غادر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس المغرب مساء الخميس في ختام زيارة غير مسبوقة إلى المملكة، تميزت بتوقيع الدولتين اتفاقا غير مسبوق للتعاون الأمني يعمق علاقاتهما، في خطوة أثارت غضبا في الجارة الجزائر. قبيل إقلاع طائرته نحو إسرائيل قال غانتس إن زيارته للمغرب التي استغرقت يومين، "أعطت دفعا قويا لأمن إسرائيل وعلاقاتها الخارجية". واستأنف البلدان علاقاتهما الدبلوماسية قبل عام في إطار اتفاق ثلاثي تعترف بموجبه الولاياتالمتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر. الأربعاء، وقع غانتس ونظيره المغربي عبد اللطيف لوديي مذكرة تفاهم تعزز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وتتيح خصوصا للمغرب اقتناء معدات إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة. وهي أول زيارة رسمية لوزير دفاع إسرائيلي إلى المملكة. يمكن الاتفاق الأمني أيضا من "نقل التكنولوجيا والتكوين وكذلك التعاون في مجال الصناعة الدفاعية"، بحسب ما أوضحت القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية المغربية. وهو الأول من نوعه بين إسرائيل ودولة عربية، وفق الجانب الإسرائيلي. الخميس أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي مباحثات مع مدير جهاز المخابرات الخارجية المغربي محمد ياسين المنصوري، بدون أن يعقبه إصدار أي بيان. وكان تباحث أمس مع مسؤولين عسكريين على رأسهم المفتش العام للقوات المسلحة الجنرال بلخير الفاروق، وكذلك وزير الخارجية ناصر بوريطة. "مستهدف" سبق أن أقام المغرب وإسرائيل علاقات دبلوماسية إثر توقيع اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية العام 1993، قبل أن تقطعها الرباط بسبب قمع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت عام 2000. لكن زيارة غانتس للرباط جاءت في سياق إقليمي متوتر مع إعلان الجزائر في غشت قطع علاقاتها مع الرباط بسبب "أعمال عدائية". وأعرب المغرب عن أسفه للقرار ورفض "مبرراته الزائفة". كذلك اعلنت جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء، قبل عام إنهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع العام 1991، وذلك ردا على عملية عسكرية مغربية لإبعاد مجموعة من عناصر الجبهة، كانوا يغلقون الطريق الوحيد المؤدي إلى موريتانيا المجاورة. واعتبر رئيس مجلس الأمة الجزائري صلاح قوجيل الخميس أن بلاده "هي المستهدفة" بزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمغرب. وقال في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الجزائرية إن "الاعداء يتجندون أكثر فأكثر لعرقلة مسار الجزائر". في وقت سابق هذا الشهر كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلن مقتل ثلاثة من مواطنيه في قصف نسب إلى المغرب استهدف شاحنتين في الصحراء. وأثار ذلك مخاوف من تصاعد التوتر بين البلدين اللذين تجمعهما علاقات متوترة منذ عقود، بسبب قضية الصحراء . وفيما لم يصدر أي رد رسمي من السلطات المغربية على هذه الاتهامات، كان مصدر مغربي قال لوكالة فرانس برس "إذا كانت الجزائر تريد الحرب فإن المغرب لا يريدها. المغرب لن ينجر إلى دوامة عنف تهز استقرار المنطقة". "إدانة" بعيدا عن الجزائر أعلنت حركة حماس الفلسطينية الأربعاء إدانتها زيارة "وزير الإرهاب الصهيوني غانتس للمغرب". وجددت دعوتها في تصريح للقيادي فيها إسماعيل رضوان "الأنظمة المطبعة مع العدو الصهيوني إلى قطع علاقاتها معه". يعتبر الفلسطينيون اتفاقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل "خيانة"، ويدعون إلى حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني قبل أي تقارب. لكن أربع دول عربية هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب طبعت علاقاتها مع إسرائيل العام الماضي، برعاية أميركية. وحاول نحو نحو خمسين ناشطا التظاهر الأربعاء قبالة مقر البرلمان وسط الرباط احتجاجا على "قدوم مجرم الحرب" غانتس، لكن قوات الأمن منعتهم من التجمع. والأسبوع المنصرم، دعت "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" التي تضم تيارات يسارية وإسلامية إلى تظاهرات عدة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر، مجددة تأكيدها "التصدي للتطبيع". تحظى القضية الفلسطينية تاريخيا بتعاطف كبير في المغرب غير أن تطبيع الرباط علاقاتها مع تل أبيب لم يثر رفضا قويا في المملكة، إذ يرتبط باعتراف الولاياتالمتحدة بسيادتها على الصحراء ، والتي تعد القضية الوطنية الأولى في المملكة. وكان الملك محمد السادس الذي يرأس لجنة القدس اعلن في عدة مناسبات بعد التطبيع مع إسرائيل استمرار دعم القضية الفلسطينية على أساس المفاوضات من أجل حل الدولتين. وينتظر أن يتوجه أكثر من 70 رجل أعمال مغربيا إلى إسرائيل بمناسبة افتتاح أول خط جوي مباشر بين الدارالبيضاء وتل أبيب في 12 ديسمبر، "لاستكشاف سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مجتمعي الأعمال المغربي والإسرائيلي"، وفق بيان لنقابة رجال الأعمال المغاربة. كما ينتظر أن يرفع البلدان مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما من مكتبي اتصال إلى سفارتين، بحسب ما أعلن وزيرا خارجيتيهما في غشت.