استنكر البرلمان العربي، في قرار أصدره عقب جلسة طارئة عقدت السبت الماضي بالقاهرة، للرد على قرار البرلمان الأوروبي، تدخل البرلمان الأوروبي وإصراره على إقحام نفسه في أزمة ثنائية بين المملكة المغربية ومملكة إسبانيا، يمكن حلها بالطرق الدبلوماسية والتفاوض الثنائي المباشر بين الدولتين. كما اجتمع عادل بن عبدالرحمن العسومي رئيس البرلمان العربي، بمكتب البرلمان العربي بالقاهرة، بسفير مملكة إسبانيا لدى جمهورية مصر العربية، حيث أبلغ رئيس البرلمان العربي سفير إسبانيا ، بموقف البرلمان العربي الرافض للتحركات الإسبانية ضد المغرب و بمضمون بيان البرلمانيين العرب.
وتمر العلاقات المغربية الاسبانية بأزمة غير مسبوقة، فجرتها استقبال هذه الأخيرة لابراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو إضافة إلى أزمة تدفق المهاجرين عبر سبتة.
فإلى أي مدى ستصل أزمة الرباط ومدريد بعد أن أخذت أبعادا إقليمية، وماهي دلالات القرارات البرلمانية العربية الاستثنائية المساندة للمغرب في هذه الأزمة.
حسن بلوان أستاذ العلاقات الدولية، قال في تصريح ل"الأيام24″، أن العلاقات المغربية الاسبانية ما زالت تمر بأوقات صعبة بعدما اتخذت أبعادا دولية واقليمية من خلال اقحام الاتحاد الاوربي من قبل اسبانيا، مما حتم على المغرب البحث عن خيارات وبدائل أخرى لمواجهة المناورات الاسبانية تمثلت في التوحه نحو عمقه العربي والافريقي.
وأوضح أنه في هذا السياق نجح المغرب في استصدار قرارين مهمين من البرلمانين العربي والافريقي يعلنان التضامن مع المملكة المغربية ويدعوان البرلمان الأوربي إلى عدم التدخل في أزمة ثنائية يمكن أن تحل بالحوار والطرق الدبلوماسية، منوهين في نفس الوقت بجهود المغرب في معالجة ظاهرة الهجرة العابرة للقارات.
وأضاف المحلل السياسي، أنه أمام التعنت الاسباني والمواقف الاستعلائية للاتحاد الاوربي انعقدت أول جلسة للبرلمان العربي نصرة للمملكة والتي خرجت بمجموعة من القرارات الحازمة والتوصيات المتقدمة المساندة للمغرب في مواجهة اسبانيا والاتحاد الاوربي، حيث تضامن البرلمان العربي بشكل مطلق مع المغرب وأعلن عن رفضه التام لمنطق الابتزاز الاوربي، كما طالب لأول مرة بفتح ملفي سبتة ومليلية المحتلتين والاشادة بالمبادرات الملكية في مقاربة ملف الهجرة.
ولم يكتف البرلمان العربي بذلك، يؤكد بلوان، بل أعلن بلغة شديدة وواضحة وقوفه التام مع المملكة المغربية في إجماع غير مسبوق حول قضية من القضايا العربية، وصلت حد تبليغ رسالة البيان العربي الصارم لسفير اسبانيا بمصر من قبل رئيس البرلمان العربي عادل العسومي.
وأكد المتخصص في العلاقات الدولية في حديثه للموقع، أن قرارات البرلمان العربي ومواقفه المشرفة شكلت انتصارا للمغرب ولمجهوداته الدبلوماسية رغم تحفظ ممتل البرلمان الجزائري إلا أن القرارات تم اعتمادها بالإجماع والتوافق المنسجم مع ميثاق جامعة الدول العربية.
في ذات السياق، أورد بلوان، أن أهمية هذه القرارات التي خرج بها البرلمان العربي تكمن في تمتين الصف الداخلي العربي، وهو دعوة صريحة لجميع الدول العربية لمواجهة التدخلات والاملاءات السافرة للدول الاوربية في القضايا العربية التي لا زالت تحن للماضي الاستعماري.
وبالتالي يوضح المحلل السياسي، فإنه في هذه الظروف حقق المغرب اختراقا بارزا ونجاحا مهما ستكون له 0ثار إيجابية على المدى القريب والمتوسط، سواء في علاقته مع الاتحاد الاوربي، أو في التعاطي مع المناورات الاسبانية.
وفي العموم ، يبرز الخبير في العلاقات الدولية، حسن بلوان، فإنه يمكن إجمال دلالات هذه القرارات البرلمانية العربية الاستثنائية المساندة للمغرب في النقاط التالية:
– تركيز التواجد المغربي في العمق العربي رغم محاولات الخصوم تقزيم هذا الدور، مما يؤكد مكانة المغرب لدى الدول والشعوب العربية وتأثيره الواضح في المحيط العربي.
– حملت قرارات البرلمان العربي رسائل واضحة وشديدة اللهجة للاتحاد الاوربي بأن المساس بالمغرب ومصالحه هو مساس بجميع الدول والشعوب العربية، ومن المؤكد أن مؤسسات التقييم السياسي داخل الاتحاد ستلتقط هذه الرسالة ولن تغامر بعلاقات متشعبة مع العالم العربي.
– الدعوة الى فتح ملفي سبتة ومليلية المحتلتين هو رفض عربي لمنطق الاستعلاء والاستعمار الذي لا زالت تتعامل به اسبانيا وبعض دول الاتحاد الاوربي، وهو رد مباشر على إشارة البرلمان الاوربي الى الحفاظ على الوضع الاستعماري للمدينتين.
– حرص البرلمان العربي على ترجمة هذه القرارات الى مبادرات فعلية ، من خلال اللقاء بين رئيس البرلمان العربي وسفير اسبانيا في مصر، مما يؤكد التزام المؤسسات العربية بالدفاع عن وحدة وسيادة المغرب على أراضيه ووحدته الترابية.
– ستزيد هذه القرارات القوية للبرلمان العربي من عزلة اسبانيا التي حاولت تدويل أزمة ثنائية مع جارها الجنوبي، ومن المؤكد أن الاتحاد الاوربية لن يغامر بعلاقاته الطيبة مع الدول العربية المؤثرة اقتصاديا (دول الخليج) وإقليما (المغرب ومصر) إرضاء للتصرفات الاستفزازية للحكومة الاسبانية المختلقة للنزاعات والمشاكل.