتاخمة لمدينة مليلية المحتلة.
وبحسب الصحيفة فإن القاعدة العسكرية قد تبنى في منطقة «أفسو»، وهي جماعة قروية تابعة لقبيلة آيت بويحيى الريفية التي لا تبعد أيضا سوى بقرابة 70 كيلومتر فقط عن الحدود الجزائرية، وهو ما تنظر إليه الجزائر بدورها بالكثير من التخوف.
وتقول الصحيفة نقلا عن مصادرها الاستخباراتية، إن مشروع القاعدة العسكرية يفوق بكثير أهداف اتفاقيات أبراهام والتي يعد المغرب عضوا فيها، بعد أن وقع اتفاقا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيرة إلى أن التعاون بين المغرب وإسرائيل يتجاوز قضايا الأمن والدفاع ويشمل أيضا اتفاقا استخباراتيا.
المنظومة الدفاعية «بارك 8» وصناعة الطائرات بدون طيار
عندما حل بيني غانتس بالرباط، كان المغرب الرسمي متكتما بدرجة كبيرة على فحوى الاتفاقات التي سيتم توقيعها، غير أن تسريبات يمكن أن نقرأها في الإعلام الإسرائيلي، يمكن أن نفهم من خلالها بعضا من كواليس ما جرى وما تم التوقيع عليه.
صحف إسرائيلية نقلت على لسان المتحدث باسم مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، تأكيده أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الرباط وتل أبيب، يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي «يرسم الخطوط العريضة للتعاون العسكري بين البلدين». ليضيف أن هذه الزيارة تهدف إلى «وضع الحجر الأساس لإقامة علاقات أمنية مستقبلية بين إسرائيل والمغرب».
ويسترسل المسؤول ذاته قائلا: «كان لدينا بعض التعاون، لكننا سوف نعطيه طابعاً رسمياً الآن. إنه إعلان علني عن الشراكة بيننا»، مشيرا إلى الشراكة التي سبق وأن بدأت في العام 1993، قبل أن يتم قطعها بسبب الانتفاضة الفلسطينية الثانية سنة 2000 لتعود مجددا مع نهاية العام 2020.
وبحسب ما استقته «الأيام» من مصادرها، فاللقاء الأخير لوزير الدفاع الإسرائيلي مع كل من المفتش العام للقوات المسلحة الملكية الجنرال فاروق بلخير، وعبد اللطيف لودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، ووزير الخارجية ناصر بوريطة، والتي توجت بتوقيع مذكرة دفاع للتعاون في الصناعات العسكرية، ستُركّز بالأساس على أنظمة الدفاع الجوي التي تشتهر بها الصناعة الحربية الإسرائيلية، إذ تمتلك تل أبيب أفضل منظومات الصواريخ الدفاعية عبر العالم.
ورغم أن الجانب المغربي لم يكشف عن تفاصيل اتفاق التعاون هذا، فقد أشارت بعض التسريبات إلى أن لقاء بيني غانتس وعبد اللطيف لودي أسفر عن توقيع صفقات أسلحة بمئات الملايين من الدولارات، تلتزم عبرها إسرائيل بتزويد المغرب بأسلحة متطورة.
وتشمل الأسلحة المقتناة من الجانب المغربي طائرات بدون طيار، ورادارات شركة «إلتا» المتخصصة في الخدمات الدفاعية، إلى جانب نظام «سكاي لوك» المضاد للطائرات المُسيّرة، وكذا تطوير وتحسين مقاتلات «إف-5» الجوية المغربية.
ولعلّ أهم ما يميّز الصفقة العسكرية هو تزويد الرباط بالمنظومة الدفاعية «باراك-8» بمدى 140 كيلومترا ضد جميع الأهداف الجوية، تبعاً للمصدر ذاته، الذي لفت إلى أن هذه المنظومة مصمّمة للدفاع ضد أي نوع من التهديدات المحمولة جوا، بما يشمل الطائرات والمروحيات والصواريخ المضادة للسفن.
وبموجب هذا الاتفاق ستعمل إسرائيل على تطوير صناعة مغربية محلية لإنتاج طائرات بدون طيار، وهو ما من شأنه تعزيز قدرات القوات الجوية المغربية. وبهذه الطريقة، سيتمكن الإسرائيليون أيضا من إنتاج طائرات بدون طيار بكميات كبيرة وبثمن أقل بكثير في المغرب، ما سيسمح لهم بالتموقع جيدا في أسواق التصدير.
صفقات سابقة بطرف ثالث
شكل الاتفاق العسكري الأخير بين الرباط وتل أبيب فرصة للصحافة هنا وهناك، لتعود إلى بعض كواليس التسليح العسكري المغربي من طرف إسرائيل، فالأخيرة من الدول التي تملك آخر التكنولوجيات العسكرية وأكثرها تطورا.
وحتى قبل الاعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات بين البلدين، كان المغرب يتوفر على أسلحة إسرائيلية، رغم أنه لم يقم بشرائها بشكل مباشر من إسرائيل، حيث كانت في الغالب، بحسب مصادر ل»الأيام» تأتي عبر طرف ثالث يتوسط في العملية، وغالبا ما تكون بعض الدول الصديقة على غرار الإمارات العربية المتحدة، التي يعرف عنها شراؤها للسلاح الإسرائيلي، ثم تقوم ببيع بعضه إلى المغرب، كما فعلت كذلك مؤخرا بخصوص بعض الأسلحة الصينية التي زودت بها الرباط.
فالإمارات العربية المتحدة التي كانت أول دولة عربية توقع اتفاق «أبراهام»، سعت في وقت سابق إلى تحسين ترسانتها العسكرية، بالحصول على أسلحة من الجيل الخامس من تل أبيب، كما أن تطبيعها، شفع لها بالحصول كذلك على أسلحة أمريكية متطورة – بوساطة إسرائيلية – وافقت إدارة بايدن عليها، بقيمة 23 مليار دولار، وهو رقم كبير جدا، حيث حصلت مؤخرا على 50 طائرة من طراز «F-35» وغيرها من الأنظمة الدفاعية بقيمة 23 مليار دولار، وهو الأمر نفسه الذي سارت على نهجه دولة البحرين، التي عملت على شراء تكنولوجيا عسكرية متطوّرة من إسرائيل والولايات المتحدة.
المعطيات تشير إلى أن المغرب بدوره حصل في السابق على أسلحة تصنعها إسرائيل، والجميع يتذكر أنه في العام 2018، ظهرت لأول مرة أسلحة نارية إسرائيلية الصنع، خلال الاستعراض السنوي بمناسبة تخليد الذكرى ال62 لتأسيس الأمن الوطني، وهو ما أثار ردود بعض الجمعيات المغربية المناهضة لإسرائيل، بعدما ظهر موكب لقسم مجهز ببندقية الهجوم الإسرائيلية (IWI Tavor X95 9mm)، مما اعتبر آنذاك بأنه أول ظهور لهذه البندقية الشهيرة في استعراض عسكري علني لجيش من دول الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وكان ذلك قبل بداية موجة التطبيع العربي مع إسرائيل.
هذا الحدث خلف حينها الكثير من اللغط، خاصة في صحافة بعض الدول الأوروبية، التي سلطت الضوء على الموضوع، قبل أن تخرج المديرية العامة للأمن الوطني ببلاغها الشهير آنذاك وتوضح مجموعة من الأمور.
ومما قالته حينها أن «صفقة اقتناء تلك الأسلحة الوظيفية تم إبرامها مع شركة أوروبية متخصصة، وأن هذه الصفقة خضعت لأحكام ومقتضيات قانون الصفقات العمومية بالمغرب، وهو ما يدحض المزاعم التي ذهبت إلى وجود اتصال وتعاقد أمني مع شركات إسرائيلية»، بمعنى أن الأسلحة الإسرائيلية التي كان يتوفر عليها المغرب قبل التطبيع لم يحصل عليها بشكل مباشر من إسرائيل، ولكن تم عبر طرف ثالث.
وفي الأشهر الأخيرة، بدأ المغرب بشكل فعلي في تطوير مسيّرات «كاميكاز» الإسرائيلية من دون طيار، وهي المصممة لتدمير قواعد الدفاع الجوي وأنظمة الرادار، بعد أشهر من المفاوضات مع مجموعة الصناعات الجوية الإسرائيلية «IAI» المصنّعة لها في الأساس. وهو الذي سيتعزز اليوم في إطار التعاون الأمني المغربي الإسرائيلي.
وسط كل هذه الأحداث والاتصالات الجارية ما بين الرباط وتل أبيب وواشنطن، تبدو الجزائر غير مرتاحة لكل ما يحدث ومتوجسة مما يحصل، فهي تعتبر نفسها مستهدفة من هذا التحالف العسكري، الذي يعد الأول من نوعه الموقع ما بين إسرائيل ودولة عربية، خاصة أنه ينص على نقل تكنولوجيا التصنيع العسكري وبرامج الاستخبارات والتدريب المشترك ضمن ملفات أخرى جرى التوقيع عليها.
هذا التخوف والتوجس الجزائري يمكن أن نلمسه عندما نستمع على سبيل المثال لرئيس البرلمان الجزائري، صالح قجيل، الذي أورد في تصريحات في أعقاب مصادقة المجلس على ميزانية 2022، أن «الأعداء (يقصد المغرب) يتجندون أكثر فأكثر لعرقلة مسار الجزائر، واليوم – بحسب زعمه – الأمور أصبحت واضحة، لما نشاهد وزير دفاع الكيان الصهيوني يزور بلدا مجاورا بعدما زاره وزير خارجية هذا الكيان وهدد الجزائر من المغرب، ولم يكن هناك أي رد فعل من طرف الحكومة المغربية».
ويمكن أن نسمعه كذلك وهو يقول: «… لو كانت هذه الزيارة من طرف وزير سياحة أو اقتصاد للكيان الصهيوني، فقد يمكن تفسيرها على أنها تدخل في إطار علاقات كانت موجودة من قبل بين هذا البلد (المغرب) وإسرائيل، حتى ولو كانت مخفية، لكن عندما يتعلق الأمر بزيارة وزير دفاع هذا الكيان للمغرب فإن الجزائر هي المقصودة».
التخوف الجزائري الواضح للعيان من هذا التنسيق العسكري المغربي الإسرائيلي يمكن أن نلمسه كذلك في كلام السياسي عبد الوهاب بنزعيم، عن حزب «الجبهة الوطنية للتحرير»، الذي خرج في تصريح صحفي ليقول: «بهذا الاتفاق أصبح المغرب عدوا للجزائر.. نحن أمام عدو معلن، وعلى هذه القاعدة يجب التصرف ابتداء من الآن»، ليعود مجددا ليطالب بضرورة فرض التأشيرة على المغاربة.
الصحف الجزائرية بدورها لم تخل من تحليلات فيها الكثير من لغة التوجس والتخوف من هذا الاتفاق المغربي الإسرائيلي، فيمكن أن نقرأ في صحيفة «كل شيء عن الجزائر» الناطقة بالفرنسية، مقالا بعنوان «الاتفاق العسكري مع إسرائيل والحسابات الخاطئة للمغرب»، وفي معرض المقال التحليلي يقول كاتبه إن «مصر تقيم علاقات مع إسرائيل منذ أكثر من أربعين سنة، وقاربت العلاقة بين الأردن وإسرائيل الثلاثين سنة، لكن لا أحد منهما وقع اتفاقا عسكريا مع إسرائيل، وفعل المغرب ذلك في ظرف 11 شهرا بعد اتفاقيات أبراهام»، وفي كل مرة يبدو – حسب زعمه – أن الجزائر هي المعنية بهذا التعاون العسكري بين الرباط وتل أبيب.
وحتى إذا أردنا أن نستمع لبعض المحللين الجزائريين، ممن يوصفون بالعقلاء في تحليلاتهم، فيمكن على سبيل المثال أن نستمع لمقران حمدان، عند استضافته من طرف التلفزيون الإسرائيلي الرسمي «i24»، ويقول في تحليله المتوازن من زاوية نظر جزائرية أن «المتفق عليه بين روسيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة هو أن لا يكون هناك دولة أقوى من الأخرى، أي أن يكون هناك مبدأ في التوازن في القوى في شمال إفريقيا وألا تكون دولة أقوى من الأخرى».
ويتابع: «… لكن شهدنا مؤخرا نوعا من الشهية في الحصول على نوع من القوة من طرف الجانب المغربي، مما قد يؤدي إلى الإخلال بالتوازن، رغم أنه من حق الدولة المغربية أن تقوم باتفاقيات عسكرية وسياسية واقتصادية وهذا قرار سيادي يرجع لها».
ويستدرك: «لكن عقد اتفاقيات أمنية، وخاصة خلق قواعد أمنية عسكرية إسرائيلية بمباركة مغربية، فهي رسالة واضحة إلى الجزائر وإسبانيا، فالجزائر منزعجة كثيرا من هذا التعاون، ورسالة المغرب مفادها أننا تجاوزنا مرحلة الضعف ونحن الآن أقوياء ولا نخاف لا من إسبانيا ولا من الجزائر ولا من أي دولة أخرى». ويضيف: «… هذا قرار سيادي للمغرب، لكن على المملكة أن تتحمل عواقبه، هناك إضرار بالجارة إسبانيا، وعلى المغرب تحمل مسؤولية الإفراط في هذه الشهية».