الحزب الحاكم في البرازيل: المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    جوائز الكاف: المغرب حاضر بقوة في الترشيحات لفئات السيدات        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    السلطات المحلية تداهم أوكار "الشيشا" في أكادير    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض        حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف وصل الرفاق إلى الحزب الاشتراكي «المشتت»
نشر في الأيام 24 يوم 16 - 07 - 2021


* زينب مركز
الرفاق يتصارعون، يختصمون في ما بينهم وهم على مرمى حجر من انتخابات 8 شتنبر. يبددون الرأسمال الرمزي الذي جمعوه بمشقة الأنفس، طوال المرحلة الفاصلة بين 2000 و2021.
يسار كورونا شكل ثان في لحظة حاسمة يوجد على كف عفريت، حزب صغير بمشاكل كبرى، زاد من حدتها ما اعتبر قرارا انفراديا للأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد بالتقدم للانتخابات خارج شعار "الرسالة"، فهل تضيء "الشمعة" درب رفاق نبيلة منيب للخروج من لحظة التيه الداخلي وتحقيق تقدم انتخابي؟ المراقبون لا يرون ذلك، لكن علينا أن ننتظر. وفي الطريق، نقودكم في رحلة مواكبة لما حدث ويحدث داخل شتات اليسار الذي لا يريد أن يترجل.
رحلة خطوة لم تؤدّ إلى الألف ميل
مسار طويل عبره الحزب الاشتراكي الموحد قبل أن يصبح على ما هو عليه اليوم، فقد ظل مثل حافلة، يصعد إليها الركاب في محطات حاسمة بحماس منقطع النظير ثم ينزلون منها أحيانا في المحطة الأولى. ليس لشدة ازدحام الركاب، ولكن للخيبات المتراكمة التي تجعل العديد منهم، يغادر حافلة اليسار يائسا أو محبطا، بلا مغانم ولا أحلام.
كان عبد الله إبراهيم يقول بعد نزوله من حافلة الكتلة الديمقراطية بعد شهور قليلة من ركوبها: «لا يمكنني أن أركب قطارا لا يوصلني إلى الوجهة التي أريد». لكن راكبي حافلة اليسار كانوا يتجمعون بأمل وحماس وحدوي كما حدث في ثلاث محطات أساسية: الأولى لحظة التحول من السرية إلى العلنية، يوم إعلان بنسعيد آيت يدر ورفاقه الطلاق مع منظمة 23 مارس وتأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي في بداية الثمانينات، والثانية في بداية الألفية الثالثة، حين أعلنت العديد من مكونات اليسار الجديد عن وحدة اندماجية نتج عنها اليسار الاشتراكي الموحد عام 2000، ثم الثالثة بإعلان اندماج مجموعة الوفاء للديمقراطية في قلب الحزب اليساري الذي نتج عنه الحزب الاشتراكي الموحد عام 2005. وكان متوقعا أن تقود خطوات اندماجية بين هذا الأخير وحزب الطليعة والمؤتمر الاتحادي إلى إعلان الميلاد الرسمي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، من تجمع ثلاثة أحزاب في حزب يساري مندمج، لكن العطب أصاب الحافلة في منتصف الطريق إلى الوحدة الاندماجية، وتفجر نقاش داخل الحزب المحوري في العملية الاندماجية بعد قرار لأمينته العامة بسحب جميع الترشيحات باسم الفيدرالية وإعلان حزبها تقدمها بمرشحها الخاص تحت شعار الشمعة بدل الرسالة. لكن راكبي حافلة اليسار لم ييأسوا وظلوا في كل مرة يحاولون ركوب الحافلة معتقدين أنها ستوصلهم إلى المحطة التي يريدون، حتى كاد البعض يقول بحسرة: «بئس الطالب والمطلوب»، لكن مع ذلك، ظل عناد العديد من الرفاق حتى ضد الوقائع يمنيهم بأن الآتي سيكون أجمل. انهارت القيم الاشتراكية في العالم، وتبدل وجه البسيطة بعد انكسار الطبقات والمنظمومات الإيديولوجية الكبرى في زمن معولم زاده وباء كورونا غموضا حول الشكل الذي سيكون عليه مستقبل عالم، وكانت الممارسات غير الديمقراطية وضعف الامتداد التنظيمي وغياب بنية استقبالية للوافدين الجدد، مما زاد الطين بلة، بانحسار الحزب الاشتراكي الموحد، مع «بلوكاج» غير مفهوم للوحدة الاندماجية، إذ أن سحب الترشيح باسم فيدرالية اليسار الديمقراطي، لا يعني سوى إلغاء كل ما تراكم منذ انتخابات 2007 حتى اليوم.
الرفاق يتشبثون بالفرقة في طريق الوحدة
في مقال سابق في مثل هذا اليوم من شهر يوليوز الماضي، كتبت في «الأيام»: «فجأة انفجر الصراع داخل الحزب الاشتراكي الموحد، بين الأمينة العامة نبيلة منيب التي توجد على رأس الحزب لما يقارب عقدا من الزمان، لكن طموحها بلا حدود في الأمانة العامة، وبين قياديين وأطر حزبية داخل الاشتراكي الموحد بل وحتى داخل فيدرالية اليسار الديمقراطي، المساندون لنبيلة منيب يرون أن رفيقتهم تتعرض لحملة ممنهجة، يوجد وراءها قائد أوركسترا، وأن منتقديها عاجزون عن مجاراة إيقاعها الحركي وعملها بتفان، فيما يبدو هؤلاء منزعجين من الخطاب «الشعبوي» المتزايد لنبيلة منيب ومن دكتاتورية ناعمة ضد معارضيها»، ويؤكدون أنها تعمل بشكل خارق فقط «لتأبيد نفسها وإقصاء معارضيها بشكل استبدادي.
بين لحظة كتابة هذه السطور وإعادة التذكير بها اليوم، دارت الكرة الأرضية حول نفسها 365 مرة، ودارت حول القمر أربع مرات، فيما رفاق نبيلة منيب ظلوا في مكانهم، كأن الزمن ما تغير. لم يحققوا وحدة اندماجية، ولا لملموا شملهم في إطار فيدرالية اليسار الديمقراطي، وزاد التباعد بين منيب ولعزيز أمين عام المؤتمر الاتحادي حد القطيعة، وانفرط شمل الحزب الاشتراكي الموحد حد التناقض الذي لا يشي بوجود أيام طيبة في المستقبل، بعد إعلان تيار داخله يجمع بين أحضانه رموزا قياديين وازنين عن أرضيتهم الأسبوع الأخير من الشهر الماضي تحت اسم «تيار اليسار الوحدوي» وهم فيما يبدو سائرون نحو القطيعة مع رفاق الدرب، فما الذي حدث بالضبط؟
الانتخابات تفرق الرفاق
على حين غرة، قررت الأمينة العامة سحب توقيع حزبها من التصريح المشترك الذي يضم ثلاثة أحزاب مكونة لفيدرالية اليسار الديمقراطي، القرار لم يكن إلا ليخلف حالة من الغضب وموجة من الانتقادات داخل وخارج الحزب الاشتراكي الموحد تكاد تعصف بوحدة الحزب وبطموح الاندماج بينه وبين حزب الطليعة والمؤتمر الاتحادي، فقد راسلت نبيلة منيب قياديي الحزبين لسحب ترشيحهما للانتخابات تحت غطاء فيدرالية اليسار ورمزه الانتخابي «الرسالة»، لتقرر خوض الانتخابات باسم الحزب الاشتراكي الموحد ورمز «الشمعة»، أي العودة إلى نقطة الصفر، ما قبل 2007 مع تحالف اليسار الديمقراطي و2014 مع إعلان ميلاد فيدرالية اليسار الديمقراطي.
هذا القرار الذي اعتبره قياديون داخل الحزب الاشتراكي الموحد ذاته، قرارا انفراديا، تم التمهيد له في وقت سابق حين أجمع المجلس الوطني للحزب في آخر اجتماع له، على تأجيل عملية الاندماج إلى حين إنضاج الشروط وبعد الانتخابات، وهو ما انتقده كل من حزب الطليعة وحزب المؤتمر الوطني، اللذين أكدا أنه ليس من حق مكون واحد أن يحدد التوقيت الملائم للاندماج دون التشاور مع باقي الأطراف.
ولكن مع ذلك، ولأجل إبراز حسن نية كل من حزبي الطليعة والمؤتمر، تقول مصادر جد مطلعة، أنه تمت مراسلة رفاق منيب، بإعطاء ضمانات وتعزيز الثقة بعدم عقد الحزب الاشتراكي الموحد لمؤتمره العادي وتحديد سقف زمني للاندماج، «لكن الأمينة العامة ومعها أغلبية نسبية داخل المكتب السياسي للحزب يقول القيادي كمال السعدي – رفضت عرض توصيات الهيئة التقريرية على المجلس الوطني الذي لم ينعقد إلى حدود الآن بعد أكثر من سنة ونصف عن آخر دورة. هذا الموقف عمق أزمة الثقة داخل الفيدرالية وحتى داخل الحزب وخاصة الأغلبية التي أوصلت نبيلة منيب إلى الأمانة العامة». الأغلبية المساندة لنبيلة منيب تؤكد أن على باقي الرفاق احترام الهيئة التنفيذية التي باركت قرار الأمينة العامة، لتدبير المرحلة الانتخابية، على اعتبار وجود إرهاصات لصراعات بين الأقطاب الثلاثة حول دوائر انتخابية محددة قد تضيع على الحزب الاشتراكي الموحد تعزيز حضوره السياسي وتحقيق نتائج مهمة في انتخابات 8 شتنبر 2021. يصرح عبد الوهاب البقالي: «لم تأخذ الرفيقة الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب أي قرار فردي للانسحاب، بل إن قرارا بأغلبية أعضاء مؤسسة المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، اتخذ بعرض اقتراح على مكونات فيدرالية اليسار لتقديم تصريح برمز الرسالة في الانتخابات المهنية فقط، مع ضرورة حل العديد من المشاكل التي اختلقها المكونان الحزبيان الآخران، في عدد من المدن بفاس ومكناس والبيضاء والرباط وغيرها. باتفاق مع تيار مجاهد والساسي، واقتنع الحزب بأن هناك محاولة فاشلة لقرصنته، فقام بتصحيح الأوضاع بتقديم هذا الاقتراح، الذي لم يرق لباقي المكونات التي ألفت مرونته في التعامل بحسن نية للبناء».
مجرد تأجيل الوحدة الاندماجية، جعل باقي المكونات تحس بغياب الأمان وانهيار منسوب الثقة في حليفهم الحزب الاشتراكي الموحد، الذي يتصرف بمنطق المحور القوي، وخارج الأجهزة التقريرية والتنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، بل تباعدت الرؤى بين مختلف مكونات الحزب الاشتراكي الموحد ذاته، الذي اضطر فيه تيار واسع لإعلان معارضته للقرارات التي عبرت عنها نبيلة منيب، والتي يصفونها «بالاستبدادية والإقصائية». وهكذا علمت «الأيام» من مصادر قيادية، أن مصطفى بوعزيز قام خلال رمضان الماضي بالتوسط بين الطرفين المتصارعين في محاولة لإذابة الجليد بينهما، لكن عملية الوساطة والصلح وصلت إلى الباب المسدود.
القوة الناعمة للتصفية
يوم 15 يونيو الماضي، خلال اجتماع الهيئة التنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي احتضنه المقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد بزنقة أكادير بالدار البيضاء، حدثت مشاحنات بين الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، والطبيب كمال السعدي عضو المكتب السياسي لنفس الحزب، الذي نفى أن يكون المكتب السياسي قد أصدر تعميما داخليا، تتناقض مضامينه مع قرار الهيئة التنفيذية للفيدرالية، القاضي باختيار اللوائح الانتخابية على مستوى اللجان المحلية ثم الإقليمية والجهوية. حيث شدد على أن التعميم لم يصدر عن المكتب السياسي، بل صدر عن الأمينة العامة للحزب، وهو ما أثار حفيظة نبيلة منيب التي صرخت في وجهه قائلة: «غادي نخلي دار بوك ألبليد» واتهمته بتخريب الحزب ومحاربتها. كان الأمر أشبه بالقشة التي قصمت ظهر البعير، فقد وصلت الأمور إلى الباب المسدود بين منيب وخصومها، فالأمينة العامة مسنودة بأغلبية المكتب السياسي التي تبدو طوع بنانها برأي معارضيها، ويقدمون الدليل بأن المكتب السياسي، صمت عن إدراج رسالة محمد بنسعيد آيت يدر التي أرسلها لمكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي في اجتماع قيادة الحزب، وحث فيها جميع الأطراف المشكلة لفيدرالية اليسار على الإسراع في وتيرة تحقيق الوحدة الاندماجية، وتأجل الأمر لأكثر من أربعة اجتماعات، من 23 مارس حتى شهر ماي، ولا يوجد أي اجتماع للمكتب السياسي اتخذ فيه قرار سحب الترشيح مع مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي والتقدم برمز الشمعة بدل الرسالة، وإنما يقول عضو بالمكتب السياسي ل»الأيام»: «تداولنا عرضا في رمز الحملة الانتخابية، بين الشمعة والرسالة، لكن لم يكن هناك أي قرار تم الاتفاق عليه في المكتب السياسي بالشكل الذي أعلنت عنه نبيلة منيب»، وهو ما ينفيه الرفاق المقربون للأمينة العامة للحزب، التي برغم استنفادها قانونيا فرص بقائها على رأس الحزب الاشتراكي الموحد، نجحت في تسييد نفسها وإبعاد منافسيها عن المكتب السياسي.
بدأت بالمستثمر كريم التازي الذي وجد نفسه خارج حلبة التنافس، ثم بالبرلماني عمر بلافريج الذي نجح في أن يمنح صوتا استثنائيا للحزب الاشتراكي الموحد في قبة البرلمان وفي الساحة الإعلامية يفوق حجم الحزب حقيقة، لكنه تحت الضغوط والحروب الصغرى وجد نفسه بعد عملية جراحية على القلب، يستقيل من السياسة كليا ويبتعد عن ترشيح نفسه رغم ضغوط رفاقه ومواطني دائرته الانتخابية الذين أنشأ معهم صلة تواصلية فريدة في التدبير النيابي.
تصدير مشاكل الحزب الموحد لفيدرالية اليسار
حواريو نبيلة منيب يتهمون معارضيها ب»محاولة تهريب الحزب الاشتراكي الموحد وقرصنته»، من خلال التنسيق خارج الهيئات التقريرية، ويوجهون أصابع الاتهام لمحمد مجاهد الأمين العام السابق للحزب ومحمد الساسي ومعهم محمد حفيظ، فاطمة الزهراء الشافعي، كمال السعدي، مصطفى مسداد وعبد اللطيف اليوسفي.. وغيرهم من قياديي الحزب الاشتراكي الموحد.
من جهة أخرى، علمنا أن الزعيم محمد بنسعيد آيت يدر لم يتفاعل إيجابيا مع الشكاوى التي رفعها أعضاء قياديون حول سلوك نبيلة منيب، وحتى حين التقاه قياديون من «تيار اليسار الوحدوي» الذي أعلن عن وجوده الأسبوع الماضي من خلال أرضية تتوفر «الأيام» على نسخة منها. ففي لقاء معه عبر بنسعيد آيت يدر عن نفوره من مبادرة الرفاق بإعلان تيار اليسار الموحد واعتبر الأمر بمثابة بلقنة للحزب وبادرة لتشتيته رغم النفس الوحدوي الذي عبرت عنه أرضية التيار، واستعداد أعضائها للنقد والنقد الذاتي، يقول مصدر «الأيام».
حملت الرسالة التي وجهها محمد بنسعيد آيت يدر لمكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي بمناسبة 23 مارس، نفسا وحدويا أحيى الآمال في الكثيرين، لذلك ساندها بقوة من سيطلقون على أنفسهم تيار اليسار الوحدوي. وقد جاء في الرسالة: «أتوجه في نفس الآن إلى باقي مكونات الفيدرالية – قيادة وقواعد – بنداء رفاقي للحرص على مزيد من تفهم بعضنا البعض، ودعم مجهودات اللجن المنكبة على تحضير الانتخابات المقبلة على مستويات المركز والجهات والفروع، والتعاون في ما يمكن أن يسهل التعاضد، والانصهار، والعمل المشترك باعتباره أساس بناء المستقبل بيسر وسهولة. وأنا مؤمن بأن فيدرالية اليسار ستكون لها كلمتها المتميزة في الانتخابات المقبلة». لكن السؤال المطروح هو لماذا لم يستجب مناصرو نبيلة منيب في الاجتماع الموالي لإطلاق رسالة بنسعيد لإدراجها في جدول اجتماع المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد رغم مطالبة الرفيقين مسداد واليوسفي؟ لا أحد من مقربي نبيلة منيب قبل الجواب بوضوح على سؤال «الأيام»، وحسب تفاعلات ما حدث خلال ذات الاجتماع، يبدو أن البعد الوحدوي قد يؤثر على المركز التنظيمي لبعض قياديي اليسار الاشتراكي الموحد، الذين يخافون على مناصبهم ومواقعهم من أي وحدة اندماجية، برغم الحديث عن غياب الشروط، ووضع حزبي المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الطليعة عراقيل في وجه الوحدة الاندماجية، وهو ما ظل ينفيه كل من الأمينين العامين لحزبي الطليعة والمؤتمر اللذين يتمسكان بخوض الانتخابات القادمة بشعار الرسالة وباسم فيدرالية اليسار وهو ما سيطرح مشاكل قانونية وصراعات إضافية بين المكونات الثلاثة.
بعد انطلاق عملية جمع التوقيعات على أرضية تيار اليسار الوحدوي، دعت نبيلة منيب إلى اجتماع كتاب الفروع يوم الأحد المنصرم، الخطوة اعتبرها مناهضوها غير شرعية، لأن اجتماع كتاب الفروع ليس هيئة تقريرية، ولكن لماذا لم تدع أغلبية المكتب السياسي إلى اجتماع المجلس الوطني؟ هل هو الخوف من عدم حصولها على موافقة أغلبية الهيئة التقريرية الأولى بعد المؤتمر، أم هو محاولة فرز بين الفروع التي مع الأمينة العامة للحزب وتلك التي تبدو معارضة لخياراتها؟
عبد الوهاب البقالي عضو المكتب السياسي للاشتراكي الموحد: أصبحت لحزبنا مناعة قوية ضد محاولات إسكات صوته
ظل الحزب الاشتراكي الموحد وفيا إلى آخر لحظة لتعاقداته مع مكونات الفيدرالية، بالرغم من الخسارات التنظيمية الكبرى لحزبنا بالنظر للأخطاء السياسية والتنظيمية التي يرتكبها حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والذي أعتبره نقابة وليس حزبا، بالنظر لغيابه الدائم عن الساحة السياسية واكتفاء أعضائه بالنشاط نقابيا فقط. وما انخراطهم في مشروع الفيدرالية سوى لبحثهم عن واجهة سياسية لقضاء مصالحهم النقابية الضيقة، وستلتقي ارادتهم مع إرادة التيار النقابي بالحزب الاشتراكي الموحد والذي يشكل أقلية، وحاولوا العمل على قرصنة الحزب والدفع به نحو المجهول والترويج لمغالطات كبرى، كما لو أن الأمينة العامة الرفيقة نبيلة منيب هي التي اتخذت قرار الانسحاب من التحالف الانتخابي، في حين أن القرار اتخذ بأغلبية أعضاء المكتب السياسي للحزب، وتم تكليف الأمينة العامة نبيلة منيب لتصريفه.
ما يقع بالحزب هو عدم قبول الأقلية بالديمقراطية وتشكيلهم لتيار يتزعمه الأمين العام السابق محمد مجاهد، والذي قاد الحزب لتسع سنوات وعرفت تجربته فشلا ذريعا وأصبح يعاني نفسيا من إشعاع الرفيقة نبيلة منيب. بالإضافة لمحمد الساسي والذي أصبح يلعب على وتر إعادة لم الأسرة الاتحادية ولو بالضغط على الحزب وإكراهه ضدا على إرادة المناضلين. إلا أن يقظة المناضلين وتشبثهم بالشرعية الديمقراطية وبمؤسساتهم المنتخبة،جعلهم يصححون الوضع ويعيدون للحزب الاشتراكي الموحد سيادته ويؤكدون على استقلالية قرارهم الحزبي.
تيار اليسار الوحدوي الذي تم تشكيله جاء بنية تخريبية، حيث يسارع مؤسسوه الزمن من أجل إيجاد موطئ قدم في الانتخابات المقبلة مع التيار النقابي المتمثل في حزب المؤتمر وحزب الطليعة، والغرض هو إحداث انشقاق في الحزب في محاولة يائسة لإضعافه ومحاولة محو خطه السياسي من المشهد السياسي المغربي. وأعتبر أنها محاولة يائسة وفاشلة، على أساس أن الحزب تعود المواجهة وأصبحت لديه مناعة قوية ضد المحاولات التي لن تنتهي لإسكات صوته في المشهد السياسي المغربي. فهناك محاولات متكررة تقوم بها جهات معينة مع إغراء بعض من أنهكهم الزمن ويحلمون بنصر سياسي ولو على شكل هبة ومنحة من تحت الطاولة.
ولعل طبيعة المرشحين للانتخابات المقبلة لهؤلاء سيكتشفها الرأي العام وسيقف على حقيقة ما يجري، وعلى طبيعة الصراع الذي خاضه مناضلو الاشتراكي الموحد من أجل الحفاظ على نظافة ونزاهة الحزب من كل الاختراقات ومن كل الصفقات السرية لإخراس صوته.
كمال السعيدي عضو المكتب السياسي للاشتراكي الموحد: الانسحاب عمليا هو تحلل من كل الالتزامات وبمثابة فك ارتباط
بدأت المشاكل داخل حزبنا عندما رفضت الأمينة العامة تقديم توصية صادرة عن الهيئة التقريرية للفيدرالية للتصويت عليها بالرفض أو بالقبول في أول دورة للمجلس الوطني، والتي تنص أساسا على الالتزام بعقد المؤتمر الاندماجي ضمن سقف زمني معقول لا يتجاوز سنة بعد الانتخابات.
كان من شأن التصويت على تلك التوصية داخل المجالس الوطنية للأحزاب الثلاثة، أن يقطع مع التردد وعدم وضوح الأفق الذي ظل يطبع مسار التحضير للاندماج، خاصة مع تلازم الحديث المتكرر عن الحاجة إلى إنضاج شروط الاندماج، مع العمل في نفس الوقت على عرقلة وتعطيل كل محاولات التقدم في سبيل هذا الإنضاج.
كما كان من شأن التصويت الإيجابي على تلك التوصية أن يؤكد على أن مسار الاندماج هو مسار جدي وضع أخيرا على سكته، وأن الجميع سيخوض المعركة الانتخابية بنفس وحدوي، على أمل استئناف التحضير بعد ذلك، وهو ما لم يحصل للأسف. وبالتالي أصبح تدبير التحضير المشترك للانتخابات يتم في أجواء من عدم الثقة وبدون تنازلات كما حصل في الماضي، وأصبح واضحا بأن توزيع اللوائح التشريعية الجهوية وبشكل خاص على مستوى جهة الدار البيضاء سيكون صعبا للغاية.
هذا هو السياق الذي تم فيه سحب اسم الحزب من طرف الأمينة العامة، من التصريح المشترك بدون العودة إلى المجلس الوطني الذي بقي معطلا لأكثر من سنة ونصف. وهو سحب أقل ما يمكن القول عنه إنه غير محسوب بشكل جيد وغير وحدوي ولا يحترم قوانين الحزب ولا الالتزامات التي تعاقدنا عليها في المؤتمر الوطني الرابع من خلال أرضية الأفق الجديد.
هذا السحب عمليا هو تحلل من كل الالتزامات وبمثابة فك ارتباط مع أحزاب فيدرالية اليسار على بعد أسابيع قليلة من المحطات الانتخابية، ويبدد كل المجهودات التي بذلت في سبيل تذليل الصعوبات سواء على صعيد الهيئات المحلية أو الجهوية أو الوطنية للفيدرالية.
بالإضافة إلى المشاكل التي عرفها الحزب في علاقته بالحلفاء، كانت هناك مشاكل أكبر على المستوى الداخلي تتعلق بطريقة تدبير الحزب من طرف الأمينة العامة، وبالديمقراطية الداخلية وبما يمكن وصفه بالتراجع الواضح عن مقررات الهيئات التقريرية، وبالتخلي عن مضامين أرضية الأفق الجديد الحائزة على 80% من أصوات المؤتمرين لفائدة أرضية أخرى حصلت على 16% لم يكن أعضاؤها متحمسين للاندماج.
وقد جاءت مبادرة تأسيس التيار الوحدوي بهدف إعادة الاعتبار لأرضية الأغلبية والارتقاء بالنقاش السياسي داخل الحزب والضغط الديمقراطي المشروع في اتجاه الالتزام بمقررات المؤتمر والمجالس الوطنية، لكن القيادة الحالية تعاملت للأسف بنوع من العدائية مع فكرة التيار حتى قبل أن يرى النور، واعتبرت أنه طرح في وقت غير مناسب!! وكأنها كانت تختار الوقت المناسب لعرقلة مشروع الاندماج والوقت المناسب لسحب اسم الحزب من التصريح المشترك!
لست مخولا للحديث باسم هذا التيار الجديد، خاصة وأنه لم تتح له الفرصة بعد للحصول على الصفة الرسمية من المجلس الوطني، ولكن رأيي أن الأمور تسارعت بعد عملية الانسحاب من التصريح المشترك يوم 29 يونيو 2021 من طرف الأمينة العامة. هذا التاريخ سيبقى شاهدا على حدث مؤسف غير وحدوي أربك صفوف الفيدرالية والحزب الاشتراكي الموحد، وأضاع على قطار الوحدة اليسارية فرصا ووقتا ثمينا. لكن هذا القطار لن يتوقف وهو ماض إلى الهدف الذي رسمناه جميعا وحصلنا لأجله على الضوء الأخضر من مؤتمراتنا الوطنية، ماض بفعل إصرار وتضحيات كل اليساريين الوحدويين المتواجدين في الأحزاب الثلاثة ومن المتعاطفين مع مشروعهم. ورغم أنني أعتبر أن ما وقع يوم 29 يونيو بمنزلة قرار خاطئ إلا أن قطار الوحدة سيبقى مفتوحا في وجه كل المناضلات والمناضلين في الحزب الاشتراكي الموحد الذي يزخر بطاقات وكفاءات هائلة، لأن تقديري أن اليساري الحقيقي لا يمكن أن ينحاز إلى الانعزالية والانطواء على الذات على حساب خيار الوحدة، وأن يفضل العيش في الماضي على صنع المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.