أنهت المملكة المغربية شهرين من التجاذبات والخلافات مع ألمانيا كانت مكتومة الصدى داخل القنوات الدبلوماسية، وأصدرت وزارة الشؤون الخارجية لأول مرة بلاغا يكشف الملفات الساخنة التي تسبت في أزمة بين البلدين، وأعلنت أن السفيرة زهور العلوي قد تم استدعاؤها للقدوم من برلين إلى الرباط لأجل التشاور. لكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن المتابعين لعلاقات المغرب مع الخارج، هو كيف اعترضت ألمانيا طريق المغرب وأصبحت سياستها الخارجية تركز على ملفات لم تكن من قبل مهتمة بها؟، فألمانيا التي تجر خلفها انتكاسة الحرب العالمية الثانية وتوقيع قادة جيشها على وثيقة الاستسلام ووجدت نفسها أمام واقع جديد حيث لم تجد مخرجا من عزلتها غير الصناعة والقوة الاقتصادية، بدأت تغيّر في السنوات الأخيرة من أسلوبها في التعامل مع الدول التي ترى مصلحتها في التشارك معها أو مزاحمتها.
ويرى المحلل السياسي كريم عايش في تصريح ل"الأيام24″ أنه "لم يكن متوقعا أن تتسارع وتيرة الأحداث الدبلوماسية بين المغرب والمانيا الى حد استدعاء السفيرة زهور العلوي وإصدار بيان أشبه ببيان الادانة والاحتجاج، الذي تميز بحدة لهجته وإشارته المقتضبة لحيثيات هذا التصعيد".
ويقول عايش إنه "وإن كان الموضوع يتضمن نقطا كثيرة مثيرة خاصة ما يتعلق باحتجاج المانيا ضد القرار الرئاسي الامريكي وهو ما كان مفاجأة بالنظر لبعد المانيا عن ملف الصحراء وغياب أي بعد او عمق استراتيجي لها وهي التي فقدت أي رغبات توسعية دبلوماسيا أو اقتصاديا منذ هزيمتها في الحرب العالمية وارتكنت إلى الصناعة والرفاه الاقتصادي".
ثم يضيف في حديثه ل"الأيام24″ أن هنالك إجماعا على "أن إجازة الرئيس الجزائري المرضية بأحد مصحاتها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأخرجت مواقف المانيا للعلن بعد أن كانت أولى هذه المواقف، إقصاء المغرب من مؤتمر برلين والذي كان مرحلة إضافية على مستوى آخر لاتفاق الصخيرات ، هذا الاتفاق الذي مكن من جلوس كل الاطراف حول طاولة واحدة وبداية المفاوضات الفعلية لإقرار خارطة طريق لإنهاء الحرب بليبيا".
ويتابع قائلا إن "المسألة التي فهمت من البلاغ المغربي بكون سرية التعاون وعناصر صارت مكشوفة تقدم احتمال تمرير هذه المعلومات لجهات معادية غير أهل بالجدية والثقة كالاستخبارات الجزائرية، أو تمكين اطراف غير أمنية منها وبالتالي تعريض أشخاص ومكاتب والأمن القومي ربما للخطر، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه خاصة اذا كانت حرب العالم على الارهاب تتم بتنسيق امريكي على مستوى عالمي، مما يعزز الطرح القائل بتحول ألمانيا الى خصم معاكس للسياسات الأمريكية وكيف لا وقد شكلت مواجهات ميركل وترامب حديث الخبراء و نقمة الولاياتالمتحدةالامريكية من صفقة انبوب الغاز نورستريم اثنان بينها وروسيا وعدم تفاهمها والولاياتالمتحدة بخصوص توسيع حلف شمال الاطلسي والتنسيق الامني والاستخباراتي مع الولاياتالمتحدة خاصة بعد انكشاف امر تجسس وكالة الاستخبارات الامريكية على مكالمات ميركل".